مع منتصف هذا الأسبوع بدأت مظاهر الحياة الطبيعية تعود إلى شوارع الجزائر، بعد فترة من الإغلاق المحدود في إطار إجراءات مكافحة وباء كورونا.
فبعد تحسن الوضعية الصحية في البلاد إثر الانخفاض المحلوظ في عدد الإصابات، أقرت السلطات تخفيف تدابير الحجر الصحي باستئناف النشاط العادي للمقاهي والمطاعم والفنادق وأسواق السيارات وهو الأمر الذي أعاد الحيوية إلى النشاطات التجارية التي عانت اقتصاديا بسبب مخلفات الجائحة.
وفي إطار تسيير الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا (كوفيد-19)، أعاد بيان لمصالح الوزير الأول، عبد العزيز جراد (دخل حيز التنفيذ الاثنين الماضي) الروح إلى عدة نشاطات تجارية واقتصادية على رأسها المقاهي والمطاعم والفنادق التي تعرف إقبالا، خاصة في المدن الكبرى للبلاد.
كما رفع إجراء تحديد أوقات نشاط بعض المتاجر التي كانت ملزمة بتوقيف جميع أنشطتها ابتداء من الساعة التاسعة مساء، ومس القرار الأنشطة الآتية: تجارة الأجهزة الكهرو-منزلية، تجارة الأدوات المنزلية والديكورات، تجارة المفروشات وأقمشة التأثيث، تجارة اللوازم الرياضية، التجارة في الألعاب واللعب، أماكن تمركز الأنشطة التجارية قاعات الحلاقة للرجال والنساء.
ويأتي هذا الفتح ليضاف إلى الإجراءات السابقة التي تدخل في إطار الرفع التدريجي لمختلف النشاطات الحيوية، على رأسها عودة النقل والدراسة، فيما تجدد السلطات ومعها الأطباء المكلفين بمتابعة الوباء التأكيد على ضرورة رفع التحدي الصحي من خلال الالتزام الدائم بالتدابير الـمانعة الموصى بها، من التباعد الجسدي والارتداء الإجباري للقناع وغسل اليدين باستمرار.
شوارع تسترجع أنفاسها
وفي جولة استطلاعية قادت موقع "سكاي نيوز عربية" إلى شارع ديدوش مراد، أحد أكبر الشوارع الرئيسية وسط الجزائر العاصمة، الذي يحتوي على عدد من المقاهي والكافيتريات ومحلات الأكل الخفيف والمطاعم على أطرافه وبين أزقته، يلاحظ إعادة أصحابها نصب كراسيها داخلها وعلى الرصيف المقابل لها لاستقبال الزبائن الذين عادوا إليها ولو بإقبال محدود في البداية بعد فترة من الغياب بسبب ما فرضه الوباء منذ شهر مارس الماضي.
وقبل أشهر أعيد فتح المقاهي والمطاعم ومحلات الأكل السريع، لكن تم حصر أنشطتها على البيع الـمحمول فقط، إلا أن هذه المرة تم السماح لهذه المحلات باستقبال الزبائن مع شرط الالتزام بشروط الوقاية المعروفة.
وعلى مستوى أحد المقاهي المقابلة للطريق الرئيسي لشارع ديدوش مراد (اسم أحد مفجري ثورة التحرير الجزائرية)، وقبل أمتار قليلة عن الجامعة المركزية، شرع الزبائن في العودة إلى المقاهي المعروفة بنشاطها منذ عقود لارتشاف القهوة والشاي والعصائر، تحت أجواء مشمسة ومعتدلة اعتدال طقس العاصمة رغم أن البلاد في عزّ فصل الشتاء، خاصة أن الجلوس في ذلك الشارع المعروف بحيويته وضجيجه لديه خصوصية عند الكثير من رواده لأن الشكل الأوروبي لعماراته والساحات والشوارع المرتبطة به تمنحك فرصة السفر في أدغال التاريخ الجزائري.
والملاحظ أيضا فرض إجراءات التباعد بين الطاولات ووضع المعقمات وامتثال الزبائن لارتداء الكمامة التي تجد داخل كل محل ورقة معلقة مكتوب عليها "ارتداء الكمامة إجباري"، وهو القانون الذي يطبقه جميع الزبائن لأنه بدون كمامة لا يمكن ولوج المحل.
وقد عبر محمد وهو طالب جامعي يدرس بالجامعة المركزية كان مرفوقا بصديقه عن سعادته بعودة نشاط المقاهي بصورة طبيعية كما كان عليه الأمر في الفترة التي سبقت الحجر الصحي، وقبل أن يجلس على الطاولة الخشبية، طالبا من النادل فنجانين من القهوة، خاطب مرافقه مبتسما: "الحمد لله أننا عدنا لارتشاف قهوتنا الصباحية في مكاننا المعتاد قبل الدخول إلى مدرج الجامعة".
دعوة لمرافقة اقتصادية
وقد تنفس أصحاب المقاهي والمطاعم الصعداء وهم الذين يعدون بالآلاف على المستوى الوطني، حيث شرعوا منذ يومين في تهيئة محلاتهم لاستقبال زبائنهم، عبر تنظيفها وترتيب الطاولات والكراسي المخصصة للجلوس، وكلهم أمل في العمل لاستعادة بعض من الأرباح التي فقدوها خلال الأشهر الماضية بسبب الغلق ثم النشاط المحدود.
ويقول صاحب محل "بيع الأكل الخفيف" لموقع "سكاي نيوز عربية" بشارع أحمد وبوعلام خالفي، وسط الجزائر العاصمة، كان برفقة مجموعة من زبائنه "إنه من الضروري العودة إلى استئناف نشاطنا العادي نظرا للوضع الصحي المتحسن والتزامنا مع الزبائن بالاجراءات الصحية المتبعة"، وأضاف أن "طريقة البيع في السابق لم تكن جيدة، لأن معظم المشترين كانوا يتناولون وجباتهم على الرصيف المحاذي للمحل وهذا غير صحي بالنسبة إليهم، أما الآن فالأكل داخله أحسن لهم وقد يعيد إلينا الكثير من زبائننا".
فيما أكد الأمين الوطني المكلف بالمالية بالاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، عبد القادر بوشريط في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية" أن "أصحاب المقاهي والمطاعم كانوا في انتظار هذه العودة للعمل العادي منذ فترة طويلة"، واصفا قرار السلطات بـ"ضخ للأوكسجين" في رئة النشاط الاقتصادي للبلاد.
وأبرز المسؤول بالاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، عبد القادر بوشريط أن اليد العاملة المتوقفة عن العمل هي المستفيدة من استئناف كل هذه النشاطات التجارية مع العودة التدريجية لوسائل النقل وبالتالي فإن الدورة الاقتصادية ستعرف ديناميكية في الأيام المقبلة.
وذكّر المتحدث ذاته أن اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين "ظلّ يلح على ضرورة التعايش مع الوباء بالالتزام بالاجراءات الصحية حتى لا يتم توقيف النشاطات التجارية والإنتاج خدمة للاقتصاد الوطني".
بالمقابل، دعا الأمين الوطني المكلف بالمالية بالاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، إلى "السماح لاستئناف جميع الأنشطة الاقتصادية المتبقية بدون استثناء مع ضرورة مرافقة الدولة للتجار في هذه الفترة عن طريق منحهم القروض بدون فائدة أو بفائدة محدودة".