تشهد الساحة السياسية في ليبيا حالة من الترقب، بعد دعوة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيش، أعضاء اللجنة القانونية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، لصياغة مقترحات بشأن الإطار الدستوري للانتخابات المقرر عقدها في 24 ديسمبر المقبل، وهو ما اعتبره البرلمان الليبي تدخلا في صلب اختصاصاته.

وعقدت اللجنة أولى اجتماعاتها في تونس، الأربعاء، حيث كلفها يان كوبيش بأن يكون الإطار الدستوري جاهزا بحلول يوليو، استجابة لطلب رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السائح.

"تذمر" أعضاء بالبرلمان

لكن هذه الخطوة أثارت حفيظة عدد من أعضاء مجلس النواب، حسبما كشفت مصادر برلمانية لـ"سكاي نيوز عربية"، إذ رأوا أن الأمر يشكل "تجاوزا" لصلاحيات المجلس، الذي تمكن أخيرا من الانعقاد مكتملا.

وأشارت إلى أن مجلس النواب تمكن من منح الثقة إلى السلطة الجديدة، ممثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، ويسير بخطى ثابتة في حسم ملفات المرحلة الانتقالية، خصوصا ما يتعلق بتوزيع المناصب السيادية وإقرار الميزانية العامة، وهو المخول كسلطة تشريعية لوضع الإطار الدستوري للانتخابات.

ولم يتم التوافق بشأن عقد جلسة لتناول هذه المسألة، وفق المصادر التي رجحت أن يدعو إليها رئيس المجلس، المستشار عقيلة صالح قريبا.

أخبار ذات صلة

ليبيا على مفترق المسار الدستوري.. استفتاء أم انتخابات؟
"لجنة ديسمبر".. مبادرة لإزالة العراقيل أمام انتخابات ليبيا
ليبيا.. هيئة مجلس النواب تجتمع لتوحيد برلماني طبرق وطرابلس

"لا تعارض بين الجهتين"

ويرى المحلل السياسي الليبي عبد الرحيم الجنجان، أن ما خلق المشكلة الدستورية الحالية هي "مسودة مشروع الدستور الذي أعد بصبغة إخوانية، ورفض الشعب الليبي الاستفتاء عليها"، لافتا إلى أنه لا بد حاليا من "الخروج من هذا المأزق، عبر اعتماد قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات".

ومشروع الدستور وضعته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي في 29 يوليو 2017، بمدينة البيضاء، وينص على إجراء دستور دائم للبلاد.

وهنا لا يجد الجنجان، في حديثه إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، تعارضا بين استمرار البرلمان في عمله، وأداء اللجنة القانونية مهمتها في تحديد تلك القاعدة.

وأضاف: "الشعب في أمس الحاجة لانتخاب رئيس يرتضيه، يسبقه دستور ولو كان مؤقتا، يعطي الوجه الحقيقي لتوجه الدولة، والشكل السياسي الملائم لطبيعة أقاليمها".

وتساءل: "لماذا لا يتم تعديل دستور الاستقلال للدولة الليبية (في عهد الملكية)؟، وهو من أفضل الدساتير في العالم، إلا إذا كان هناك من يريد الفوضى ويمنع هذا، وهم الإخوان الذين يريدون فرض مسودتهم".

وتابع: "لو أجري استفتاء لاكتشف الجميع أن الشعب يريد هذا الدستور، مع إضفاء بعض التعديلات عليه"، مشددا على أن "إجراء الانتخابات في موعدها المحدد استحقاق شعبي، وأي تأخير فيه خيانة للأمة الليبية".

ويتردد صدى هذا الاقتراح كثيرا مع اشتداد الخلاف حول الموعد اللازم لإنجاز الدستور الجديد للبلاد، فيما يرى رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، عماد السائح، أنه إذا لم يسمح الوقت بإنجاز الدستور الدائم أولا، فيمكن عقد الانتخابات وفق قاعدة دستورية تتفق عليها الأطراف السياسية، تتضمن تعديل المادة (30) من الإعلان الدستوري المؤقت، الصادر في 3 أغسطس 2011، لتعطي الشرعية الدستورية للانتخابات.

وطلب تعديل هذه المادة لأنها تنص على "فقدان مشروع الدستور ثقة الشعب، في حال لم ينل أغلبية ثلثي الأصوات الصحيحة للمقترعين في الدوائر الثلاث (برقة وفزان وطرابلس)".

ومع اقتراب موعد الانتخابات، تتزايد المطالب بطرد المرتزقة الأجانب، إلى جانب الشركات الأمنية الأجنبية من ليبيا، فإجراء التصويت على الدستور أو الانتخابات في ظل وجودها، يهدد سلامتها وسلامة الناخبين.

أخبار ذات صلة

رئيس الحكومة الليبية يتسلم مهام منصبه ويؤكد على الإصلاحات
دبيبة يقترب من عش الدبابير.. ماذا حمل القرار الحكومي الأول؟

"حل للمأزق الدستوري"

وسبق أن أطلقت مؤسسة "سلفيوم" للدراسات والأبحاث، مبادرة سياسية لـ"إزالة العراقيل" أمام الوصول لانتخابات عامة في 24 ديسمبر.

واقترح رئيس المؤسسة، جمال شلوف، تشكيل لجنة تحت مسمى "لجنة ديسمبر"، تيمنا بموعد الانتخابات، تضم "قامات قانونية لبحث الخروج من الأزمة الدستورية الحالية".

وبحسب شلوف، في حديثه إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، فإن هذه اللجنة ستكون إعادة إنتاج لفكرة "لجنة فبراير"، التي تمكنت من إنهاء الأزمة الدستورية عام 2014، وأنتجت التعديل السابع للإعلان الدستوري، وقانون انتخاب مجلس النواب، الذي أوصل البلاد إلى إجراء انتخابات نواب البرلمان في يوليو 2014.

وتختلف الهيئات والأحزاب والتكتلات في ليبيا حول ما إن كان الدستور يأتي أولا، أم الانتخابات، وهو ما كشفته مباحثات المشاركين في اجتماعات الجولة الثالثة للمسار الدستوري في مدينة الغردقة المصرية فبراير الماضي، وردود الفعل عليها. وكان قد شارك فيها وفدا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة.

فكثير من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، يرون أن الواجب صياغة الدستور الدائم، وعلى مهل، والاستفتاء عليه ليشكل قاعدة متفق عليها لإجراء الانتخابات، التي لا يرون أنه واجب حتمي إجراءها في ديسمبر.

فيما يرى آخرون أنه إن كان الوقت المحدد للانتخابات في ديسمبر، فلن يكفي للانتهاء من وضع الدستور الدائم، وبالتالي "لا مانع من إجراء الانتخابات أولا وفق إطار دستوري مؤقت، وبعدها يجري الانتهاء من صياغة الدستور والاستفتاء عليه".

وسبق أن قال المتحدث باسم مجلس النواب عبد الله بليحق، في تصريحات سابقة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن المشاركين في محادثات الغردقة أكدوا "صعوبة إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور"، موضحا أن "عملية الاستفتاء تتطلب إجراءات تأخذ وقتا أكثر من المتبقي حتى الانتخابات".

ولفت إلى أنه في حال التوافق على الاستفتاء أولا، ستحتاج المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى 7 أشهر للاستعداد، معتبرا أنه إذا رفض الشعب مشروع الدستور "ستطول الإجراءات لما بعد موعد عقد الانتخابات، مما يعني تأجيلها إلى موعد لاحق".