تمكن نحو 60 مهاجرا، الإثنين، من اجتياز السياجات المحيطة بمدينة مليلية المتنازع عليها، شمالي المغرب، وذلك بعدما أقدم نحو 150 شخصا عل الاحتشاد قرب البوابة الرئيسية، الأمر الذي أسفر عن إصابة اثنين منهم، وثلاثة أفراد من الحرس المدني الإسباني.

وبحسب مصادر إسبانية، فقد تم نقل المهاجرين الذين عبروا إلى أقرب مركز صحي لإجراء فحوصات فيروس كورونا، قبل نقلهم إلى الحجر الصحي الإلزامي، وسط تقديرات تؤكد تناقص أعداد المهاجرين السريين نحو إسبانيا بنحو الضعفين منذ بداية السنة الماضية، بسبب تدابير الإغلاق التي صاحبت انتشار الفيروس المستجد.

وكانت قوات الحرس المدني الإسباني قد عاينت وجود مجموعة كبيرة من المهاجرين بالقرب من السياج العازل، وحاولت السيطرة على الوضع بالتنسيق مع قوات الأمن المغربية، التي كان لها دور الكبير في إيقاف المهاجرين المتبقيين، الذين يرجح أن عددا منهم كانوا قد فقدوا عملهم بمدينة مليلية.

الهجرة تزيد الطين بلة

بحسب بعض التقديرات الإسبانية فإنه ومنذ بداية العام الجاري، تمكن فقط نحو389 مهاجرا من العبور إلى مدينتي سبتة ومليلية الخاضعتين للسيطرة الإسبانية، وذلك بالمقارنة مع ما يقارب 969 مهاجرا الذين تم رصدهم في بداية العام الماضي، ما يرجح بحسب البعض أن يكون كورونا قد نجح فيما لم تتمكن منه كل سياسات مكافحة الهجرة السرية.

وكانت وكالة حماية الحدود والسواحل الأوروبية "فرونتيكس"، قد ذكرت في تقرير صادر عنها قبل أشهر، أن تدفقات الهجرة السرية نحو إسبانيا عبر الحدود المغربية، قد تراجعت بما يتجاوز نسبة 80 في المئة منذ انطلاق حالة الطوارئ الصحية.

ومنذ نهاية العام 2019 بدأ المهاجرون السريون يغيرون وجهاتهم نحو جزر الكناري الإسبانية، والقريبة من السواحل الأطلسية المغربية، لتصل تلك الأعداد إلى 18 ألفا مع مطلع العام 2020، ما يبرز الارتفاع المطرد لأعداد المهاجرين السريين نحو إسبانيا خلال السنوات الماضية، والذي هو مرشح للمزيد من الارتفاع بحسب بعض التقديرات.

أخبار ذات صلة

طفل في أغرب مكان بالسيارة.. ماذا يفعل وكيف وصل إلى هنا؟
عشرات المهاجرين الأفارقة يتسللون من المغرب إلى سبتة
شاهد.. طريقة "جهنمية" لتهريب المهاجرين
إصابة عسكريين مغاربة في عملية لمنع مهاجرين من العبور لمليلية

 وضع دفع بالمغرب وإسبانيا إلى تكثيف التنسيق بينهما، خصوصا بعد اللقاء الذي جمع وزيري داخلية البلدين خلال نوفمبر الماضي، ما ينذر بالقلق لدى البلدين بسبب الوضع الجديد، خصوصا وأن التنسيق بينهما وبالرغم من النتائج الجدية التي حققها في الماضي، إلا أن ظروف كورونا وآثارها السلبية على الدول الإفريقية، تجعل أعداد المهاجرين السريين تكون مرشحة لأن تتزايد.

وفي هذا الصدد أوضح الخبير المغربي في شؤون الهجرة، عبد الرحيم حيليون، في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية أن "حصر تدفقات الهجرة الآتية الساحل وجنوب الصحراء، رهين بمعالجة القضايا السياسية والأمنية، وترسيخ قيم التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين دول الجنوب والشمال".

وأكد حيليون أن "إعلان مؤتمر برشلونة، المنعقد منتصف التسعينيات، هو أول مشروع حقيقي لكسر الحواجز الموجودة بين الشمال والجنوب، والتعزيز التدريجي للتماسك الإقليمي"، رابطا ذلك بضرورة التعاون الأوروبي الإفريقي لتجفيف منابع الهجرة السرية.

وأضاف أن "المغرب كدولة من دول الجنوب بإمكانياته المتواضعة، يصعب عليه التغلب بمفرده على هجرة الأفواج الكبيرة من جنوب الساحل والصحراء، دون انخراط الجميع، وخصوصا الدول الأوروبية الغنية التي كان عليها تنفيذ مقتضيات إعلان برشلونة ليعيش الجميع في طمأنينة وحياة كريمة"

مشاكل أمنية

تشير تقارير عالمية إلى أن منطقة الساحل والصحراء، التي تعتبر من أهم مصادر الهجرة السرية نحو أوروبا، هي أيضا إحدى أهم المناطق التي تنتشر فيها مشاكل توصف بـ"الملازمة" للهجرة السرية، من قبيل الإرهاب والإتجار بالبشر والتهريب، وتجارة المخدرات، وتبييض الأموال.

وبحسب تقرير حول مؤشر الإرهاب العالمي، صدر العام الماضي عن معهد الاقتصاد والسلام بسيدني، فإن القارة السمراء قد عانت، خلال الفترة الممتدة من العام 2007 إلى العام 2019، خسائر بسبب الإرهاب بلغت 171.7 مليار دولار، وهو ما يفتح معظم تلك المناطق على مشاكل أمنية واقتصادية تدفع الآلاف من الشباب إلى البحث عن سبل المرور نحو "الحلم الأوروبي".

أخبار ذات صلة

إسبانيا تدعو لتنسيق أكبر مع تونس في ملف الهجرة
موجات الهجرة غير الشرعية من تونس "تؤرق" إيطاليا
المغرب ينقذ مئات المهاجرين في المتوسط والأطلسي
المغرب: إحباط 54 ألف محاولة للهجرة السرية خلال 2018

 وتتداخل الهجرة السرية، التي تعتبر جريمة ضد سيادة الدول، مع الإتجار بالبشر، الذي هو جريمة ضد البشر، خصوصا عندما يتعلق الأمر باستغلال الضعف والحاجة لدى الأشخاص، أو تنقيلهم إلى بلدان أخرى ليعانوا الاستغلال، وفقا لما جاء في مؤتمر الأمم المتحدة المخصص لمنع الجريمة في العام 2015، ما يجعل مهمة التعاون المغربي الإسباني لمجابهة ظاهرة الهجرة تواجه تعقيدات كثيرة.

وتزامنا مع تزايد أعداد المهاجرين القادمين من العمق الإفريقي نحو السواحل الأوروبية، تتزايد المخاوف من أن تصبح الظاهرة التي هي اجتماعية إنسانية بالأساس، غطاءً لتسرب مشاكل أمنية أخطر، وسط صعوبة التوفر على بيانات دقيقة، بخصوص الأشخاص المغامرين، فيما ترتفع تكلفة الخسائر من الأرواح التي بلغت بحسب تقرير إعلامية آلاف الموتى والمفقودين خلال العشر سنوات الماضية.

المغرب بلد إقامة وليس عبور

يقول الباحث المهتم بقضايا الهجرة، أحمد الزيد، في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية إن "ملف الهجرة يعد من القضايا الأساسية في العلاقات المغربية الإسبانية، وفي العلاقات المغربية مع الاتحاد الأوروبي بشكل عام"، لافتا إلى أهمية التدابير التي يقوم بها المغرب على صعيد "الحماية الاجتماعية والصحية للمهاجرين السريين في سياق الظروف التي فرضتها جائحة كورونا".

وزاد ذات المتحدث، مؤكدا أن "مواقف المغرب بخصوص الهجرة تؤثر على مسارها نحو أوروبا"، مشيرا إلى "نجاح المغرب في إحباط 76 ألف محاولة للهجرة السرية نحو إسبانيا خلال 2019، وأزيد من 30 ألف محاولة هجرة بطريقة عنيفة، إضافة إلى النجاح في تفكيك 147 شبكة إجرامية تنشط في مجال الهجرة غير الشرعية".

ومنذ العام 2013 دشن المغرب، برعاية ملكية، سياسة نشيطة في مجال تسوية وضعيات المهاجرين الأفارقة، لتمنح السلطات المغربية أزيد من 25 ألف بطاقة إقامة للمهاجرين خلال العام 2014، وليتجاوز الرقم 30 ألف خلال السنوات اللاحقة، ما حول المغرب من بلد عبور إلى بلد إقامة بالنسبة لهؤلاء.

جدير بالذكر أن مدينة مراكش المغربية كانت قد استضافت المؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، برعاية أممية، وذلك خلال نهاية العام 2018، بهدف حماية المهاجرين من الاستغلال وانتهاكات حقوق الإنسان، ما يكرس منظور المغرب الذي لا يرى أن المدخل الأمني وحده كافٍ لمواجهة الهجرة السرية، في وقت باتت فيه المداخل الإنسانية والاجتماعية والحقوقية أكثر إلحاحا.