تداولت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، مؤخرا، صورة لشهيد الثورة الجزائرية زيغود يوسف، مكنت الجزائريين من التقرب أكثر من ملامحه.
ويعود تاريخ الصورة إلى عام 1950 أين تم التقاطها من طرف قوات المستعمر الفرنسي بالتزامن مع اعتقاله.
ويتعلق الأمر هذه المرة بصورة تم جلبها من أرشيف الجيش الفرنسي عام 2017، من طرف باحثين جزائريين متخصصين في دراسة تاريخ الثورة الجزائرية، قاموا بتحديثها وتحسين جودتها بطريقة أظهرت الملامح الحقيقية لواحد من أبرز رموز الثورة الجزائرية.
وقبل هذه الصورة لم يكن الشارع الجزائري يعرف الكثير عن ملامح زيغود، فطيلة الخمسين عاما من الاستقلال (1962-2021)، لم تكن هناك سوى صورتين متاحة لزيغود، وأشهرها تلك التي يرتدي فيها قبعة عسكرية ويظهر فيها بشارب أسود أنيق تعكس ملاح رجل هادئ الطبع.
في هذا الإطار، قال الباحث الجزائري رياض شروانة المتخصص في التاريخ المعاصر بجامعة الانتماء بالسوربون بباريس: "الصورة أُخذت في مدينة عنابة بتاريخ 26 أبريل 1950 بمناسبة إيداعه السجن بعدما اعتقلته شرطة الاستعلامات العامة للاحتلال في ظهيرة يوم 21 مارس 1950 ببلدة السمندو بقسنطينة".
ويعود الفضل الأكبر في جلب هذه الصورة للبروفيسور علاوة عمارة الذي نشرها في دراسته الموسومة بـ"المسيرة النضالية والثورية للشهيد القائد محمد الصالح ميهوبي"، التي صدرت في طبعتها الثانية عام 2017.
وتكمن أهمية الصورة على عدة مستويات، خاصة منها السينمائية، فيجد صناع السينما صعوبة في التعرف على ملامح أبرز الشهداء وقادة الثورة التحريرية، إذ لا يوجد في أرشيف الذاكرة الجزائرية إلا أعداد قليلة من صور أبطال الجزائر على غرار الشهيد العربي بن مهيدي، وزبانة وديدوش مراد، وزيغود يوسف والعقيد لطفي وغيرهم العشرات من رموز الثورة.
ولا يزال النقاش قائما حول مشروع فيلم روائي طويل يتناول شخصية زيغود، بصفته مهندس هجمات 20 أوت 1955 بالشمال القسنطيني، وقد تم تكليف رئيس مؤسسة الشهيد العقيد زيغود يوسف السيناريست أحسن تلياني بكتابة العمل.
من جهته، قال الباحث الجزائري الصالح بن سالم إن ما قام به الباحثان علاوة ورياض يندرج في خانة توضيح الحقائق الهامة التي تخص تاريخ الجزائر، عبر نشر الصور والوثائق والمعلومات حول زيغود يوسف التي يجتهد البعض في نفخها بـ"الأساطير والخزعبلات والأكاذيب".
قال بن سالم: "ينقل البعض على لسان زيغود أنه قال لما عاد من مؤتمر الصومام بتاريخ 20 أغسطس 1956 إلى الولاية الثانية مقولة أصبحت مقدسة (الثورة حادت عن مسارها لكنها ستنتصر)، وهي مقولة لا أساس لها من الصحة بتاتا، وهي مقولة غذت خطاب العنصرية وأصبحت تهمة جاهزة لتخوين المهندسين لمؤتمر الصومام رغم أن الشهيد العربي بن مهيدي كان من أبرز الحاضرين فيه بل وهو رئيس المؤتمر".
ولد يوسف زيغود في 18 فبراير 1921 في قرية سمندو شمال شرق قسنطينة والتي تحمل اسمه اليوم.
انضم زيغود إلى حزب الشعب الجزائري في سن السابعة عشرة، وكان مسؤولاً أول عنه في عام 1938 في سمندو. تم انتخابه من حركة انتصار الحريات الديمقراطية في عام 1947، وكان جزءًا من المنظمة الخاصة التي كان من المفترض أن تهيئ الظروف اللازمة للكفاح المسلح، بعد فشل حل النزاع بالطرق السلمية.
اعتقل زيغود عام 1950 بعد اكتشاف نظام التشغيل من قبل الشرطة الاستعمارية وسجن في سجن عنابة، وقد تمكن من الهرب في أبريل 1954، لينخرط في العمل العسكري مع اللجنة الثورية للوحدة والعمل منذ إنشائها.
في 1 نوفمبر 1954، كان إلى جانب ديدوش مراد، المسؤول عن شمال قسنطينة، والتي كانت ستصبح الولاية الثانية لجيش التحرير الوطني، عندما سقط ديدوش مراد في الميدان في يناير 1955، حل محله زيغود كرئيس للمنطقة. ومن خلال هذه الوظيفة، قام بتنظيم وتوجيه الهجوم الشهير في 20 أغسطس 1955، والذي كان عرضًا مدويًا لحجم التعبئة الشعبية في النضال التحريري وقد وجه ضربات قاسية إلى قوات الاستعمارية.