جاء إعلان وزارة الصحة المصرية عن عدة ضبطيات لأدوية مخالفة لمعايير الجودة، ليفتح الباب أمام مطالبات لجهات حكومية ونقابية لوقف تداول الأدوية إلكترونيا عبر تطبيقات تبيعها مباشرة إلى المواطنين من دون مرورها عبر الصيدليات العادية، مما يعد مخالفا للإجراءات المتبعة.
وتقدمت نقابة الصيادلة ببلاغ رسمي للنائب العام، طالبت فيه بوقف إعلان تلفزيوني لأحد هذه التطبيقات الإلكترونية، بدعوى مخالفته القواعد الصحية في الإعلان، إلى جانب الترويج للأدوية عبر الإنترنت، وهو أمر يهدد مهنة الصيدلة ويسمح بباب خلفي لبيع العقاقير غير الموضوعة تحت الرقابة الرسمية.
تهديد للمواطن
من جهته، قال الدكتور محمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة، إن التطبيقات الإلكترونية التي تبيع الأدوية بشكل مباشر من دون المرور عبر منافذ البيع المرخصة مثل الصيدليات، تمثل تهديدًا لحياة المواطن المصري، خاصة وأنه لا يمكن الرقابة على هذه التطبيقات وأدويتها وغير معروف مصدرها.
الشيخ في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أكد أن هيئة الرقابة الصيدلانية لطالما تواصل تأكيدها على رقابة السوق، خاصة وأن الأمن الدوائي من أمن المواطنين وصحتهم، وجاء ذلك نتيجة الأزمة الأخيرة بعد القبض على خلية دولية لتهريب الأدوية المضروبة إلى مصر من خلال فرنسا، وتكراره من العديد من الدول.
التطبيقات الإلكترونية
بدأت فكرة التسويق الدوائي إلكترونيًا في وقت مبكر، حيث تم ذلك من خلال تسجيل مواقع الأطباء وتوفير الوصول إليهم من قبل المواطنين بدلًا من استهلاك وقت وجهد البحث على الأرض، إلى أن تطور الأمر وأصبحت نفس التطبيقات الإلكترونية التي وصل عددها إلى 7 في السوق المصري تبيع الأدوية إلكترونيا.
الأزمة نفسها بدأت بشكل واضح مع تعاقد شركة "ابن سينا فارما" المعروفة لتوزيع الدواء على الصيدليات مع أحد هذه التطبيقات الإلكترونية لبيع الأدوية بشكل مباشر للجمهور، حينها تقدمت النقابة العامة للصيادلة في مصر " ببلاغ للنائب العام ضد الشركة والتطبيق الإلكتروني إلى جانب قرار مقاطعتها الشركة.
بوابة خلفية
هاني سامح الصيدلي والمحامي المتخصص في قضايا الصحة، أشار بدوره إلى أن هذه التطبيقات بوابة خلفية للترويج للأدوية غير المرخصة، خاصة وأنها لا تخضع لأي رقابة، حيث من الممكن أن تسمح ببيع أدوية مدرجة في الجدول الخاص بالمخدرات وهي الأدوية المحظور تداولها في مصر إلا وفق إجراءات متبعة.
سامح، بدوره تقدم في وقت سابق ببلاغ ضد هذه التطبيقات الإلكترونية مطالبًا بإلغائها بقرار قضائي، لكن لا تزال هذه القضايا تأخذ مسارها في السلك القضائي، حيث أكد لموقع "سكاي نيوز عربية" أن العائد المادي أيضا يعود على ملاك هذه التطبيقات الإلكترونية فقط، ولا تعود على المواطن أو الحكومة نظرًا لغياب معايير رقابتها ودفعها للضرائب والرسوم الحكومية.
تليفون في يد الجميع
تستغل التطبيقات الإلكترونية لبيع الأدوية، توفر التليفون الذكي في يد كل مواطن، وبالتالي سهولة عرض مميزاتها عليه دون بذل أي جهد، حيث تقدم معلومات صحية إلى المريض، الآثار الجانبية للأدوية المخصصة، مستحضرات التجميل، وأسعار الدواء إلى جانب خدمة التوصيل على مدار 24 ساعة.
الأمر نفسه جعل هذه التطبيقات رائجة، ووصل بالتطبيق الإلكتروني الذي تعاقدت عليه "ابن سينا فارما" إلى صفقة قدرت بنحو 25 مليون جنيه مصري، قبل أن تتراجع الشركة عن الصفقة، بسبب مقاطعة نقابة الصيادلة وقطاع عريض من الصيادلة في المحافظات لخوفهم على أن تحل محلهم التطبيقات الإلكترونية.
مستقبل على المحك
300 مليار دولار تقريبًا حجم تجارة الأدوية إلكترونيا على مستوى العالم، حسبما أشار الدكتور محفوظ رمزي رئيس لجنة التصنيع الدوائي بنقابة الصيادلة، حيث يتم حساب نسبة الأدوية المباعة إلكترونيا نسبة إلى الأدوية الفاسدة سنويا، وهو ما يوضح لماذا ترفض الجهات الرسمية والنقابية في مصر هذا النوع من التجارة.
وأكد محفوظ في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الأمر يتعلق بمستقبل الصيادلة أيضا، خاصة وبهذه الطريقة سيحول الأمر إلى احتكار، ويسمح بالدخلاء على المهنة، حيث سيقف دور الشركة عند استيراد الدواء، ومن ثم يختفي دور الصيدلي مع الوقت وزيادة سوق الدواء المغشوش.
كانت وزارة الصحة والسكان في مصر قد تقدمت ببلاغ للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تطالب فيه بحظر إذاعة إعلان تلفزيوني لأحد التطبيقات الإلكترونية، والذي يتزامن إذاعته مع الحملات المستمرة للوزارة لمنع تداول الأدوية غير المرخصة.