تداول رواد الشبكات الاجتماعية في تونس مقطع فيديو تتحدث فيه نائبة رئيس فرع ما يسمى بـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" في تونس، عن وجود عناصر أمنية وعسكرية تتلقى دورات تدريبية داخل فرع الاتحاد، لتعيد الجدل الدائر من سنوات حول محاولات تيار الإخوان اختراق المؤسستين الأمنية والعسكرية في البلاد.
والمقطع المتداول، هو جزء من مقابلة مع فاطمة شقوت نائب رئيس الاتحاد - فرع تونس، على قناة "الإنسان" القريبة من تيار الإخوان، قالت فيها إن "الدورات التدريبية والتعليمية التي يجريها الاتحاد في تونس تقبل عليها جميع الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية، وبينهم أطباء ومهندسون وحتى عناصر أمنية وعسكرية."
وتشغل شقوت إلى جانب نشاطها في الاتحاد، أستاذة بجامعة الزيتونة - وهي مؤسسة جامعية حكومية - مختصة في علوم القرآن والتفسير. فيما يشير مراقبون إلى أن هذه الجامعة أصبحت تحت سيطرة تيار الإخوان، خاصة بعد مشاركتها الرسمية في فبراير الماضي في أعمال الدورة الثالثة للمؤتمر الدولي للأكاديمية الأوروبية للتمويل والاقتصاد الإسلامي (إيفي)، في مدينة إسطنبول التركية، وهي إحدى المنظمات التابعة للفرع الأوروبي لجماعة الإخوان.
وشهد محيط مقر فرع الاتحاد في تونس خلال الأسبوع الماضي توترا وصدامات بين أنصار الحزب الدستوري الحر الذين يطالبون بغلقه، وأنصار ائتلاف الكرامة المؤيدين له.
ومنذ نوفمبر 2020، يعتصم أعضاء من الحزب أمام مقر الاتحاد للمطالبة بإغلاقه، محذرين في هذا الخصوص من اختراق الدولة التونسية عبر تنظيمات ومراكز ذات خلفية "دينية متطرفة".
وتقول رئيسة الحزب عبير موسي إن أنشطة الاتحاد تتعارض مع الدستور والدولة المدنية في تونس، وأن برامج تدريسه غير معترف بها. وقالت في الاعتصام "إنه وكر للإرهاب".
وتأسس ما يسمى بـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" بمدينة دبلن في أيرلندا عام 2004، على يد الإخواني يوسف القرضاوي، وتم نقل مقره الرئيسي عام 2011 إلى العاصمة القطرية الدوحة. ويضم داخله قطاعاً واسعاً من قيادات ونشطاء جماعة الإخوان في العالم.
جدل الاختراق
وأعادت تصريحات فاطمة شقوت إلى الواجهة الجدل الدائر منذ سنوات في تونس حول محاولات الإخوان اختراق المؤسستين الأمنية والعسكرية في البلاد.
وترى المحامية إيمان قزارة، وهي عضو بهيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي في قضية الجهاز السري لحركة النهضة، أن "الإخوان في تونس عملوا منذ عودتهم للنشاط في 2011 على السيطرة على المؤسسة الأمنية وبدرجة أقل المؤسسة العسكرية من خلال استمالة عناصر وقيادات من خلال الإغراءات والمناصب أو من خلال الدمغجة والإقناع بوجاهة سرديتها السياسية والدينية".
وتابعت قزارة في حديث لـ"سكاي نيوز عربية": "من خلال عملنا على ملف الجهاز السري لحركة النهضة، والتي تأسس من أجل بناء ذراع أمني للتنظيم، فإن قاضي التحقيق المكلف بالقضية قد أعلم النيابة العامة منذ فبراير 2019 بعد فرز وثائق الغرفة السوداء، التي حجزت عند مصطفى خضر المسؤول في النهضة، عن وجود وثيقة مكتوبة بخطّ اليد تضمّنت انتداب وتأهيل 1000 عنصر للحماية و500 للأمن على أن يكون %70 منهم من الشباب إلى جانب وجود ورشة تقنية تقوم بإدارة 4 أجهزة تنصت على بعض الشخصيات والأمنيين وفي وثائق أخرى أثبتت إنشاء شبكة علاقات مع 50 إطارا داخل الأجهزة الأمنية واختراقات وإعداد استمارات لهويات أشخاص يمارسون رياضات قتالية ورصد لمنازل وسيارات بعضها تابعة لرئاسة الحكومة".
ومن جانبه يقول البحث في الجماعات المتشددة هادي يحمد أن "عقيدة اختراق المؤسسات الصلبة للدولة، متأصلة في منهج الجماعات المتطرفة، سيما الإخوانية والإرهابية المتشددة، ولعل تاريخ الجماعة حافل بهذه التجارب بداية من الجهاز الخاص الذي أسسه حسن البنا وصولاً إلى تجارب مختلفة في سوريا والسودان قادت الجبهة القومية إلى السلطة في العام 1989."
ويتابع يحمد:" وفي تونس بالذات، لدى حركة النهضة تاريخ في هذا المجال، فقد حاولت في العام 1987 تنفيذ انقلاب عسكري من خلال جهازها الخاص وهو "المجموعة الأمنية" وحاولت مرة ثانية في العام 1991. وقد حاولت أيضاً السيطرة على وزارة الداخلية بعد ثورة 2011، خوفاً ممن تعتبرهم أنصار النظام السابق".
ويعتقد يحمد أن مسألة تلقي عناصر أمنية أو عسكرية لدورات تدريبية في مركز اتحاد القرضاوي "أكثر خطورة من مجرد محاولة اختراق المؤسسات، لأنها تتعلق أساساً بزرع أفكار وأدلجة غير قائمة على الاستمالة بوسائل إغراء كالمال والمناصب، خاصة وأننا لا نعلم الكثير عن المناهج التي يتم تدريسها داخل فروع الاتحاد، لكننا نعلم بعض مواقف هذه المؤسسة غير الواضحة من مسألة الإرهاب، فالاتحاد ورئيسه السابق ومؤسسه يوسف القرضاوي قد وصفا هجوم مقاتلي تنظيم داعش على مدن شمال العراق في يونيو 2014 بأنه "ثورة عارمة للسنة"."
وكان وزير الدفاع التونسي إبراهيم البرتاجي، قد كشف في نوفمبر الماضي، عن تورط عسكريين في التخابر مع إرهابيين ومهربين بالجنوب.
وقال الوزير خلال جلسة استماع أمام لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح بالبرلمان "ثبت أن هناك تخابرا من طرف بعض العسكريين بالجنوب مع جهات أخرى إما في علاقة بالإرهاب أو في علاقة بالتهريب وهي حالات أكثر بقليل".