لم يلق ما تردد عن أي دعوات وساطة بين تركيا والنظام المصري تهدف للتصالح مع تنظيم الإخوان، وعودة أعضائه الهاربين للخارج إلى مصر، أي قبول رسمي أو شعبي، بالنظر إلى تاريخ التنظيم وسياساته المعروفة.
واتفق خبراء أمنيون ومتخصصون أن التنظيم الدولي بمجرد أن شعر بالهزيمة واحتمال مطاردته دولياً بعد محاولة أنقرة التقارب من القاهرة، لجأ إلى أسلوب المراوغة لتجهيز نفسه، ثم العودة إلى نشاطه الإجرامي من جديد مع أول فرصة.
وقال اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن تنظيم الإخوان والجماعات التي تمخضت من رحمه تمرست على المراوغات السياسية والأمنية، ولم يعد لديها رصيد لدى المواطن الذي أصبح حائط الصد الأول لهذا التنظيم الإجرامي.
نور الدين أشار في تصريحات خاصة لـ"سكاي نيوز عربية"، إلى تصرف ما تسمي بالجماعة الإسلامية وقيادات الإخوان، حين طلبت منهم الشرطة المصرية خلال تسعينيات القرن الماضي، إعلان التوبة عما اقترفوه من جرائم، مقابل العفو عنهم، فما كان منهم إلا إطلاق كتابات سموها في ذلك التوقيت "مراجعات فقهية وفكرية"، وأقروا بخطيئتهم، ثم صاموا 60 يوماً كتكفير عن جريمة قتلهم الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وعاودوا الكرة من جديد وانخرطوا في الأعمال الإرهابية الإجرامية.
أسلوب "التقية"
وأضاف مساعد وزير الداخلية الأسبق: "تنظيم الإخوان يعمل بطريقة معروفة لدى الجماعات الدينية وفق مفهوم قديم يسمى "التقية"، بأن يظل الضعيف كامناً ومستكينا، حتى إذا بات قويا ينقض على خصمه بكل شراسة، وقد ظلت تلك الجماعة تمارس هذا السلوك لسنوات قبل أن ينفلت زمام أمرها بمجرد تصدرهم المشهد وتوليهم السلطة في مصر، ويلجؤون الآن بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت إلى نفس الأسلوب الرخيص".
ويرى نور الدين أن الجماعة توجه أعضائها عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مدروس، لجس نبض المواطنين المصريين تجاه التصالح معهم بغرض العودة والاندماج داخلياً من جديد.
وأردف قائلا: "القيادة في مصر لا يمكن أن ينطلي عليها ألاعيب الجماعة الإرهابية أو تتصالح على دم الشهداء التي سالت في سيناء وكافة بقاع الجمهورية، لأن كل البيوت المصرية لديها ثأر مع تلك الجماعة الإرهابية".
الصحفي المتخصص ماهر فرغلى قال لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه لا يمكن الاطمئنان إلى أي خطاب تقدمه تلك الجماعة للجماهير خاصة وأن لهم باع طويل في التحركات الخفية غير الشرعية ، فضلاً عن أن ما يقدموه من تنازلات أو وساطة للتصالح مع الدولة عكس ما ينقلونه لأنصارهم من ضرورة التحلي بالصبر والحيلة حتى التمكن وتحقيق أهدافهم.
وأضاف أن للإخوان أجندة بطبيعتها مراوغة ولا تعكس الحقيقة، فخطابهم الإعلامي على الدوام يخاطب الداخل بعكس ما يخاطب به المجتمع الدولي، وحديث التنظيم لأعضائه يختلف جذرياً عما يقدمه لجمهور من ليسوا من أعضاء التنظيم، فهو دائما يرسل لاتباعه "الجهاد والصبر"، ولأوروبا التصالح والتساهل.
"لا يمكن الاطمئنان إلى أي خطاب يقدمه ذلك التنظيم للجماهير خاصة وأن لهم باع طويل في التحركات الخفية غير الشرعية"
ماهر فرغلي
وأكد فرغلي أن تغير الخطابات لدى الجماعة الإرهابية مبدأ تاريخي ثابت لديهم منذ أيام المؤسس حسن البنا، الذي حرض على قتل محمود فهمي النقراشي باشا رئيس وزراء مصر الأسبق، ثم خرج على الجماهير يهاجمهم قائلاً: "ليسوا بإخوان وليسوا مسلمين"، ونفس الأمر تكرر مع قيادات عديدة في الجماعة حرضت على فعل في السر ثم هاجموه في العلن".
تنظيمان للإخوان
وكشف فرغلي أن الإخوان لديها تنظمين منهم واحد معلن، وآخر يقود تنظيماً موازياً أسوة بما يحدث خلال تلك الأيام فالمحرك الأساسي للجماعة هو المدعو حلمي الجزار، وهو من يقوم بزيارات مكوكية لأكثر من دولة على مستوى العالم، وفي إفريقيا، بينما يبدو للجميع أن إبراهيم منير هو من مرشد التنظيم الحقيقي على خلاف الواقع.
المراوغة سلاح رئيسي
و قال مختار نوح القيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين، لـ"سكاي نيوز عربية"، إن المراوغة سلاح رئيسي للعقل الإخواني، بالإضافة إلى احترافهم خدعة العامة والبسطاء، وقد كشفت السنوات الأخيرة أكاذيبهم على الرأي العام.
وأشار نوح إلى أن افتضاح تحركات الإخوان لدى العامة دفعهم للاعتراف بالاغتيال السياسي لخصومهم، فبعد أن ظلوا لسنوات يرددون أنهم غير مسؤولين عن الاغتيال بدأوا يعترفون بارتكابهم تلك الجرائم ومن باب التفاخر، اعترفوا بقتل المستشار أحمد الخازندار أحد القضاة إبان الحكم الملكي في مصر، كما أقروا بقتلهم النائب العام المصري الأسبق هشام بركات.
وتابع نوح قائلا: "هزيمة الإخوان بدت واضحة لهم منذ مدة رغم أنهم لا يزالون، في غيهم يعمهون.. إلا أن إصرارهم على تصدير الأكاذيب كشفهم أمام الرأي العام ولم يتبقى لهم إلا مغيبي العقول من المؤمنين بمبدأ السمع والطاعة.
ويعتقد القيادي الإخواني السابق، أن مسؤولي الجماعة الإرهابية يعلنون دائما عن قوة خارقة لهم غير موجودة في حقيقة الأمر، وخلال الأيام الأخيرة خرج أكثر من نصف التنظيم الذي بقي وانشقوا وقدموا استقالاتهم منه، وكثيرون منهم يقيمون في قطر وتركيا يستعدون للرحيل منها إلى أوروبا.