بين تفاؤل حذر وترقب لما ستسفر عنه الأيام القادمة من تطورات في الأزمة اليمنية، تنوعت آراء خبراء ومتخصصون في الشأن اليمني بشأن المبادرة التي أعلن عنها وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، لإنهاء أزمة اليمن التي دخلت عامها السابع.
وبينما عبر بعض الخبراء عن توقعهم بأن يقبل الحوثيون المبادرة بشكل مبدئي، كفرصة لالتقاط الأنفاس بعد اشتداد حصارهم في عدة مناطق يمنية، توقع آخرون أن تراوغ جماعة الحوثي بقبول المبادرة ثم التراجع عنها مستقبلا.
وزير الخارجية السعودي قال في مؤتمر صحفي عقده في الرياض: "نريد وقف إطلاق نار شامل تمهيدا للحوار السياسي والكرة الآن في ملعب الحوثيين".
وبقراءة لمعطيات المشهد أضاف قائلا: "لا مؤشر حتى الآن على رغبة الحوثيين في السلام". وشدد على أن تدخلات إيران هي التي تؤثر على الوضع في اليمن، وأن المملكة تحافظ على حقها في الدفاع عن نفسها هناك
ترحيب يمني ورفض حوثي
السعودية دعت الحكومة اليمنية والحوثيين إلى قبول المبادرة التي "تمنح الحوثيين الفرصة لتحكيم العقل ووقف نزيف الدم ومعالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة للشعب اليمني ".
ودعت الرياض الحوثيين بشكل واضح إلى اختيار مصالح الشعب اليمني عوضا عن الرضوخ للمشروع الإيراني في المنطقة.
في المقابل، رحبت الحكومة الشرعية في اليمن، بالمبادرة التي تشرف عليها الأمم المتحدة وتشمل فتح مطار صنعاء أمام الرحلات المباشرة، الإقليمية والدولية، والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية ثم بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة، بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني.
وقالت الحكومة اليمنية، إن الميليشيات الحوثية قابلت كل المبادرات السابقة بالتعنت والمماطلة، وأضافت أن: "المبادرة السعودية تأتي استجابة للجهود الدولية الرامية لإنهاء أزمة اليمن، متابعة أن "إنهاء معاناة اليمنيين سيكون بإنهاء الانقلاب والحرب التي أشعلها الحوثيون".
وفي أول رد من الحوثيين، قال المتحدث باسم الجماعة، محمد عبد السلام، إن هذه الخطة "لا تتضمن جديدا"، وإن المملكة "جزء من الحرب ويجب أن تنهي الحصار الجوي والبحري على اليمن فورا".
مبادرة إيجابية
المحلل السياسي اليمني، وضاح الجليل، قال إن المبادرة جيدة وكانت منتظرة، خاصة أنها تأتي في إطار دعم جهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ، والدور الإيجابي لسلطنة عُمان.
وتساءل الجليل: على الجانب الآخر.. ما الذي سيقدمه الحوثيون لإنجاحها؟.. الحوثيون يرفضون المبادرات التي يتم تقديمها لحل الصراع اليمني".
وأضاف المحلل اليمني، لـ "سكاي نيوز عربية" أن التحالف العربي يحاول الوصول بالمنطقة واليمن إلى بر الأمان وتجنب الموت والدمار والخراب، لكن هذه السياسات لا تروق للحوثيين ومن خلفهم داعميهم في إيران.
وأشار إلى أن الحوثيين يرفضون محاولات السلام، ويريدون مبادرة مفصلة على شروطهم، ولن يرضوا بدونها من أجل التوصل لأي اتفاق سياسي في المستقبل.
وتابع قائلا إن "قرار جماعة الحوثيين ليس في أيديهم، فهم مجرد أداة عسكرية للإيرانيين، والحل الاساسي يجب أن يصدر لهم من طهران لينفذوه، والرؤية الإيرانية لا تتجه نحو السلام بل لزيادة حدة الصراع والاستقطاب".
تحفيف الضغط
المحلل السياسي اليمني، جمال الحميري، قال إن الحوثيين قد يقبلون بالمبادرة بشكل مرحلي من أجل تخفيف الضغط الذي تتعرض له ميلشياتهم على جبهات القتال، فكلما تعرض الحوثيون لخسائر في مختلف القتال كانوا أكثر مسارعة لقبول أي مبادرة عربية أو دولية، من تخفيف الضغط وإعادة ترتيب الصفوف ثم التراجع عما تم الاتفاق عليه كما حدث في مرات كثيرة.
وأضاف الحميري لـ" سكاي نيوز عربية" أن جماعة الحوثي ضعيفة وهشة، وفي حال فتح جبهات القتال معها بشكل موحد، قد يؤدي الأمر إلى هزيمة ساحقة لها، لكن هناك أطراف تعيق تحقيق النصر العسكري للجيش الوطني، ومنها على سبيل المثال تعطيل تقدم القوات المشتركة في جبهات الحديدة، وهو ما يعطي الحوثيين متنفسا وهامشا للحركة.
وأشار إلى أنه كلما اشتد الحصار على الحوثيين يلجؤون إلى نظرية "استراحة المحارب"، وهو ما يجري حاليا، حيث اشتد عليهم الخناق في مأرب وتعز ما سيجبرهم على الإذعان للمبادرة السعودية، ثم ينقلبون عليها كما فعلوا مع اتفاقية ستوكهولم.