"يرين أنهن الأسعد حظا وقدرة على تجاوز صعاب من نوع خاص، لم يسلم منها حتى الرجال في ليبيا".. هكذا تحدثت ليبيات إلى "سكاي نيوز عربية"، بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، في 8 مارس، مؤكدات أنهن "الأقدر والأجدر على صنع السلام بالرغم من آلاف الميليشيات وملايين قطع السلاح المنفلت وأصوات الحرب".
وافية سيف النصر، عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي، واحدة من بين نساء ليبيات شاركن في الملتقى الذي أسفر عن خريطة طريق في ليبيا، أسكتت صوت البنادق وفتحت مجالا للسلام في البلد الذي تمزقه الصراعات.
وتقول سيف النصر إن دورة المرأة في الملتقى محوري ونقطة التقاء عند اختلاف الأطراف.
وتضيف: "دور المرأة كان مهما جدا ونقطة ارتكاز والتقاء عند كل الأطراف، كنا مؤثرين في صياغة الاتفاق والتقارب بين الأطراف السياسية المختلفة، ومؤثرين في خلق نتيجة قد تحقق استقرارا على المدى الطويل في ليبيا".
مهمة مستحيلة
مهنة شاقة بطبيعتها، لكن إذا ما اقترنت ببلد يتحكم في مصيره الميليشيات المسلحة، تصبح مستحيلة، إلا أن النساء الليبيات استطعن خوض غمارها، وتحقيق نجاحات فيها.
الصحفية الليبية صفاء الحاسي تكشف لـ"سكاي نيوز عربية"، الصعوبات التي واجهتها لتحقيق حلمها بالعمل في مهنة الصحافة، مشيرة إلى أن كونها امرأة تعمل في هذا المجال يعد أمرًا صعبًا في مجتمع مثل المجتمع الليبي.
وتابعت الحاسي: "المرأة الليبية كانت إذا خرجت في الإعلام توصف بأوصاف نابية، ناهيك عن أنهن كن دماء مباحة لتنظيمات إرهابية"، إلا أنها لم تستسلم لتلك التحديات ورفض أهلها، وواصلت العمل الصحفي والميداني، واقتحمت محاور القتال للتغطية الميدانية في أحداث 2014.
وأشارت إلى أن كون عملها ميدانيًا فضلا عن أنها غير محجبة، عرضها لمضايقات، تمثلت في رفض دخولها بعض الأماكن، وتمييز زملائها الرجال عنها من قبل بعض المسؤولين.
"تحديت الصعاب التي عرضتني أحيانًا للمخاطر، وأكملت مسيرتي الإعلامية، محققة نجاحات لم أتوقعها، توجت بافتتاحي شركة للاستشارات الإعلامية"، تقول الحاسي وتضيف أنه على الرغم من تغير وجهة نظر بعض الليبيين تجاه عمل المرأة، فإن الأخيرة لا زالت تواجه صعوبات ومعوقات تحول دون ممارسة أعمالها.
العمل الأكاديمي
حنان الهوني الأستاذ بجامعة الجفرة (وسط ليبيا) قالت في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه على الرغم من تأخر تمثيل المرأة الليبية داخل الحكومة، فإن هناك شريحة من الأكاديميات يعملن سواء في العلوم التطبيقية أو المعلمات الموظفات اللاتي يعملن في مؤسسات الدولة المختلفة.
وأكدت الهوني، أن المرأة الليبية بصفة عامة "مكبلة بالتقاليد والأعراف التي تقيد انطلاقتها، إلا أن هناك اختلافات في المدن الليبية من حيث الحرية الممنوحة للمرأة؛ فطرابلس وبنغازي فازت المرأة فيها بقدر كبير من الحرية والفكاك من القيود".
وحول ما إذا كان هناك تمييز في المعاملة بينها وزملائها من (الرجال)، قالت حنان الهوني: "على العكس لا أرى تمييزا في المعاملة بين الرجل والمرأة أو الأستاذ والأستاذة، بل إن هناك الكثير من الحوافز المعنوية، فنجاح المرأة نجاح للمجتمع كله".
وتابعت: "أعيش في مدينة صغيرة وسط ليبيا، قمة في التحضر (..) النساء في هون، قائدات في العوائل الصغيرة وفي المجتمع، ونالت المرأة في مدينتي نوعًا ما حظوة في التعليم".
المساواة مع الرجل
أميمة بيو، الحقوقية الليبية، قالت في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، إن المرأة الليبية تحتاج للمساواة مع الرجل وتضمين كافة الحقوق التي تنص عليها المواثيق الدولية والتصدي لأي محاولات تراها معادية لمكتسبات المرأة أو طامحة للتقليل من مكانتها في المجتمع.
وأوضحت أن المرأة تحتاج لأن تخرج من الصورة النمطية للضحية إلى الفاعلة والمشاركة في التنمية وبناء السلام وأن يكون لها دور فاعل في بناء السياسات وصنع القرار وفي المفاوضات، وألا يكون دورها استشاريًا فقط.
عوائق أمام المرأة
وحول المعوقات التي واجهتها، قالت الحقوقية الليبية إن الحقوقيين يعملون منذ 2011 على توعية المرأة بحقوقها وخاصة القانونية والسياسية، إلا أن هناك الكثير من العوائق التي قابلتهم، منها جائحة كورونا والوضع الأمني والانقسام السياسي، كذلك تمويل البرامج اللازمة للوصول إلى النساء المستهدفات.
خيبة أمل وتراجع الثقة
وأشارت إلى أن الصراع الموجود في ليبيا أثر سلبا على حقوق المرأة، فهناك الكثير من المكتسبات القانونية تم الاعتداء عليها وإنقاصها، وكذلك ضعفت المشاركة السياسية للمرأة المجتمعية، مع أن النساء لعبن دورًا مهمًا في الثورة، لكن خيبة الأمل وتراجع الثقة كانا من نصيب المرأة.
وأكدت أنه "على الرغم من أن الإعلان الدستوري تحدث في المادة السادسة على حق المواطنة، فإنه لا تفعيل له على أرض الواقع، بسبب ثقافة المجتمع والموروث النمطي لدور المرأة"، مشيرة إلى أن تفعيل دور المرأة في المجتمع الليبي يحتاج إلى وقت حتى تتغير النظرة النمطية.
وتابعت: "طالبنا ولا نزال نطالب بالكوتة، ورغم أنه مطلب غير صحيح، فإن ليبيا تحتاجه فترة مؤقتة حتى تتغير النظرة القبلية والجهوية والمناطقية التي تعزز وتدعم الرجل أكثر من المرأة".
وعبرت عن أملها في أن يفي رئيس الحكومة الليبية الجديدة بالتعهدات التي قطعها على نفسه بإشراك المرأة في الحكومة وما يتبعها من هيئات بنسبة 30 بالمئة.