تحولت كاميرات الهواتف المحمولة في أيدي مواطنين جزائريين إلى مرصد يكشف ويوثق الكثير من المخالفات الخطرة والتجاوزات على طرق البلاد، وسط آمال بأن تساعد هذه الخطوة على تعزيز السلامة المرورية.
ويظن بعض مرتكبي المخالفات أنهم بعيدون عن أعين المراقبة، لكنهم سرعان ما يتحولون فجأة إلى حديث الرأي العام على منصات التواصل الاجتماعي، قبل أن يتم توقيفهم من طرف السلطات المعنية وتقديمهم للمحاكمة.
ونجح مواطنون في رصد عدة مخالفات مرورية قام بها سائقون متهورون في مختلف الطرق، وذلك من خلال تصويرها عبر هواتفهم النقالة ونشرها على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما موقع فيسبوك المستخدم بكثرة في البلاد.
وقام جزائريون بنشر مقاطع فيديو كثيرة خلال الأشهر الأخيرة، من أجل الكشف عن تجاوزات خطيرة في الطرق، فساعدت تلك الصور على الإطاحة بمرتكبي المخالفات بعد تداولها.
"سقوط" داهس الشرطي
قبل يومين، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، مقطع فيديو نشره شخص على صفحة في فيسبوك تسمى بـ"الشرطي المخفي" بفضل كاميرا مثبتة على دراجته النارية، حيث أظهر تعرض شرطي خلال مزاولة مهامه في منطقة حيدرة بأعالي الجزائر العاصمة، لدهس متعمد مع رفض الامتثال من قبل أحد السائقين بعد قيامه بدوران ممنوع.
وأدى هذا الحادث إلى إصابة الشرطي بجروح ممّا استدعى نقله إلى عيادة طبية تابعة للأمن الوطني، حيث زاره وزير الداخلية، كمال بلجود مرفوقا بالمدير العام للأمن الوطني، وأكد الوزير بلجود أن "الشرطي أدى مهامه كما يجب وتعرض لفعل إجرامي"، واستنكر الوزير بشدة هذا الفعل، مؤكدا أن "العدالة سوف تفصل في الملف".
وخلفت الحادثة غضبا وسط الجزائريين، فطالبوا بمعاقبة السائق، ثم جرى توقيفه ووجهت له تهم التعدي بالعنف على رجال الأمن وعدم الامتثال لإنذار التوقف.
وأفاد رئيس المركز الوطني للأمن والوقاية عبر الطرقات، أحمد نايت الحسين في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن صاحب الفيديو "كان يضع كاميرا على دراجته النارية مما سهل عليه عملية رصد سلوك السائق المعني"، مضيفا أن صاحب الفيديو معروف بنشاطه في التوعية.
وأكد رئيس المركز الوطني للأمن والوقاية عبر الطرقات أن العديد من الدول في العالم تعتمد على تقنية كاميرات السيارات لمراقبة المرور ورصد الحوادث في الطرق.
ورغم أنه اعترف بدور "الفيديوهات" المصورة والمنشورة على منصات التواصل الاجتماعي في تحديد هوية أصحاب المخالفات الخطيرة في الطرق والمسجلة غالبا من الراكب الثاني، دعا في الوقت ذاته أحمد نايت الحسين السائقين إلى عدم استعمال الهواتف المحمولة في التصوير لأن هذا الأمر مخالف لقانون المرور.
"تطبيق" بدلا من مواقع التواصل
وفي هذا الصدد، أصدرت مصالح أمن ولاية الجزائر، بيانا بخصوص حادثة الدهس، ثمنت من خلاله "روح المواطنة لدى ملتقط مقطع الفيديو"، داعية المواطنين إلى استخدام تطبيق "ألو شرطة"، عوض نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وذلك للتبليغ عن كل ما من شأنه المساس بأمنهم وسلامة ممتلكاتهم.
وبحسب الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، فإن "الفيديوهات" تحولت في فترة وجيزة إلى "رادارات" لكشف التجاوزات التي تقع في طرق البلاد، خاصة أن حوادث المرور تجاوزت الخطوط الحمراء في الجزائر، وحسب الكثير من المراقبين فإن العامل البشري يبقى من بين العوامل الرئيسية في حوادث السير.
مناورات موثقة
وقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بالفيديوهات التي ترصد في كل مرة مناورات بعض السائقين الذين لا يعيرون قانون المرور ولا أرواح البشر اهتماما، وكثيرا ما كشفت هذه الفيديوهات مناورات عرضت حياة الغير إلى الخطر.
وقبل شهر انتشر فيديو مصور لسائق شاحنة قام بمناورات خطيرة في الطريق السريع تسبب في اصطدام سيارتين بعد مضايقته لسيارة.
وأظهر الفيديو قيام صاحب الشاحنة، بإرباك مستعملي الطريق، مما أدى لوقوع الحادث بعد مناورة خطيرة قام بها، مما جعل صاحب سيارة "ماروتي" يتجنبه ولكنه اصطدم في الأخير بالحاجز الإسمنتي المحاذي للطريق.
ولحسن الحظ، كانت هناك عربة للشرطة وراء الحادث، حيث أسرعت في توقيف سائق الشاحنة وتقديمه للمحاكمة فيما بعد.