اجتاحت العديد من مدن السودان فوضى أمنية عارمة الأربعاء شملت حالات نهب وسطو طالت بعض الأسواق الومنشآت العامة والخاصة، وتسببت بخسائر كبيرة.
وتزامنا مع إعلان حالة الطوارئ في ولايات سنار ودارفور وشمال كردفان والقضارف، تحدثت تقارير عن حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من عناصر حزب المؤتمر الوطني المحلول - الجناح السياسي للإخوان - والذي تدور اتهامات جدية بمحاولته القيام بأعمال تخريب خطيرة مستغلا الظروف الأمنية والاقتصادية التي تعيشها البلاد حاليا.
اتهامات صريحة
واتسعت دائرة اتهام الإخوان بالوقوف وراء حالة الفوضى الحالية، وقالت لجنة تفكيك نظام المخلوع عمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019، في بيان صدر خلال الساعات الأولى من صباح الخميس، إنها امتلكت معلومات كافية عن نشاط أعضاء حزب البشير المحلول وتنظيمهم لأعمال حرق ونهب وإرهاب للمواطنين العزّل يجافي نسق الاحتجاج الذي درجت قوى الثورة بتنظيمه.
ووفقا للبيان فقد وجهت اللجنة حكام الولايات ورؤساء لجان التفكيك فيها باتخاذ إجراءات جنائية ضد مرتكبي تلك الأعمال بواسطة النيابة العامة بموجب قانون التفكيك ومكافحة الإرهاب.
وأكد مصدر مطلع لموقع "سكاي نيوز عربية" رصد تحركات لعناصر إخوانية من الكوادر الوسيطة، تعقد اجتماعات مكثفة بعدد من أحياء العاصمة بهدف ضرب استقرار البلاد.
واعتبر المصدر أن التقاعس عن اعتقال عناصر تنظيمية فاعلة في العديد من التنظيمات التي كانت تتبع للمؤتمر الوطني هو السبب الذي أدى إلى الوضع الأمني الذي تشهده البلاد، إضافة إلى تحركات كبيرة تقوم بها قيادات في تنظيم الإخوان في الداخل والخارج لتأزيم الاوضاع الاقتصادية عبر ضرب العملة المحلية، وبالتالي تأجيج الشارع وإعداد المسرح لعودتهم من جديد.
وأشار المصدر إلى أنه وإضافة إلى الكوادر التنظيمية الوسيطة وشبكات ضرب الاقتصاد، يعتمد التنظيم على مجموعة كبيرة من عناصره التي تتولى مناصب قيادية وتنفيذية وإدارية في الكثير من مؤسسات وهيئات الدولة الخدمية والعدلية والتنفيذية الحساسة.
وقال محمد خليفة، أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن معظم الفلتان الأمني يحدث في مناطق أسواق مما يشير لعلاقتها بالاقتصاد والغلاء الطاحن، لكن ذلك لا يمنع فرضية أن تكون داخلها عناصر ترغب في تضييق الخناق على الحكومة الانتقالية.
تخريب واسع
وانتشرت الفوضى بشكل كبير خلال الساعات الماضية، ففي الخرطوم أصدر عدد من لجان المقاومة التي قادت الثورة، نداءات بمكبرات الصوت للشباب والسكان للمنتسبين السابقين بقوات الجيش والشرطة من أجل حماية المدينة من السقوط في يد فوضى عناصر الإخوان.
وأظهرت صور تجمعات لمئات الشباب في منطقة السوق المركزي جنوب الخرطوم للتصدي لمجموعات مدعومة من الإخوان توافرت أنباء عن تخطيطها للقيام بأعمال تخريب ونهب في السوق الذي يعتبر واحدا من أكبر أسواق العاصمة.
وشكلت مجموعات شبابية في أم درمان دروعا بشرية لحماية عدد من المراكز والمحال التجارية، وفي دارفور وكردفان، شهدت الفاشر والأبيض وعدة مدن أخرى أعمال تخريب كبيرة شملت حرق مقار حكومية وخدمية وعشرات السيارات وحافلات النقل، كما أحرقت محطة إذاعة وتلفزيون حكومية إقليمية.
كما أعلنت ولاية سنار الواقعة في وسط السودان حالة الطوارئ بعد تحركات لعناصر من حزب المؤتمر الوطني المحلول تقوم بالتحريض لإحداث فوضى وأعمال إجرامية بالولاية.
ووجهت الولاية الأجهزة الأمنية والشرطية لأخذ الحيطة والحذر لحماية الممتلكات، وناشدت المواطنين بالإبلاغ عن أماكن وتجمعات عناصر النظام المنحل وقادتهم.
عمل منظم
ويرى الإعلامي محمد شمس الدين أن أعمال العنف والنهب الحالية تحمل بصمات عناصر النظام الإخواني المباد الذين أكدوا في تصريحات موثقة بعد نجاح ثورة ديسمبر أنهم سيبذلون كل مافي وسهعم لإسقاطها.
ويشير شمس الدين إلى أن التصريحات التي صدرت خلال الساعات الماضية من عدد من حكام ولايات البلاد تفيد بتورط عناصر إخوانية في الترتيب لأعمال التخريب عبر اجتماعات موثقة.
وأوضح شمس الدين في تصريح خاص لموقع "سكاي نيوز عربية" إن هناك معلومات أفادت بتمويل عصابات تخريب أثناء الاحتجاجات التي خرجت.
وبيّن قائلا إن "تأخر الاستجابة الأمنية كان له دور كبير في تكرار المشهد على مدار أيام في مدن مختلفة"، مفسرا تأخر الاستجابة الأمنية بربط بعض المراقبين الأمر بتعود القوات الأمنية على تلقي القرارات من القيادات المركزية، بينما بات الأمر مختلفا بعد تولي المدنيين حكم الولايات، وبذلك بات رؤساء اللجان الأمنية من المدنيين، ما يعني احتمال عدم توفر الانسجام.
وحمّل شمس الدين الإعلام أيضا جزءً من المسؤولية لعدم لعبه الدور المنوط به في توعية الشارع بحقيقة عناصر النظام السابق ومخططاتهم التخريبية.