بعد حلقة أخرى من مسلسل الإرهاب الذي يشهده الصومال على مدار سنوات، يرى محللون سياسيون أن المتطرفين في البلد الواقع في القرن الإفريقي، يسعون لاستغلال الصراع السياسي للبحث عن موطئ قدم جديد لهم.
وشهد الصومال هجومين إرهابيين الجمعة، أحدهما ليلا في العاصمة مقديشو حيث انفجرت سيارة ملغومة مما أدى إلى مقتل 20 شخصا وإصابة العشرات، والثاني فجرا في سجن بوصاصو بولاية بونتلاند شرقي البلاد، عندما جرت محاولة لاقتحام سجن.
ويأتي الهجومان في وقت تواجه به البلاد موجة من القلاقل السياسية، في ظل غياب الاتفاق بين الحكومة والمعارضة على تنظيم الانتخابات العامة المقبلة بعد انتهاء ولاية الرئيس محمد عبد الله فرماجو في 8 فبراير الماضي.
وتستغل الجماعات الإرهابية، مثل حركة الشباب وتنظيم "داعش"، الخلاف السياسي لتنفيذ هجمات في مناطق متفرقة بالبلاد، وفقا لمحللين.
سياسة التوحش
الخبير السياسي الصومالي عبد القادر علي، قال إن التفجيرات الأخيرة التي شهدتها مقديشو "تأتي ضمن استراتيجيات الإرهاب العابر للقارات الذي تمثله جماعة الشباب"، فهو "ليست له أهداف غير زعزعة استقرار البلاد وأمنها، ومن المعروف أن هذه المجموعات تخطط لتنفيذ هجماتها بدقة ومتى شاءت، ومع الأسف فلا توجد استراتيجية وطنية واضحة لمواجهة هذا العدو المتربص بالشعب الصومالي".
وأضاف علي لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "من المؤكد أن مثل هذه التفجيرات التي تستهدف المدنيين والشعب الأعزل ليس لها أسباب منطقية، لكنها أعمال تخريبية يقصد من وراءها إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وهذا جزء من خطط المجموعات الإرهابية التي تؤمن ما يسمى استراتيجية التوحش، التي تعني إعادة الدول إلى عصر ما قبل الدولة، ليتمكنوا من إعادة صياغتها، وهذا نوع من الوهم".
هجوم سجن بوصاصو
وفي ولاية بونتلاند، نجحت قوات الأمن فجر الجمعة في صد هجوم إرهابي على مجمع أمني يضم سجنا كبيرا في مدينة بوصاصو الساحلية، يحتجز فيه نزلاء تمت إدانتهم بتهم الإرهاب والانتماء لتنظيمي "داعش" وحركة الشباب.
بدأ الهجوم بانفجار أعقبه قتال شرس بين رجال الأمن والمجموعة التي شنت الهجوم، ونجحت القوات في صد الهجوم بعد الحصول على تعزيزات إضافية فورية.
وبحسب وسائل الإعلام الصومالية، قتل 3 أشخاص وأصيب 5 آخرون خلال الهجوم، فيما لم يتمكن المسلحون من اقتحام السجن بعد مقاومة شديدة من حراسه وقوات الأمن.
يذكر أن قوات الأمن بولاية بونتلاند، بدأت مؤخرا شن عمليات واسعة ضد تنظيم "داعش" وحركة الشباب، في سلسلة جبلية قرب مدينة بوصاصو.
إثبات وجود
ويرى الباحث الصومالي محمد موسى حسن أن "مدينة بوصاصو الساحلية من أكثر المدن الصومالية أمانا واستقرارا، وظلت لعقود مركزا تجاريا مهما ووجهة أساسية للمستثمرين وأرباب المال والأعمال الصوماليين والأجانب، لكن هجوم حركة الشباب الإرهابية الأخير على سجنها المركزي فاجأ الكثير من المراقبين، وأرسل رسالة واضحة ومحددة بأن الحركة ما زالت قادرة على استهداف أكثر الأماكن تحصينا، ليس في العاصمة مقديشو والجنوب الصومالي فحسب، وإنما في إقليم بونتلاند الذي يتمتع بحكم ذاتي واستقرار نسبي".
وأضاف حسن لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الصومال يمر بمنعطف سياسي حرج واستثناني، والمفاوضات بين الحكومة الفيدرالية في مقديشو واتحاد مرشحي الرئاسة حول ملف الانتخابات وصلت إلى طريق مسدود، وتحاول حركة الشباب، من خلال الهجمات النوعية والدقيقة التي شنتها مؤخرا، إثبات أنها ما زالت قوة فاعلة على الأرض، وتستطيع مهاجمة كل مدينة صومالية في التوقيت الذي تحدده وتراه مناسبا".
ويتفق معه علي، الذي قال إن "مثل هذه المجموعات الإرهابية تستفيد من الخلافات والصراعات المشتعلة، وقد تلجأ إلى أسوأ من ذلك لتغذية الخلاف ودق الأسافين بين الساسة، لذلك ينبغي أن يكون هذا العمل سببا للتقارب وتسريع وتيرة التقارب لبدء العملية الانتخابية لإسكات صوت الإرهاب والتخريب".
وتابع علي: "الساسة منشغلون بمناكفاتهم السياسية، ولا يمكن أن يقدم أحد استقالته، فضلا عن أن يحاسب على هذا التقصير أحد رغم فداحة الجريمة".