كشفت التصريحات التي أعلنها قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، قبل أيام، عن إشارات جديدة ولافتة بخصوص دعم إيران للحوثيين في اليمن، وتحديداً ما يتصل بالهجمات الأخيرة التي شنها الحوثيون ضد أهداف مدنية وأحياء سكنية في المملكة العربية السعودية، خلال الأيام الأخيرة.
ففي الكلمة التي أدلى بها قاآني في مجمع آيات الله الثقافي بالعاصمة الإيرانية، طهران، قبل أيام قليلة، قال إن ميليشيات الحوثي نفذت "خلال أقل من 10 أيام 18 عملية دقيقة ضد السعودية"، بحسب وكالة "تسنيم" الإيرانية، التابعة للحرس الثوري الإيراني، لافتا إلى مواصلة طهران تقديم الدعم إلى "قوى المقاومة ضد الاستكبار العالمي"، حسب وصفه، وتابع: "هذه القوى سوف تتصدى للمستكبرين المدججين بالسلاح حول العالم".
ولم تخل تصريحات قائد فيلق القدس من الهجوم التقليدي والمتكرر على الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، حيث قال إن "صوت تكسير عظام أميركا سوف يسمع في الوقت المناسب"، وقد عرج على حادث مقتل قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، بينما اعتبره "سيتسبب بقلق دائم لأميركا".
واضاف قاآني: "إن الأميركيين وبعد أن تحملوا هم أنفسهم بصورة رسمية مسؤولية اغتيال القائد سليماني، لن يكونوا مرتاحي البال بعد الآن، وهم يشعرون بين أنفسهم بالتعاسة والعجز".
يتزامن حديث قائد فيلق القدس وإشارته إلى الاعتداءات الحوثية على السعودية، مع التصعيد الميداني الذي تقوده الميلشيات المدعومة من طهران في اليمن، وكذا رفض الحوثيين، الجمعة الماضية، للخطة الأميركية الخاصة بوقف إطلاق النار، وذلك بعد الإدانات الأممية التي صدرت على خلفية المعارك المحتدمة في محافظة مأرب اليمنية، حيث قال المبعوث الأميركي الخاص باليمن تيم ليندركينغ، إن "خطة متماسكة لوقف إطلاق النار في اليمن مطروحة الآن على الحوثيين لعدد من الأيام"، وتحظى بـ"دعم من السعودية".
ودان بيان أممي مشترك النشاط العسكري المحموم للحوثيين باتجاه مأرب، وجاء فيه: "نحن، حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، نندد بالهجوم الحوثي المتواصل على مدينة مأرب والتصعيد الكبير في الهجمات التي يشنها ويعلنها الحوثيون ضد السعودية".
وأوضح المبعوث الأميركي الخاص باليمن، الذي تحدث إلى مجلس الأطلسي: "لدينا الآن خطة متماسكة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد بعناصر من شأنها أن تعالج على الفور الوضع الإنساني المزري في اليمن، وهذه الخطة معروضة على قيادة الحوثيين لعدد من الأيام".
وتابع ليندركينغ: "بشكل مأساوي ومربك إلى حد ما بالنسبة إلي، يبدو أن الحوثيين يعطون الأولوية لحملة عسكرية للسيطرة على مأرب... بدلاً من وقف الحرب ونقل المساعدات إلى الشعب اليمني".
ووفقا للدكتور سالم اليامي المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، فإن "اعتراف قائد فيلق القدس بدعم نظامه الصريح للهجمات التي يشنها الحوثيون ضد أهداف مدنية في المملكة، جاء ليؤكد حقائق لم تكن غائبة عن عين أحد، كما أن المملكة العربية السعودية تدركها جيدا، وهي أنها تخوض حربا ضد أذرع طهران الطائفية التي أطلقتها على مدار أربعة عقود، ومنذ اندلاع الثورة الإيرانية، عام 1979، بينما لم يترتب عليها سوى النزاع المذهبي في المنطقة".
ويضيف اليامي لـ"سكاي نيوز عربية": "أكد قاآني ما سبق وذهبت إليه المملكة العربية السعودية بخصوص ضرورة أن يكون هناك تحركا أمميا لمنع وصول السلاح الإيراني إلى الجماعة الإرهابية الحوثية في اليمن، ومن ثم، إيجاد حل شامل في اليمن، إذ إن هذه التصريحات التحريضية المدعومة بالممارسات السياسية العدوانية تؤكد أن أيران وأدواتها التخريبية في المنطقة هم من يقوضون الأمن والسلم الدوليين، ويسعون إلى مزيد من الدمار، والخراب في المنطقة".
وإلى ذلك، يوضح الباحث المتخصص في الشأن الإيراني والمراقب الدولي العسكري السابق لدى الأمم المتحدة، الدكتور كامل الزغول، أن حديث قائد فيلق القدس يحمل دلالتين على مستوى التوقيت وكذا السياق السياسي، إذ إنه يبعث برسائل مباشرة، محليا وإقليميا، موضحا لـ"سكاي نيوز عربية" أن "القادة العسكريين في إيران عادة ما يطلقون تصريحات مثيرة عندما يشعرون ببوادر خسارة سياسية وعسكرية، ولذلك أطلق قاآني تصريحاته بالتزامن مع مؤشرات حدوث خسارة للحوثيين عسكرية في مأرب".
ويلفت الزغول إلى أن تصريحات قاآني جاءت بالتزامن مع ذكرى الحرب العراقية الإيرانية، وهو الأمر الذي عده بأنه توظيف سياسي محض يستهدف "التعبئة العاطفية للمواطنين، واستدعاء ذاكرة الحرب المتخمة بالأحداث، للتغطية على الأزمات الاقتصادية والمعيشية اليومية للمواطنين في ظل التضخم الاقتصادي والبطالة وارتفاع الأسعار، ومن ثم إيجاد مبررات لممارسات الحرس الثوري، والتعمية على المشكلات".