عاود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحديث عن رغبته في استعادة العلاقات مع مصر، قائلا إن "الشعب المصري لا يختلف معنا".
وكان أردوغان قد قال الأسبوع الماضي إن "تعاون تركيا مع مصر في مجالات الاقتصاد والدبلوماسية والاستخبارات مستمر، ولا توجد أي مشكلة في ذلك".
وهو الأمر الذي رد عليه وزير الخارجية المصري سامح شكري، قائلا إن المواقف السلبية للساسة الأتراك لا تعكس العلاقة بين الشعبين المصري والتركي.
وأوضح شكري، أنه إذا وجدت مصر تغييراً في السياسة التركية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وانتهاج سياسات إقليمية تتوافق مع السياسة المصرية، فقد تكون هذه أرضية ومنطلقا للعلاقات الطبيعية بين البلدين.
واعتبر وزير الخارجية المصري أن "الأقوال الصادرة عن الساسة في أنقرة بشأن فتح قنوات حوار مع القاهرة لا تكفي، بل لا بد أن تقترن بأفعال".
ويرى دبلوماسيون ومحللون مصريون وأتراك أن التغير الذي طرأ على موقف الرئيس التركي وحكومتة، بإظهار رغبة شديدة للتقارب مع مصر، توجه حتمي فرضته تغير المعطيات على أرض الواقع، حيث أصبحت أنقرة تعاني من العزلة في محيطها الجغرافي.
صفحة جديدة
المحلل السياسي التركي جواد غوك، يرى أن سبب التغير الواضح في موقف أردوغان وحكومته، سببه الشعور بأن تركيا أصبحت وحيدة ومعزولة في المنطقة، ولم يبق لها أي صديق في شرق المتوسط، إضافة إلى أن مصر دولة مهمة جدا ولها تواجد في ملفات إقليمية كبرى مثل الأزمة السورية والصراع في ليبيا، مؤكدا أن القاهرة هي بوابة العلاقات التركية العربية.
وأضاف غوك لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الحكومة التركية خسرت على المستويين السياسي والاقتصادي، وبعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان؛ بدأت تتحرك في هذا الملف، فأنقرة تريد فتح صفحة جديدة مع القاهرة، حتى تكون مصر وسيطة بين اليونان وتركيا.
وأشار إلى أن الدعوات التركية للتقارب مع مصر ليست مجرد سياسية، ولكنها حقيقة فرضها الأمر الواقع ورغبة داخلية، وتريد من خلالها أنقرة تحسين علاقاتها مع السعودية والإمارات العربية المتحدة، عبر تحسبن علاقتها مع مصر.
مصالح مشتركة
ويتفق معه المحلل السياسي التركي حسن سيفري، الذي يقول إن هناك عدة دوافع لتغير موقف أردوغان؛ ومن ضمنها تغيير الإدارة الأميركية ووصول الرئيس جو بايدن للبيت الأبيض، والذي لا يحظى أردوغان بعلاقات ودية معه، ويبدو أن هناك توجه أميركي نحو تصفية الخلافات بين الحلفاء، وجمعهم في مواجهة إيران.
وأضاف سيفري لموقع سكاي نيوز عربية، أن تركيا تريد أن تكون جزءا من هذا الحلف، ولكن علاقات تركيا مع الطرفين الروسي والصيني قد تؤثر على الأمر بشكل أو بآخر.
وأشار إلى أن تركيا تعتقد أن هناك مصالح مشتركة مع مصر في شرق المتوسط، وأن القاهرة احترمت الحقوق التركية في اتفاقها مع اليونان، وهناك توجه للتقارب مع مصر التي تتمتع بعلاقات قوية مع اليونان وقبرص، وهو أمر لا تنظر له أنقرة بعين الارتياح، وتحاول إعادة بناء العلاقات لتكون كما كانت قبل عشر سنوات.
موقف ثابت
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي، يرى أن توجه أردوغان نحو التقارب مع مصر، يأتي في ظل الصعوبات الكبيرة التي يعاني منها على المستويين السياسي والاقتصادي، خاصة في ظل توتر علاقتها مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، بسبب موقف أنقرة تجاه اليونان وقبرص، وكذلك موقف الرئيس الأميركي جو بايدن الذي "رفض مرارا الرد على اتصالات نظيره التركي، وسبق له الإعلان عن دعم المعارضة التركية".
وأضاف بيومي لموقع سكاي نيوز عربية، أن أردوغان "يحاول أيضا قطع الطريق على المعارضة التي دائما ما تحاول الضرب على وتر توتر العلاقات مع مصر، وأنه ليس مصلحة أنقرة أن تكون علاقتها مع القاهرة بهذا الشكل، وأن التقارب معها سيحقق كثير من الفوائد".
وأشار إلى أن الموقف المصري ثابت لم يتغير منذ بداية الأزمة وحتى الآن، وأن مطلب القاهرة هو وقف التدخل في شؤون الدول العربية الداخلية سواء في ليبيا أو سوريا أو العراق، و"التوقف عن الأحلام الإمبراطورية التي تراود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واتباع سياسة حسن الجوار"
وأدلى مسؤولون أتراك في الأسابيع الأخيرة بسلسلة تصريحات غازلوا فيها القاهرة، وتحدثوا عن وجود روابط قوية بين القاهرة وأنقرة.