على مدار أكثر من عشر سنوات، وآلاف الصور تتدفق من ليبيا، تعكس مشاهد دمار مأساوية، وهلعا يعصف بالليبيين من الشرق إلى الغرب. فانطبعت على إثر هذه المشاهد صورة ذهنية مفادها أن هذه الأرض ربما خُلقت للحرب فقط.

وتزامنًا مع التفاف الليبيين حول مشروع سياسي جديد، انتشرت جلسة تصوير لطفلة ليبية تُحاكي فيها شخصية "كاتولي" من مسلسل الرسوم المتحركة الشهير، "فتاة المراعي"، وحملت الصور قدرًا كبيرًا من التفاعل والثناء، في مفارقة قد تعكس الرغبة في التحرر من صور الماضي، والأمل في مستقبل بلا بارود ودماء.

تغيير صور الحرب

الصور التي حملت قدرًا كبيرًا من جمال الطبيعة بالشرق الليبي، قد يظنها البعض للوهلة الأولى مأخوذة من الريف الأوروبي، لكن المصور الليبي بدر طيب (28 عاما) يقول إن ليبيا تتمتع بتنوع طبيعي غريب، مشيرًا إلى أنه التقط صور الطفلة فوزية بالجبل الأخضر بمدينة المرج.

الصور تخلق انطباعا مغايرا عن ليبيا

ويضيف طيب في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه يحب المناظر الطبيعية منذ طفولته، لافتًا إلى أن جلسة التصوير التي قام بها لمحاكاة شخصية كاتولي تسعى إلى تبديل صور الحرب، التي ارتبطت بليبيا طوال السنوات الماضية.

ويتابع قائلًا "إذا قصدت موقع غوغل، وكتبت ليبيا، ستظهر لك صور الدمار والمظاهر العسكرية، لذا حرصت على تبديل هذه الصورة النمطية، بتصوير أماكن طبيعية، والتعريف بليبيا بشكلها الحقيقي، التشجيع على السياحة الداخلية، واكتشاف أماكن جديدة، قد لا يعرفها كثير من الليبيين".

محاكاة "فتاة المراعي"

ويكشف المصور الليبي أن جلسة التصوير الأخيرة التي شهدت تفاعلا كبيرا من روّاد مواقع التواصل، هي جزء سلسلة تحاكي شخصيات كرتونية؛ لأن الشخصية الأولى التي اختارها هي "كاتولي" من مسلسل فتاة المراعي، أما الشخصية الثانية فهي "هايدي"، لافتًا إلى أنه انتهى من جلسة تصوير شخصية هايدي، لكنه يفضل تأجيل نشرها حتى لا يشوش النشر على انتشار جلسة التصوير الأولى.

الصورة التقطت في منطقة المرج

ويوضح بدر طيب كيف خطرت له فكرة تجسيد الشخصيات الكرتونية، فيقول "كنت عادة أشارك صورا من منطقة الجبل الأخضر التي أعيش بها، ووجدت بعض المتابعين يشيرون إلى أنها تشبه مناظر مسلسل فتاة المراعي، ومن هنا قفزت فكرة تجسيد الشخصيات برأسي".

ويتابع "بقيت لفترة أبحث عن الشخصية المشابهة لـ "كاتولي"، حتى أدق التفاصيل كنت أحاول أن أراعي وجودها، فإذا دققت في الصور، ستجد الأبقار مشابهة لتلك الموجودة في المسلسل، حتى حركات كاتولي نفسها، حاولت أن تؤديها الطفلة بشكل متطابق في الواقع".

الطفلة فوزية تبلغ ستة أعوام

ويقول طيب إنه فُوجئ بانتشار صور كاتولي بشكل غير مسبوق؛ لافتًا إلى أن جلسة التصوير  صعدت إلى "التريند" في ليبيا مدة أسبوع، كما حظيت بتغطية إعلامية واسعة أيضًا، "لم أكن أتخيل كل هذا التفاعل، فرغم عملي مدة 10 سنوات في مجال التصوير إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تحظى صوري بكل هذا الاهتمام".

ما قبل التصوير

يصف طيب الاستعدادات التي سبقت جلسة التصوير، مشيرًا إلى أن الطفلة فوزية، لم تكن تعرف شخصية كاتولي، بحكم الفارق العمري، وعدم شيوع هذا المسلسل الكرتوني في أيامنا هذه، ولهذا عكف طيب لفترة على تقريب صورة الشخصية الكارتونية للطفلة الصغيرة.

وهنا يقول "بدأت أجعل فوزية ترى كثيرا من الرسوم التي تظهر فيها كاتولي، حتى تتعرف أكثر على حركاتها، وتكون قريبة إلى الشخصية، وهو ما حدث بالفعل، وتعلقت الطفلة بكاتولي، لذلك أبدعت في جلسة التصوير".

ويشير المصور الليبي أنه اختار وقت ما قبل الغروب، لالتقاط الصور، للحصول على مشهد ساحر، وعلى مدار ثلاثة أيّام، أتم العمل مع فوزية، معربًا عن أمنيته في تجسيد الشخصية بالفيديو متى توافرت له الإمكانيات".

الطفلة تتحدث

من جانب آخر كان لموقع سكاي نيوز عربية حديث قصير مع بطلة الصور، الطفلة فوزية حازم أحمد حمودة (6 سنوات)؛ إذ تقول إنها لم تكن تعرف شخصية "كاتولي" إلا مع جلسة التصوير.

وأعربت فوزية عن سعادتها بكونها أصبحت محل حديث رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتقول أيضًا إنها تدرس بمرحلة التمهيدي، وتحلم أن تصبح طبيبة أسنان.

أخبار ذات صلة

ليبيا.. مخربون يدمرون آثار "أكاكوس"

وفتاة المراعي مسلسل "أنمي" أو رسوم متحركة من إنتاج شركة نيبون أنيميشن اليابانية ومن إخراج هيروشي سايتو، وأنتج المسلسل عام 1984 وعرض في الكثير من الدول الأوروبية.

موقع التصوير

تجدر الإشارة إلى أن مدينة المرج، موقع تصوير جلسة فتاة المراعي،  من المدن الليبية القديمة، كان اسمها قديمًا برقة، وهي قريبة من مدينة باركي القديمة وتتميز بطبيعة ريفية خلابة.

وتقع بين شرق مدينة بنغازي بحوالى 94 كم، وإلى الغرب من مدينة البيضاء بمسافة 106 كم، وبنيت المرج الجديدة عام 1970 بعد زلزال المرج الذي دمر المدينة القديمة عام 1963.