كنائس الموصل، ككنيستي الطاهرة والساعة، باتت مانشيت محطات التلفزة ووسائل الإعلام المختلفة، في المنطقة وحول العالم، مع زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس، لعدد منها الأحد.
وقد تعرضت تلك الكنائس، للحرق والتدمير والتفجير، من قبل تنظيم داعش الإرهابي، إبان اجتياحه للموصل ولمناطق سهل نينوى عام 2014، وإقامته خلافته المزعومة هناك، حيث عمد إلى ممارسة سياسات تطهير عرقي وديني منظم، خاصة بحق الكرد والأيزيديين منهم خصوصا، والمسيحيين بمختلف مكوناتهم كلدانا وآشوريين وسريانا وأرمن.
ومع تحرير تلك المناطق في عام 2017، شرع الناس رويدا رويدا، في العودة لديارهم ومناطقهم، لكن شواهد وآثار وتداعيات الخراب والدمار، الذي خلفه تنظيم داعش الإرهابي، في مجمل تلك المناطق، لا يزال ماثلا أمام العيان.
وفي سياق الإسهام في تضميد جراح المسيحيين في العراق، وخاصة في محافظة نينوى، التي هي مهد المسيحيين ومركزهم الأكبر في البلاد، والتخفيف عن ما تعرضوا له، من ويلات على يد مختلف المجموعات الإرهابية التكفيرية في العراق، بادرت دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتعاون والتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، للتكفل بترميم وإعادة بناء وإعمار العديد من الكنائس والأديرة والمواقع الأثرية الدينية المسيحية، الضاربة في عمق التاريخ، كون كنائس وأديرة محافظة نينوى، في عاصمتها الموصل وفي مختلف أقضيتها ونواحيها ذات الغالبية المسيحية، تشكل أقدم الكنائس المسيحية، ليس في العراق فقط، بل والعالم.
والتمويل الإماراتي لإعادة بناء كنائس العراق، وخاصة كنيستي الطاهرة والساعة، في مدينة الموصل، يأتي في إطار برنامج "إحياء روح الموصل" الذي تمت وفقه الاتفاقية بين دولة الإمارات ومنظمة اليونيسكو، عام 2018 والتي تم تفعيلها مجددا عام 2019، وذلك في إطار فعاليات ومبادرات عام التسامح في الإمارات، لتعميم قيم التسامح والعيش المشترك والتعدد، على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وكان المنسق الإعلامي لزيارة البابا لكردستان العراق زين أنور قد قدم الشكر والعرفان، لدولة الإمارات على تكفلها بتمويل مشاريع إعادة إعمار وبناء وترميم وتجديد مختلف المعالم التاريخية المسيحية الدينية والروحية والثقافية في الموصل، من كنائس وأديرة في تصريح إلى موقع "سكاي نيوز عربية".
وقال: "نثمن ونقدر عاليا دور الإمارات العربية المتحدة، ومبادراتها الشجاعة، في التكفل بترميم وإعادة بناء الكنائس والأديرة المسيحية، التي دمرها الدواعش الإرهابيون، وهذا جزء من مبادرات الإمارات وسياساتها الوسطية المعروفة والمستمرة الداعمة للسلام وللعيش المشترك والتسامح الديني في العراق والمنطقة ككل".
ويقول المشرف العام على كنائس مدينة الموصل الأب رائد عادل في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية": "زيارة البابا مهمة جدا للعراقيين عامة، والمسيحيين خاصة، لكنه لا يزور العراق فقط من أجل مسيحييه، إذ أنه شخصية أكبر وأشمل من ديانة محددة، فهو يريد عبر زيارته تعميم وغرس، مفهوم العيش المشترك وفق الأخوة الإنسانية، التي هي أشمل من ديانة بعينها، فالإنسانية قبل الديانات، وأسبق منها".
ويردف: "وجود البابا هنا مهم، لتكريس روحية السلام وتعميقها، في هذه المنطقة، وفي سبيل ذلك، كسر البابا فرانسيس الحواجز والصعاب، زائرا العراق، بلد الأنبياء والتاريخ والحضارة، كي يقول، هنا بدأ السلام، وينبغي أن يسود هنا مجددا".
ويضيف الأب عادل: "نشكر جزيلا دولة الإمارات العربية المتحدة ومنظمة اليونيسكو على الإسهام في إعادة ترميم وبناء، كنيستي الطاهرة (حوش البيعة) التي زارها اليوم البابا، والساعة في مدينة الموصل، وعملية الترميم والبناء، وإعداد التصاميم، والنماذج متواصلة".
ويتابع المشرف على كنائس مركز مدينة الموصل: "إعادة ترميم وإعمار الجامع النوري الكبير، جنبا إلى جنب، كنيستي الطاهرة والساعة، من قبل دولة الإمارات الشقيقة، وتحت إشراف وتنفيذ، منظمة اليونسكو، هو في حد ذاته، رسالة لدعم العيش المشترك، والتسامح الديني، في الموصل والعراق ككل، والمنطقة والعالم تاليا".