يسعى حزبان كبيران معارضان في المغرب إلى تعزيز حظوظهما في منطقة زراعة القنب الهندي في المنطقة الشمالية من البلاد ذات الكثافة السكانية العالية، وسط جدل حول توظيف "القوننة" لأجل إحراز مكاسب سياسية.

ويفرض حزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وجهة نظرهما بشأن موضوع تقنين زراعة القنب الهندي في المنطقة، قبيل أشهر فقط من الانتخابات المحلية والتشريعية.

وقامت فروع الحزبين بمنطقة الشمال، بتنظيم لقاءات تواصلية مع السكان من أجل تقريب مضامين مشروع قانون زراعة القنب الهندي، وهي الخطوات التي اعتبرها مراقبون استخداما لهذا الملف كورقة انتخابية لاستقطاب ناخبين جدد.

ويقول كل من حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال، إنه كان سباقا إلى إثارة موضوع تقنين القنب الهندي، إذ سارع فريق حزب الاستقلال إلى طرح مشروع التقنين بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) قبل سنوات، في حين طرح فريق الأصالة والمعاصرة بدوره مشروعا مشابها في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان) بخصوص تقنين زراعة القنب الهندي.

وبلغ التّنافس بين هذين الحزبين مستوى كبيرا، حينما طالبا معا بضرورة إقرار عفو عام عن مزارعي القنب الهندي، والذي يقدّر عددهم ما بين 48 ألف مواطن و68 ألف مبحوث عنهم أو متابعين بناء على "جريمة" زراعة القنب الهندي، أغلبهم بناء على شكايات كيدية.

ترويج انتخابي للحزبين

يرى شريف أدرداك، الناشط المحلي، أن "موضوع قوننة القنب الهندي في منطقة الشمال يطفو على السطح كلما اقتربت الانتخابات"، مشددا على أن حزبي الاستقلال والأصالة المعاصرة "يستخدمان موضوع القوننة من أجل الترويج لهما على أساس أنهما مدافعان عن المزارعين بهدف كسب أصوات انتخابية".

وأوضح الناشط المحلي، في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية، أنه "لو كان هم الحزبين هو فعلا تقنين زراعة القنب الهندي والمزارعين، لقدَّما مشروع قانون موحّد مشترك".

ويشير شريف أدرداك، الناشط المحلي، أن "حزب الاستقلال يعدّ من أقدم الأحزاب المغربية، وعادي جدا أن يتواجد في منطقة زراعة القنب الهندي شمال المغرب".

لكن حضور هذا الحزب "يخضع لمدّ وجزر بحسب السياقات المحلية والوطنية، وأيضا بحسب تواجد بعض الأعيان وأصحاب النفوذ بالمنطقة، ويتعلق الأمر بالنفوذ المالي وليس الاجتماعي كما كان من قبل"، يضيف الناشط المحلي.

أما بالنسبة لحزب الأصالة المعاصرة، "وإن كان حزبا فتيّا إلا أن تواجده بالمنطقة مرتبط بأعضائه الذين ينحدرون من المنطقة، واستطاع أن يُسيّر الكثير من الجماعات بهذه المنطقة"، يقول المتحدث نفسه.

من جانبه، أبرز محمد شقير، الأكاديمي والمحلل السياسي، أن حزب الاستقلال فقد شعبيته بين ساكنة المنطقة منذ أحداث 1958 الذي كان من أسبابها اتهام الحزب بالهيمنة وسوء تدبير أطره لتسيير المنطقة، في حين أن حزب الأصالة والمعاصرة اعتمد على بعض الشخصيات من أبناء المنطقة لتواجده بها، لكن أحداث الريف أظهرت ضعف التواصل بين هذا الحزب وشباب المنطقة".

القوننة ورقة انتخابية

غير أن زراعة القنب الهندي التي تُميّز المنطقة، "يشكل رهانا انتخابيا وسياسيا لكل من حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة، إذ يدّعي كل واحد منهما بأنه المدافع الشرس عن هذا الملف وايصاله لدواليب القرار الحكومي والدفاع عنه في البرلمان خاصة في مواجهة حزب العدالة والتنمية المعارض لمشروع قانون تقنين القنب الهندي"، يؤكد محمد شقير، في تصريحه لموقع سكاي نيوز عربية.

في هذا السياق، يعتقد عبد المنعم لزعر، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن "الاستثمار في ملف تقنين القنب الهندي ومراهنة حزب معين عليه كورقة انتخابية، ليس فقط الحصول على أصوات النّاخبين بل قد يكون هدفه كذلك هو التأثير سلبا على أصوات منافسيه باستبعاد عيّنة من الناخبين المُعارضين لهذا التقنين".

وأوضح أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري، أنه "عندما نعود إلى تاريخ تشكّل الأفكار السياسية حول موضوع زراعة القنب الهندي، يلاحظ أن هناك اتجاه معارض مُمثّل أساسا في حزب العدالة والتنمية (إسلامي يقود الائتلاف الحكومي)".

وتابع المصدر ذاته، أن قوننة القنب الهندي "يتعلق بورقة انتخابية برهانات صريحة ضمنية، وهي رهانات تتجاوز الإطار الانتخابي والحسابات الانتخابية".

أخبار ذات صلة

المغرب.. تقنين القنب الهندي يعزز فرص "الاستثمار المشروع"

فمواقع الأحزاب المُترافعة حول تقنين القنب الهندي، هي "مواقع مُحصّنة تقريبا، وحتى إذا تغيّرت هذه المواقع فهي تتغيّر بدخول مدافعين آخرين حول نفس الهدف، لكن الرهان الأكبر هو التأثير في البُنى المعرفية التي تصنع التاريخ المحيط بملف زراعة القنب الهندي سواء كان هذا التاريخ متحيّزا لفكرة التقنين أو متحيزا لفكرة المنع"، يقول عبد المنعم لزعر، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط.

وخلص لزعر، إلى أنه "خلال الانتخابات التشريعية السابقة كان الاستثمار في ورقة زراعة القنب الهندي على مستوى الخطاب، وخلال الفترة الحالية تم نقل الاستثمار من الخطاب إلى عملية الصياغة المعيارية".