بعد سنتين شحت فيهما السماء وساد الجفاف، يشهد المغرب هذا العام هطول أمطار قوية تتسبب، بين الفينة والأخرى، في فيضانات جارفة تسفر عن أضرار مادية جسيمة.
وبعد الدار البيضاء وطنجة، تكرر مشهد الفيضانات، الاثنين، في مدينة تطوان شمالي البلاد، حيث غمرت مياه الأمطار شوارع "الحمامة البيضاء" وحولتها إلى ما يشبه أودية تسبح فيها السيارات.
وبحسب السلطات المحلية، فقد وصلت الأمطار إلى 100 مليمتر ما بين السابعة صباحا والرابعة بعد الزوال، مما أدى إلى "ارتفاع منسوب بعض المجاري المائية وتسجيل فيضانات بمجموعة من قنوات الصرف الصحي، نجمت عنها العديد من الخسائر المادية، من دون أن تخلف خسائر في الأرواح".
وأضاف بلاغ في هذا الصدد، أنه تم تسجيل تسرب مياه الأمطار لما يناهز 275 منزلا في عدد من أحياء المدينة، فيما جرفت التدفقات 11 سيارة، كما أدت المياه الغزيرة إلى انهيار جزئي للجدران الخارجية لبعض المؤسسات والمرافق، وغمر بعض الطرق بالمياه.
وتظهر المقاطع التي تداولتها المنصات الاجتماعية على نطاق واسع، السيول وهي تجرف عددا من السيارات من الحجم الصغير والكبير، وتعطل حركة السير لعدة ساعات على بعض المحاور.
وتمتاز مدينة تطوان بتضاريسها الجبلية، وهو ما يجعل السيول أكثر قوة في المناطق المرتفعة، وتبرز المدينة ضمن المناطق المشمولة بنشرة إنذارية لمديرية الأرصاد الجوية التي حذرت من أمطار قوية تصل إلى 70 مليمترا.
واقع البنية التحتية
وفي تفاعل مع مقاطع الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، استنكر عدد من المغاربة ما وصفوه بضعف البنيات التحتية وهشاشتها، ونددوا بـ"تقصير" المجالس المنتخبة في إعادة تأهيل البنى الأساسية.
وقد أعادت فيضانات تطوان إلى الأذهان ما حدث قبل أيام في مدينة طنجة شمالي المغرب، حيث غمرت مياه الأمطار معملا سريا تحت الأرض مما أسفر عن غرق ووفاة 28 شخصا.
كما كان المجلس البلدي لمدينة الدار البيضاء، العاصمـة الاقتصادية للمغرب، في مرمى الانتقادات بعد الفيضانات القوية التي شهدتها المدينة في يناير المنصرم، وأسفرت عن خسائر مادية جسيمة وانهيار منازل قديمة مما تسبب في سقوط ضحايا.
وتشير أصابع الاتهام في كل مرة إلى "تقصير" المجالس البلدية المتعاقبة على تسيير أكبر مدن المغرب، في إصلاح وتهيئة البنيات التحتية.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس، قد خصص في افتتاح دورة البرلمان سنة 2013، مساحة كبيرة من خطابه لانتقاد تدبير الشأن العام المحلي بالدار البيضاء، واعتبر أن "المشكل الذي تعاني منه العاصمة الاقتصادية يتعلق بالأساس بضعف الحكامة"، ودعا إلى "تشخيص عاجل يحدد أسباب الداء وسبل الدواء".
تفاؤل بسنة فلاحية جيدة
ورغم الفيضانات التي سجلها موسم الشتاء الحالي، فإن كميات الأمطار المتساقطة خلال الأشهر الماضية، أنعشت الآمال في موسم فلاحي جيد بعد سنتين من الجفاف، تراجعت خلالهما محاصيل وانكمشت خزينة السدود المائية خاصة في المناطق التي تعتمد على الزراعات التصديرية، كجهة سوس ماسة التي تعتمد على تصدير الحوامض، حيث قلت بها مناسيب السدود إلى مستويات قياسية.
ويعد قطاع الفلاحة، الذي يشغل 40 بالمئة من المغاربة، من القطاعات المهمة التي تحدد ملامح النمو الاقتصادي في البلاد، حيث تساهم سنويا بأكثر من 13 بالمئة من الناتج الداخلي الخام.
وتبني الحكومة توقعاتها في قانون المالية للسنة الحالية، على موسم متوسط بـ75 مليون قنطار من الحبوب، لكنها تراهن على المزيد من الأمطار في الأسابيع المقبلة خاصة في المناطق الخصبة، لتحسين هذه التوقعات.