عاد ملف المدرسين المتعاقدين في المغرب، إلى الواجهة هذا الأسبوع، حيث خرج الآلاف من المدرسين المنتمين لما يعرف بـ"تنسيقية الأساتذة المتعاقدين"، في مسيرات احتجاجية بالعاصمة الرباط، للمطالبة بالإدماج المباشر في الوظيفة العمومية.

ويعود ملف هذه الفئة التي تضم أكثر من 85 ألف مدرس، إلى العام 2016، مع نهاية ولاية الحكومة التي كان يترأسها حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإله بنكيران.

قصة التعاقد في التعليم الحكومي

أمام حاجة قطاع التعليم لأعداد كبيرة من المدرّسين، اختارت حكومة بنكيران إطلاق نظام التعاقد أمام حاملي الشهادات العليا.

ويقول عبد الحفيظ أيت عوماز، عضو لجنة الإعلام الوطنية للتنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين: "بدأ فرض التعاقد عام 2016 عندما قامت الحكومة ووزارة التعليم بإلغاء التوظيف العمومي وتعويضه بنظام التعاقد".

وتابع عضو التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "في عام 2017 طفت الأزمة إلى السطح عندما تم طرد أستاذين بشكل تعسفي بدون إشعار أو تعويض كما جاء في العقود".

وكانت وزارة التعليم المغربية، أعلنت في بيان سابق، أن تبني الحكومة لنمط التعاقد في توظيف المُدرّسين "جاء في إطار إرساء الجهوية المتقدمة من خلال استكمال اللامركزية واللاتمركز في قطاع التربية الوطنية، وملاءمة وضعية الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بصفتها مؤسسة عمومية مع مستلزمات القانون المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، وكذلك تقويتها باعتبارها مؤسسات عمومية تتمتّع باستقلالها الإداري والمالي وتتحكم في مواردها البشرية".

كما اعتبرت الوزارة أنه "خلال جميع مراحل عملية التوظيف هذه، حصل اختبار جميع الأطر التي جرى توظيفها، سواء من طريق المذكرات المُنظّمة لهذه العملية، أو من طريق الإعلانات لفتح باب الترشيح لاجتياز المباريات، أو عند الإعلان عن النتائج النهائية بجميع البنود المُتضَمّنة في العقود التي وقّعها المعنيون بالأمر، والتزموا احترام جميع مقتضياتها بكامل إرادتهم".

رفض التعاقد ومطالب بالإدماج

لكن يبدو أن لبّ الإشكال، بحسب الأساتذة المتعاقدين، في كون هذه "العقود كانت إذعانية" و"مفروضة" على خريجي المؤسسات الجامعية المغربية.

في هذا السياق، أكد عبد الحفيظ أيت عوماز أن هذه الأطر التعليمية "بدأت التفكير في تنظيم أنفسها في تنسيقية، من أجل تحصين الأساتذة والمطالبة بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية بمناصب مالية مُمركزة قارّة وإسقاط التعاقد".

ويرى عضو التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، أن "المخطط الحكومي للتعاقد لا يخدم المنظومة التربوية ولا يخدم قطاع التعليم بشكل عام"، مضيفا أن "الوظيفة العمومية حقّ دستوري لا يمكن تجاهله أو الاستغناء عنه في قطاع التعليم".

وأبرز المتحدث نفسه أن "الحكومة ووزارة التعليم تنهجان سياسية الآذان الصماء والهرب إلى الأمام تجاه مطالب الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد".

كما كشف أيت عوماز أنه "جرت مجموعة من الحوارات بين الأساتذة المتعاقدين والوزارة بعد احتجاجات دامت حوالي شهرين، ولكن مخرجاتها لم تستجب لمطالبنا العادلة".

فقد أسفر الحوار بين وزارة التعليم والمدرسين المتعاقدين، عن إخراج نظام أساسي لما يسمى أطر الأكاديميات، "رفضته التنسيقية باعتبار مضمونها يصبّ في التعاقد مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين"، وفق المصدر نفسه.

أخبار ذات صلة

بدون أساتذة.. مدرسة فريدة من نوعها لتخريج "النوابغ" بالمغرب
المغرب.. اكتساح الإناث لنتائج مباراة للتعليم يثير الجدل

في قانونية نظام التعاقد في التعليم

بعيدا عن السجال حول صواب اعتماد نظام التعاقد في قطاع التعليم العمومي من عدمه، "فاختيار الحكومة لهذا النّظام لإعماله فيما يخص توفير الموارد البشرية لقطاع التعليم بالمغرب، حضي بقبول المترشّحين آنذاك الذين هم اليوم أساتذة"، بحسب شعيب حارث، الباحث في القانون الاجتماعي.

وأوضح ذات المصدر، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "قانونية العقد انطلاقا من إيجاب الحكومة بهذا المقترح وقبول المترشّحين آنذاك الذين هم أطر الاكاديميات اليوم، فهي قائمة مادام ليس هناك ما يُلزم قانونا الحكومة بأن تعتمد فقط نظام التوظيف بقطاع التعليم، مادام من جهة أخرى أن هذا الاحتجاج لا ينصب على منازعة في شروط العقد أو بنوده حتى يُمكن الحديث بشكل مفصّل عن قانونيته"، يردف الباحث في القانون الاجتماعي.

ويرى المتحدث أن "اختيار الدولة لهذا النّظام تم وفق مقاربة لا هي تميل لعقود شغل خاصة بشكل صريح تخضع لمقتضيات مدونة الشغل، ولا لتميل لعقود التّوظيف بالقطاع العام المتعارف عليها".

وأضاف "لكن مما لا شكً فيه أن البنود وًالمقتضيات التي تسري على علاقة الأطر بالأكاديميات تمّت وفق اتفاق تعاقدي في شكل عقد بين الطّرفين، وبالتالي فهي مشمولة بذلك سيّما أن من بين بنودها نجد الإشارة إلى عدم إمكانية التوظيف من خلال هاته العقود، الأمر الذي ينبغي معه أن تنصبّ المطالبة أساسا على تعديل هاته الأنظمة بالشّكل الذي سيسمح بإمكانية التّوظيف بمقتضاها"، يقول الباحث في القانون الاجتماعي.

واعتبر شعيب حارث أن "هناك مقتضيات عدة في هاته الأنظمة الخاصة بأطر الأكاديميات تتّسم بالتّعسف، من بينها فقط على سبيل المثال لا الحصر سلطة مديري الأكاديميات على الأطر فيما يخص فسخ عقودهم".