مثلما كان متوقعا، حظيت زيارة الرئيس التونسي إلى مصر باهتمام كبير داخل تونس، وكان الهجوم الإخواني السياسي والإلكتروني جزءا منه.
وبدأ سعيد، الجمعة، زيارة رسمية إلى مصر تستمر 3 أيام، هي الأولى له منذ توليه منصبه في أكتوبر 2019.
وقالت الرئاسة التونسية في بيان رسمي إن الزيارة "تندرج في إطار ربط جسور التواصل وترسيخ سنة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، فضلا عن إرساء رؤى وتصورات جديدة تعزز مسار التعاون المتميز القائم بين تونس ومصر بما يُلبّي التطلعات المشروعة للشعبين الشقيقين في الاستقرار والنماء".
في المقابل، شنت الصفحات المقربة من حركة النهضة الإخوانية، على الشبكات الإجتماعية، هجوما حادا على قيس سعيد بسبب الزيارة، في سياق هجوم واسع ضده يجري منذ شهور بسبب توتر علاقته بالحركة ورئيسها راشد الغنوشي.
ولم يتوقف الهجوم ضد سعيد عند شبكات التواصل الإجتماعي، حيث ندد الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي بالزيارة واعتبر أن قيس سعيد لم يعد يمثله بعد أن زار القاهرة.
وقال المرزوقي، المقرب من الحركة الإخوانية، على صفحته الرسمية: "سعيد لا يمثل الثورة التي سمحت له بالوصول للسلطة، ولا يمثل استقلال تونس، ووحدة دولتها ومصالحها وقيمها".
ويفسر الكاتب والباحث التونسي، أنس الشابي، هذا الهجوم الإخواني، بالموقف العام للجماعة من النظام السياسي في مصر، حيث خسرت الجماعة أكبر قاعد حكم ونشاط في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013.
ويقول الشابي في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية": "لم تصدر بيانات رسمية من حركة النهضة حول زيارة الرئيس إلى مصر، إلا أن شخصيات مقربة منها وصفحات تابعة لها عبرت عن موقف واضح، بوصف قيس سعيد اليوم أحد أبرز خصوم أو أعداء الحركة داخل تونس".
وأضاف الشابي: "كما يكنّ الفرع التونسي للإخوان عداوة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي حرم بتحركه في 2013 الجماعة الأم في مصر من السيطرة على أكبر بلد عربي، والذي كان في مشروع الجماعة سيشكل قاعدة انطلاق للسيطرة على بقية الدول العربية".
زيارة هامة
وتأتي زيارة الرئيس التونسي إلى القاهرة في سياق إقليمي حساس، حيث تخوض مصر جولة جديدة من العمل الديبلوماسي لدعم موقفها في قضية سد النهضة مع إثيوبيا، وكذلك ترتيب الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، في أعقاب الاتفاق الذي أنهى الصراع بين الفرقاء في طرابلس.
وفي هذا السياق، يقول الصحافي والمحلل السياسي التونسي عبد الستار العايدي، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "أعتقد أن عضوية تونس غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، بوصفها الدولة العربية الوحيدة حالياً، يمكن أن تدعم كثيراً العمل الديبلوماسي المصري في حشد التأييد الدولي في قضية سد النهضة ضد أثيوبيا، مع أن تونس قد عبرت في أكثر من مرة عن دعمها لحقوق الشعب المصري التاريخية في مياه النيل".
والثلاثاء، انتهت جولة مفاوضات استمرت على مدار يومين بين الدول الثلاث بدون إيجاد تسوية بعد اجتماعهم في كينشاسا برعاية رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الإفريقي منذ فبراير الماضي.
من جهته، وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال فعالية افتتاح أحد المشروعات الأربعاء الماضي، رسالة مماثلة إلى إثيوبيا، وقال "نقول للأشقاء في إثيوبيا أفضل ألا نصل إلى مرحلة المساس بنقطة مياه من مصر لأن الخيارات كلها مفتوحة".
ومنذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة الذي تبنيه أديس أبابا ليصبح أكبر مصدر لتوليد للطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاوات.
وأضاف العايدي:" كما سيكون الملف الليبي الذي يشترك فيها البلدان باعتبارهما على الحدود مع ليبيا، حاضراً بقوة خلال المحادثات، من ناحية التنسيق الأمني والسياسي لدعم الحكومة الليبية الجديدة، حيث يشكل استقرار ليبيا رافعة تنموية واقتصادية لتونس والقاهرة على حد السواء، من ناحية التبادل التجاري واليد العاملة".
ويرى العايدي أن الصراع الذي يخوضه قيس سعدي داخلياً مع الإخوان لن يكون بعيداً عن الزيارة التي يؤديها إلى مصر، فمن حيث الرمزية تعتبر زيارته التزاما واضحا للسير في طريق معاكس للحركة الإخوانية، باعتبار أن النظام السياسي في مصر من أكثر الأنظمة جذرية في التعامل مع الإخوان.
وكان الرئيس التونسي قد صرح قبل مغادرته نحو القاهرة، خلال موكب الاحتفال بعيد الشهداء، أمس الجمعة، أن "تونس بحاجة إلى برلمان وطني محترم ووزارة كاملة مسؤولة "، في إشارة لرئيس البرلمان راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي. كما رفض قبل أسبوع المصادقة على قانون المحكمة الدستورية، بعد أيام من تعديلات أجرتها الأغلبية البرلمانية بقيادة حركة النهضة.