تبعث زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى السودان، ولقائه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، السبت، بإشارات لافتة بشأن أهمية الاعتبارات الجيوسياسية بين البلدين، وكذلك العلاقات التاريخية بينهما، والتي تجعل لأي مقاربة سياسية وإقليمية تأثيراتها الحيوية في ظل طبيعة الملفات المتفاوتة والقضايا المشتركة.
وخلال لقاء السيسي والبرهان، تم التباحث بشأن سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على كافة الأصعدة، بالإضافة إلى بحث عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الأولوية والاهتمام المشتركين، خاصة تطورات الأوضاع في منطقة الحدود السودانية الإثيوبية، ثم التحركات السودانية الأخيرة لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا.
وعكست المناقشات، وفق الرئاسة المصرية "تفاهما متبادلا بين الجانبين إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، بما يكفل تعزيز القدرات الإفريقية على مواجهة التحديات التي تواجه القارة ككل، كما تم الاتفاق على تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسؤولين من البلدين بصورة دورية للتنسيق الحثيث والمتبادل تجاه التطورات المتلاحقة التي يشهدها حاليا المحيط الجغرافي للدولتين".
وفي حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أوضح المحلل السياسي السوداني محمد الأسباطـ، إن زيارة الرئيس المصري للخرطوم تحمل دلالات ورسائل قوية.
وأضاف "كان ملف سد النهضة في طليعة الملفات التي بحثها السيسي والبرهان، وذلك بسبب التعقيدات التي رافقت الملف بعد إصرار إثيوبيا على عدم التوقيع على اتفاق ملزم، وبدء الملء الثاني، وفشل مسار التفاوض عبر الاتحاد الإفريقي، ولذلك جرى الاتفاق بين مصر والسودان على أن تكون المفاوضات رباعية برعاية الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، وهذا الأمر جاء ليعزز ما تم الاتفاق عليه في القاهرة بين وزيري خارجية السودان ومصر".
ومن بين الملفات الأخرى التي جمعت القيادتين المصرية والسودانية، بحسب المحلل السياسي السوداني "ملف التعاون الاقتصادي والاتفاقيات العسكرية والاستراتيجية، حيث أكد الرئيس المصري على المضي قدما في مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسودان، بالإضافة إلى المشروعات التجارية والاستثمارية"، لافتا إلى أن الاجتماع تناول "قضية حدود السودان وحق الحكومة في الخرطوم في إدارة وامتلاك أراضيها، إذ وعد الرئيس المصري بدعم الحكومة السودانية باتجاه فرض السيطرة على أراضيها وحماية سيادتها الوطنية والتماس الطرق الدبلوماسية لحل الأزمات".
وبحسب الباحث المصري في العلوم السياسية مصطفى صلاح، فإن التصريحات المصرية والسودانية خلال القمة التي انعقدت في الخرطوم تشير إلى "حجم ونوعية العلاقات التي أصبحت تربط بين البلدين".
وأوضح لـ"سكاي نيوز عربية": "أن الملفات المشتركة أصبحت القاعدة الأساسية لمرتكزات تحركات السودان ومصر الخارجية، وقد عكست التصريحات المصرية والسودانية مدى الحرص المتبادل على تنسيق التعاون المشترك في مختلف المجالات وإن كانت قضية سد النهضة قد شغلت الحيز الأكبر من هذه المباحثات".
ويمكن استنتاج مجموعة أخرى من المؤشرات الخاصة بانعكاسات هذا التعاون على القضايا المتفاوتة في القارة الإفريقية، حيث إن "التنسيق الثنائي بينهما قد يكون دافعا لبداية مواجهة الأزمات التي تواجهها الدول الإفريقية، ويمكن القول إن هذا النموذج من التعاون لم يأت كرد فعل على الأزمات التي تواجههما"، بحسب الباحث المصري.
وتابع: "لا يمكن وصف التعاون بأنه تحالف الضرورة أو أنه مرحلي، ولكنه امتداد لعلاقات قديمة وممتدة من الشراكة الإقليمية والتاريخية، وإن كانت قد شهدت مراحل من المد والجزر بسبب الصعوبات الداخلية والمحلية التي مرت بالبلدين، ويؤشر على ذلك أنه بمجرد تحقيق معدلات الاستقرار الداخلي، استعاد كل منهما علاقاتهما التاريخية، ووحدة المصير".
من جهة أخرى، تؤكد التصريحات المصرية والسودانية أن التحركات الخارجية لكليهما تتسم بأعلى درجات التنسيق وتحديات المصالح الخاصة بكل منهما، بحسب الباحث المصري في العلوم السياسية، وهو الأمر الذي سينعكس بصورة إيجابية على مسار المفاوضات مع إثيوبيا حول تقاسم حصص المياه باعتبار أنهما دولتا المصب.