كشف مصدر أمني ليبي لـ"سكاي نيوز عربية"، عن تعرض وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية خالد التيجاني مازن، لتهديدات وضغوط كبيرة خلال الأيام الماضية لإقرار خطة وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا، الخاصة بـ"دمج" الميليشيات في المؤسسة الأمنية.
وأوضح المصدر الأمني، أن التيجاني أراد إلغاء الخطة، لكنه لم يتمكن بسبب "التهديدات" التي تعرض لها من قادة المجموعات المسلحة في المنطقة الغربية، حيث تقرر تخريج 300 عنصر من الميليشيات ضمن الجهاز الشرطي الأسبوع المقبل.
دفعة الميليشيات
ولفت المصدر إلى أن هؤلاء الأفراد سيتخرجون برتبة "ملازم أول"، مثلما حدث مطلع الشهر الجاري، حين أعلن تخريج دفعة لما يسمي بـ"القوات المساندة" في العاصمة طرابلس، متابعا أن من بين هؤلاء العناصر مطلوب للعدالة في 16 قضية جنائية.
وكشف عن أن قيادات أمنية ليبية، دعت التيجاني إلى طلب تغيير مقر الوزارة ونقله لمدينة سرت المؤمنة من قبل الجيش الوطني الليبي، وهناك يمكن أن يباشر أعماله "دون أن يخشى على حياته" في ظل التهديدات التي تمثلها المجموعات المسلحة.
وفي 14 سبتمبر العام الماضي، أصدر باشاغا قرارا حمل رقم 1508 للعام 2020، والذي ينص على "تشكيل لجنة تتولى وضع آلية وبرنامج لدمج وتأهيل المجموعات المسلحة والمقاتلين في وزارة الداخلية".
وحسب القرار: "ستضع اللجنة قاعدة بيانات يتم من خلالها تصنيف المستهدفين بالدمج إلى ثلاثة فئات بألوان الأخضر والأصفر والأحمر، على أن تدمج وتأهل الفئتين ذات اللون الأخضر والأصفر، تفكك الفئة ذات اللون الأحمر".
وحذر مراقبون، في حينه، من استهداف باشاغا بهذا القرار، الذي تم بالتفاهم مع إحدى الدول الكبرى، أن يبقي على الميليشيات الموالية له، بينما سيفكك المجموعات المسلحة المتنازعة معه بالمنطقة الغربية، كما يأتي استمرار الخطة في سياق إعلان رجل مصراتة القوي مؤخرا نيته الترشح في الانتخابات المزمع إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل.
لوبي خارجي
لكن الأمر لا يتوقف عند الضغوط المحلية، كما يشرح المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، الذي أكد أن هناك "لوبي" دولي يرفض مبدأ نزع سلاح الميليشيات وتفكيكها من أصله، ويضغط على حكومة الوحدة الوطنية في هذا الاتجاه.
وأضاف عقيل في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، أن هذا اللوبي يسعى إلى "إعادة قولبة الميليشيات ضمن ذات كياناتهم القائمة، وإيجاد صيغة تنظيمية للتخفيف من جرائمهم بحق المواطنين والسلطة والمال العام، مقابل الإبقاء عليهم كأدوات، بل كقنبلة موقوتة يمكن تفجيرها متى أراد هذا الطرف إعادة البلاد إلى مربع العنف والفوضى، وكلما شعر بتراجع مصالحه في ليبيا، أو بروز خطر ضده".
وتابع: "يعلمون يقينا أن التخلص من المليشيات وعودة سيادة الدولة كامله سيعيق تحقيق مصالحهم المعنية، وخاصة تواجدهم العسكري الدائم، ولا يمكنهم المغامرة باستبدال أمراء الحرب بجيش وشرطه نظاميين، وقيادات عسكريه وأمنية محترفة تمارس عليهم الندية".
تركة "باشاغا"
وسبق أن كشفت مصادر ليبية خاصة عن خطة وضعها التيجاني لإعادة هيكلة وزارة الداخلية، عبر إزاحة القيادات الموالية لباشاغا، إذ ألغى قرار الأخير الخاص بتكليف محمد المداغي بمهام مساعد وكيل وزارة الداخلية للشؤون الأمنية.
وأضافت المصادر أن الوزارة شهدت تكليفات جديدة لعدد من الضباط، في مواقع قيادية بالمديريات والإدارات المختلفة، التي راعى فيها تفاهمات مسار الحل السياسي في البلاد، خصوصا مسألة التمثيل العادل للأقاليم الثلاثة: طرابلس وبرقة وفزان، في المناصب.
والمداغي هو رجل باشاغا، الذي سبق أن قاد المجموعات المسلحة الموالية له، التي انتشرت في مدن الساحل الغربي بعد سقوطها في يد الميليشيات في 13 أبريل عام 2020، إثر هجمات ضد الجيش الوطني الليبي في تلك المناطق، استخدم خلالها طائرات مسيرة تركية بشكل واسع.