تتفاقم التحديات التي تواجه قطاع النفط في ليبيا، بعد اتجاه العاملين بالقطاع نحو التصعيد مؤخرا، عقب سلسلة من المطالبات المستمرة التي انتهت بالتلويح بتخفيض الإنتاج التدريجي للنفط، في خطوة قد تفرز تبعات مباشرة على الأوضاع المعيشية بالبلاد.
ويسعى العاملون من خلال هذه الخطوة إلى محاولة الضغط على "الجهات المسؤولة" لتنفيذ قرارات تصب في صالح العاملين.
وينادي العاملون في مطالباتهم المستمرة بتنفيذ القرار رقم 642 لسنة 2013 والقاضي بزيادة مرتبات العاملين في قطاع النفط وتنفيذ البرامج الطبية والمعيشية لهم وفق ما يقره القانون.
وذكرت النقابة العامة للنفط في بيان الأسبوع الماضي أنها سبق وتواصلت مع الجهات المعنية، وكل من تلك الجهات يُحيل المسؤولية للجهة الأخرى.
وقبل أن تُعلن يوم الأربعاء عن خطوات تصعيدية جديدة (تضمنت بدء مرحلة الاعتصام وإيقاف العمل بالمرافق النفطية وخفض الإنتاج، باستثناء القطاعات الخدمية)، سبق وأن أمهلت النقابة العامة للنفط في 24 فبراير الماضي، الجهات المسؤولة، أسبوعاً للاستجابة لمطالب العاملين بالقطاع.
وهددت في بيان المُهلة: "في حال عدم الاستجابة وتعمد المزيد من المماطلة سيتم اتخاذ إجراءات تصعيدية، وستعلن عن انطلاق حراك لانتزاع حقوقها بكل الطرق والوسائل، بما فيها تخفيض الإنتاج التدريجي للنفط بما يخوله القانون والإعلان الدستوري، وبما تنص عليه الاتفاقات الدولية".
وفيما حذر محللون من تبعات التصعيد على الأوضاع المعيشية بالبلاد التي تعاني من أزمات خانقة، وما فتئ النفط -باعتباره أساس الاقتصاد فيها- ورقة خاضعة للمساومات السياسية والاقتصادية طيلة السنوات الماضية، دافع مصدر مسؤول بالنقابة العامة للنفط، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن موقف العاملين.
وقال: "إن النقابة منذ أكثر من سنة تطالب بحقوقها وذلك بتفعيل القرار 642 لسنة 2013 ولكن دون جدوى.. لم تأبه الجهات السيادية للدولة الليبية، رغم المراسلات سواء للمؤسسة الوطنية للنفط أو الجهات التشريعية المتمثلة في مجلس النواب أو الجهات التنفيذية المتمثلة في المجلس الرئاسي والمصرف المركزي.. نحن التجأنا إلى هذا الإجراء بتخفيض الإنتاج والاعتصام في مواقع العمل بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجوهنا".
وأردف المصدر قائلاً: "كنا ضد إقفال النفط أو المساس بقوت الليبيين.. لكن رأينا بأن من يقوم بالاعتصام والتلويح بالإقفال يأخذ حقوقه كاملة، أما نحن فسعينا بالطرق التي تكفلها كل القوانين والاتفاقات بشأن الإضراب والاعتصام، ولكن لم نر أي تجاوب من الجهات السيادية.. نحن على استعداد لحل هذه المشكلة بالجلوس معنا وإعطاء ضمانات حقيقية لعمال النفط لنيل حقوقهم.. أما ما يتعلق بالشارع الليبي فالجهات السيادية والمصرف المركزي ووزارة المالية هي المسؤولة الوحيدة عما يحدث من تضخم وارتفاع الاسعار وأزمات اقتصادية".
وحققت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا خلال شهر يناير 2021، معدلات قياسية، وذلك بعد المحافظة على المعدلات الإنتاجية اليومية. وكشفت المؤسسة عن ارتفاع قياسي في إيرادات مبيعات النفط الخام والغاز والمكثفات والمنتجات البترولية والبتروكيماويات، والتي وصلت إلى مليار و409 آلاف دولار في شهر يناير الماضي، وذلك بزيادة قدرها 300 ألف دولار عن الشهر السابق عليه.
وأرجع محللون تلك المعدلات إلى عدة عوامل، أهمها هدوء الأوضاع الداخلية وتوقف الحرب، بموازاة ارتفاع سعر النفط على المستوى العالمي، بالتزامن مع تواصل تدفقات النفط في ليبيا فوق المليون برميل يوميا.
وفي الوقت الذي لفت إلى آثار استخدام النفط كوسيلة للضغط، وتبعات مسألة التلويح بإيقاف ضخ النفط من قبل العاملين، على الوضع الاقتصادي والمعيشي في ليبيا، أفاد الكاتب والمحلل السياسي الليبي فايز العريبي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" بأن "العاملين في قطاع النفط شأنهم شأن جميع المواطنين الليبيين ممن يعانون من تبعات الوضع الاقتصادي الخانق والآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة والفساد الذي يعاني منه البلد منذ عشر سنوات".
واعتبر أن "هناك عبثاً حقيقياً في استخدام ثروات ليبيا، وهناك فساداً". وأوضح أن "العاملين بقطاع النفط هم محركون أساسيون للقطاع، وهم يعبرون عن جزء من الموقف الشعبي للوقوف ضد الفساد الذين رأوه بأعينهم"، لكنه أفاد بأنه "عندما يتم العمل على إيقاف ضخ النفط فإن ذلك قطعاً تترتب عليه آثار سلبية على الوضع الاقتصادي في ليبيا أكثر مما هو عليه الآن".