انشغلت منصات التواصل الاجتماعي في لبنان، منذ ساعات الصباح الأولى، بقضية وفاة طبيب الأنف والحنجرة، محمد عجمي، الذي كان ناشطا في الحزب الشيوعي اللبناني، ونادى بالتغيير خلال الحراك الذي شهدته البلاد، خلال العامين الأخيرين.
ورحل الطبيب، وهو ابن بلدة معركة الجنوبية، عن الحياة في مستشفى علاء الدين- الصرفند، جنوب لبنان، عقب تعرضه لحادث سير مروع، أثناء عودته من المشاركة في ساحات الثورة، فيما تقول تقارير إنه توفي بسبب 500 ألف ليرة لبنانية، أي نحو 327 دولارا.
وراجت رواية مفادها أن الضحية وصل إلى المستشفى مع شخص آخر بواسطة سيارة إسعاف، نقلتهما من الموقع الذي تعرضا فيه لحادث سير، في منطقة الزهراني، وقيل إن المسؤولين عن الدخول، في قسم الطوارئ، رفضوا البدء بعلاج عجمي، الذي كان يئن من أوجاع في معدته، قبل أن يدفع 500 ألف ليرة.
وبحسب الرواية المتداولة، فإن مسؤولي المستشفى طلبوا من الشاب المرافق له بأن يدفع المبلغ نفسه، لكن لم يكن بحوزتهما المال الكافي وفي انتظار المال، أُهدرت ثلاث ساعات وتأخر العلاج.
وبعد سداد المبلغ، في وقت لاحق، تم إدخال الطبيب المصاب إلى غرفة العمليات ثم غرفة العناية المركزة، واحتاج للتبرع بالدم، عندما تبين أن الإصابة التي تعرّض لها في حادث السير، تسببت بنزيف داخلي في أمعائه ، فلم يقو على الصمود وتوفي حوالى الواحد والنصف من فجر الاثنين.
المستشفى ينفي
واستيضاحاً لما يقال، اتصلت " سكاي ينوز عربية " بالطبيب الجراح في مستشفى علاء الدين، الدكتور محمد علاء الدين الذي نفى نفياً قاطعاً كل ما يشاع حول القضية قائلا" فليثبتوا لنا أي مستند لدفع هذا المبلغ وهو بالمناسبة مبلغ زهيد جدا ولا يفي بما قمنا به، ولم نتلق أي مبلغ لغاية اللحظة ونحترم ما جرى".
وأضاف "أدخلنا المصاب مباشرة الى تصوير السكانير وزودناه ب 7وحدات دم وأجرينا له جراحة استمرت 4 ساعات بعدما وصل إلى المستشفى تمام الساعة السادسة والنصف مساء الأحد، وقمنا بالواجب قبل أن نرى ذويه".
وقال" نحن تحت القانون، وتحت قانون نقابة المستشفيات ووزارة الصحة، يمكنهم جميعا الاطلاع على ما جرى"، ولفت علاء الدين إلى الفاتورة لم يجر دفعها حتى الآن، "كان همنا إنقاذ الطبيب المصاب بنزيف داخلي، أجريت العملية على يد زميلي الطبيب علي الدغيلي".
وقال علاء الدين "القدر كان أسرع منا، إنها مسألة إنقاذ حياة"، نافيا أن تكون ثمة أي ليرة قد جرى تسديدها.
ذوو الضحية
شقيق الضحية، الدكتور وهيب عجمي قال لموقع " سكاي نيوز عربية "لا أتوقع أن يكون مبلغ 500 ألف ليرة لبنانية سبباً، رغم أننا لا نستغرب مثل هذا الأمر في لبنان، وعزا السبب إلى التلكؤ، وقال "نحن عائلة معطاءة معظمنا أطباء، لم نتوقف عند مبالغ مالية في الأصل، نحن لم نعلم أن المستشفى طلب هذا المبلغ !"
من جهته، رأى ابن شقيق الضحية طبيب الأسنان، حسين عجمي، الذي حضر إلى المستشفى فور إعلامه بحادثة عمه "إن المستشفى لم يقصر، حتى أننا لم نعرف لغاية اللحظة المبلغ المطلوب منا".
وأضاف "ما حصل بحسب توقعاتي هو أن موظف الطوارئ كان قد أعلم من رافق عمي إلى المستشفى بأن تكلفة التصوير باتت حاليا 500 ألف ليرة، وربما الأخير لم يملك المبلغ وفهم الأمر على أنهم بحاجة للمبلغ كي يتم إدخاله لحين وصولنا، لكن الموضوع أخذ أبعاداً مزعجة بحقنا على المنصات الاجتماعية ".
وأشار حسين عجمي إلى أن عمه كان يتكلم مع أبنائه ومع العائلة إلى أن شعر بألم شديد لاحقاً سببه النزيف ومن الصعب إنقاذه".
وأضاف "وصلنا المستشفى وبحوزتنا المال، هناك لغط بشأن حصل، والكلام الذي يشاع اليوم على وسائل التواصل لا مبرر له وغير مسؤول ونتمنى أن يتحلى هؤلاء بالمسؤولية، فنحن جميعنا مع الثوار".
وأكد أنه عمه وصل إلى المستشفى بكامل وعيه والمستشفى قام بواجبه والأطباء جميعهم حزنوا لوفاته، فمن ادعى أن 500 ألف ليرة كانت سبباً، لمَ لم يهاتفني ؟".
ووسط غضب عارم من ساحات الحراك في الجنوب، تجري التحضيرات لتشييع عجمي، الذي كان ناشطاً في الحزب الشيوعي اللبناني وفي انتفاضة 17 أكتوبر. وقد دعا كل من عائلة عجمي والحزب والناشطون، إلى المشاركة في تشييعه ظهر الاثنين في بلدته "معركة – قضاء".