يشهد ملف التغييرات السيادية في المناصب الكبرى داخل ليبيا جدلا كبيرا وصل حد الخلاف داخل أروقة المؤسسات.
ولعل أكثر المناصب تعقيدا في الاختيار حتى الآن منصبي وزارة الدفاع الذي ظل شاغرا يتولاه مؤقتا رئيس الحكومة ومنصب مصرف ليبيا المركزي الذي يتولاه القيادي الإخواني الصديق الكبير.
وبالرغم من أن منصب وزير الدفاع اتفقت الأطراف السياسية جميعها على ضرورة بقائه شاغرا خلال الفترة الانتقالية إلا أن مجلس النواب الليبي تمسك بضرورة تغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير والذي بقى فيه أكثر من 10 سنوات.
رفض النواب
وكانت سكاي نيوز عربية انفردت منذ أيام بنشر رفض مجلس النواب الليبي إقرار الميزانية الجديدة دون أن يتم تغيير المحافظ الإخواني للبنك المركزي، الصديق الكبير.
وأكدت المصادر الليبية، أن مراسلات تمت بين رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، ورئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة، بشأن تسمية رئيس البنك المركزي الجديد، لافتا إلى أن الأول "شدد على عدم إقرار الميزانية الجديدة قبل تغيير الكبير".
وأشارت أيضا إلى أن الحكومة الليبية ستستجيب للأمر، وأن دبيبة بدأ بالفعل مفاوضات إزاحة الصديق الكبير، الذي ظل في هذا المنصب 10 سنوات تقريبا، وتعيين خلفا له.
وأكدت وسائل إعلام رسمية وحكومية ما نشرته سكاي نيوز عربية وقالت إن أعضاء تجمع الوسط النيابي أجروا سلسلة من اللقاءات مع المترشحين لشغل وظيفة محافظ مصرف ليبيا المركزي للاستماع إلى خطط المترشحين بشأن قيادتهم لهذا المرفق في ظل الظروف غير الاعتيادية التي تمر بها البلاد.
رد مجلس الدولة
وفي أول رد فعل دعا ما يسمى مجلس الدولة الذي يقوده الإخواني خالد المشري، رئاسة مجلس النواب لتجنب الإجراءات الأحادية بشأن تعيين شاغلي المناصب السيادية في الدولة الليبية.
وقال في بيان، إن تعيين شاغلي المناصب السيادية اختصاص مشترك بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وفق الاتفاق السياسي بالصخيرات، وليس من اختصاص مجلس النواب منفردا.
وقالت مصادر لسكاي نيوز ردا على البيان المنشور من مجلس الدولة، إن محاولات الأخير فرض مرشحين ينتمون لتيار معين لن تحدث أبدا وأن مجلس النواب لن يقر أي ميزانية دون اختيار محافظ للبنك المركزي دون أجندة سياسية.
فساد مالي رسخ وجود المليشيات
وأوضح المصدر، أن أكبر فساد مالي واقتصادي شهدته ليبيا كان في عهد الصديق الكبير وأن المليشيات توسع عملها على الأرض بعد تخصيص أموال لها خرجت بأوامر من المصرف.
وأكد أن استمرار الصديق الكبير أو اختيار بديل له من داخل التنظيم الإخواني سيفتح النار على ليبيا مرة أخرى وسيرسخ عمل المليشيات كاشفا أن هناك مئات المليارات من الأموال الليبية صرفت على مليشيات ارتكبت جرائم حرب ودمرت ثروات البلاد حسبما كشفت بيانات رسمية من الأمم المتحدة.
وذكر المصدر حرب مليشيات فجر ليبيا التي قادها الإخوان ضد الجيش الليبي في عام 2014 والتي تمت السيطرة على غرب ليبيا بالكامل حينها.
وأوضح أن الطائرات المحملة بالأسلحة التي هبطت في مصراتة كان المصرف يدفع فاتورتها بأوامر الصديق الكبير، وأن المرتزقة السوريين الذين جلبتهم تركيا من سوريا دفعت رواتبهم من داخل مصرف ليبيا المركزي.
واستطرد المصدر قائلا " كم مرة في ليبيا حدثت أزمة سيولة وكم مرة تعطلت المنح الدراسية للطلاب في سبيل توفير أموال للمليشيات، مشيرا إلى أن كل هذه الأسباب دفعت مجلس النواب للتمسك بتغيير الصديق الكبير ورفض أي مرشح يحمل أجندة سياسية.
وأشار المصدر إلى أن الإرهابي عبد الحكيم بلحاج استطاع تأسيس شركة الأجنحة الليبية بأموال من المصرف المركزي بإمضاء الصديق الكبير.
وتابع أن تنظيم الإخوان الإرهابي مصر على أن يكون هذا المنصب في جعبته لضمان توفير الأموال لتنفيذ مخططاته العسكرية والسياسية وأن مجلس النواب لن يقبل بذلك.
المواطن هو الضحية
من جانبه قال المحلل السياسي الليبي معاذ الثليب في تصريحات لسكاي نيوز عربية أن هذا الملف إذ لم يحسم في القريب العاجل قد تحدث أزمة مظرا لارتباطه بإقرار الميزانية.
وأوضح الثليب أن هناك عدم توافق على هذا المنصب نظرا لأهميته في البلاد وأن كل فصيل سياسي يريد السيطرة عليه.
وأضاف أن ضحية هذا الخلاف بين مجلس الدولة ومجلس النواب سيكون المواطن الليبي وقد نشهد عجز في السيولة والحركة التجارية بسبب عدم إقرار الميزانية.
وأشار إلى أنه رئيس الحكومة من الممكن أن يحسم هذا الملف بتوليه هو شخصيا أو وزير المالية المنصب مؤقتا كحال وزارة الدفاع لإزالة هذا الخلاف وتيسيرا للمواطن الليبي.