لا يزال الإغلاق سيد الموقف في لبنان، بعدما بدأ نهاية شهر يناير الماضي، في ظل ارتفاع عدد الوفيات بشكل مقلق وعدم انخفاض أعداد المصابين بفيروس كورونا.
ويأتي استمرار الإغلاق فيما انطلقت، مؤخرا، عملية التلقيح تأخذ مجراها الطبيعي بدءا من تلقيح كبار السن في بعض المستشفيات اللبنانية.
ومع كل تجديد لفترة الحجر الصحي الذي قارب العام بشكل متقطع، يشهد لبنان حالة من القلق بين مؤيد للإغلاق ومعارض له بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي ترزح تحتها الشريحة الكبرى من الشعب اللبناني فتبدأ مظاهر التململ والقلق تنتقل إلى الشارع مسجلة المزيد من الاعتراض.
وإزاء هذا الوضع، بدأت حالات الااكتئاب والقلق تصيب العديد من المواطنين في منازلهم، فحال اللبنانيين ليست كحال مواطني الدول الأخرى التي تقوم حكوماتها بتقديم المساعدات من مالية وعينية للمواطن، فالحجر يزيد من المأساة التي بدا كثيرون بالتململ منها وأصابت العديد منهم بعوارض القلق واليأس والخوف.
وتعليقاً على ما يعيشه لبنان من ظروف خاصة، يجمع الأخصائيون في الصحة النفسية أن الحجر الصحي المفروض على أكثر من مليار شخص حول العالم بسبب جائحة كورونا، ليس أمراً سهلاً ولا موضوعاً يستهان به، فهو إجراء إستثنائي وغير مسبوق قيد الحريات الفردية حتى في الدول الديمقراطية.
هذا الوضع الإستثنائي الذي تفاقم في لبنان بسبب الظروف المعيشية الصعبة بدأ يتسبب بمشاكل نفسية للعديد من الأشخاص بعد فشلهم في التعاطي بشكل إيجابي مع هذا الظرف، الأمر الذي ترك آثاره النفسية الكبيرة على الناس فكيف يمكن تجنبها؟
رحيّل: الحجر يزيد من التوتر والانفعال
إزاء هذه الحالات، تقول المتخصصة في علم النفس الاجتماعي، ابتسام رحيّل، لموقع "سكاي نيوز عربية" "القلق والتوتر والا انفعال من أبرز التأثيرات النفسية التي تنتشر في مثل هذه الحالات للأسف، وفي المجتمع اللبناني وغيره، دائماً من هم في وضعية نفسية هشة معرضون أكثر من غيرهم للإصابة بهذه المشاكل النفسية لأن العامل الاجتماعي يؤثر بقوة في نفسية الأشخاص الموجودين في الحجر الصحي".
وتلفت رحيل الى" أن الأشخاص الذين يفقدون وظائفهم في مثل هذه الظروف قد يتعرضون لمشاكل نفسية جمة، فالصعوبات المادية الخطيرة التي يعاني منها المجتمع، يمكن أن تتسبب بمشاكل نفسية حادة بدأت تداعياتها تتجلى بوضوح في الشارع، فقد بتنا نفتقد الحياة الطبيعية وتفاعل الفرد مع الجماعة والمحيط، بينما يغيب التبادل العاطفي والثقافي والعلائقي لذلك لا بد لنا من العمل على ضرورة الااستفادة من وقت الحجرالصحي بطريقة إيجابية، واستغلال الوقت في أمور تعود علينا وعلى أسرنا بالنفع".
وتضيف: "الحجر الصحي سيترك بلا شك آثاره السلبية على الواقع الاجتماعي، ولبنان لن يكون بمنأى من ذلك من خلال تغيير العديد من العادات وتبديل بعضها، كالمناسبات الاجتماعية والأعياد الدينية والزيارات ومراسم الزواج والااستقبال ومراسم الدفن والموت، أما على الصعيد النفسي فسنشهد الكثير من الحالات التي تعاني من الااضطراب والقلق والتوتر والخوف وصولاً للوسواس القهري وبالتالي الاكتئاب".
وتحدد رحيّل "مفهوم الإكتئاب الناجم عن الحجر بالحالة الانفعالية وهذه تتجلى بإحساس الفرد بالتعب والإرهاق واليأس والأسى مع فقدان الشعور بالسعادة والفرح كما بدأنا نلاحظ على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي من الإحساس بالسوداوية والكآبة وبالتالي ينكفئ الفرد على نفسه ويشعر بالعجز وعدم الكفاءة ، ويبدو عليه عدم التركيز وضعف الذاكرة".
توضح الاختصاصية فتقول "هناك أيضا أعراض جسدية تبدو على المكتئب من خلال العوارض النفس - جسدية كالصداع وقد يترافق ذلك مع ااضطرابات في الأكل والنوم ."
توجيهات ونصائح
تنصح المتخصصة في هذه الظروف بضرورة اتباع الإرشادات التي تساعد الناس على تخطي هذه المرحلة، والتخفيف من الآثار السلبية للحجر الصحي ومنها متابعة الإرشادات والتدابير الصحية وحُسن إدارة الوقت واتباع نظام غذائي صحي يقوي المناعة الجسدية مع أهمية ممارسة الرياضة داخل أو بالقرب من المنزل والااهتمام بالنظافة الشخصية وممارسة النشاطات المفيدة كاليوغا وتمارين التأمل والاسترخاء والتواصل اليومي مع الأهل والأصدقاء، خاصة مع المسنين عبر تقنيات التواصل المتعددة والمشاركة في الخدمة المجتمعية".
وتنصح الأخصائية رحيل اللبنانيين بضرورة الابتعاد عن سماع نشرات الأخبار التي تنقل أخباراً مؤذية للسمع حول الفيروس وتبعاته السلبية وأهمية العودة الى الذات والااقتراب من أفراد الأسرة، مع تخصيص وقت لسماع الموسيقى والرقص والجو المرح وتطوير المهارات الحياتية الجديدة ومتابعة ورش عمل وحضور مؤتمرات وندوات مفيدة عبر الاانترنت من خلال الاستفادة من التقنيات التعليمية الإلكترونية.
وتختم رحيل بـ"ضرورة إستشارة ااختصاصي عند الشعور بأعراض الإكتئاب قبل أن يتطور الوضع الى حالات مرضية قد تؤذي الإنسان".