تحديات عديدة ستواجها السلطة الليبية الجديدة، قبل حتى أن تدخل إلى "المكاتب الرسمية"، إذ عليها في البداية أن تتوافق على المكان الذي ستباشر منه عملها.
واختار أعضاء ملتقى الحوار السياسي يوم الجمعة الماضي قائمة تضم محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الجديد، وعبدالله اللافي وموس الكوني عضوين بالمجلس، إضافة إلى عبدالحميد دبيبة رئيس حكومة الوحدة.
وكشفت مصادر، لـ"سكاي نيوز عربية"، إنه لم يتم التوافق بعد بشأن المدينة التي ستستقبل السلطة الجديدة، إذ يفضل البعض أن تباشر أعمالها من العاصمة طرابلس، في حين هناك أصوات كثيرة، خاصة من الشرق، ترى أن سرت بموقعها ووضعها الحالي تمثل مقرا "مثاليا" لها.
سرت أم طرابلس
وسبق أن تقدم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بمقترح أن تستقبل سرت السلطة الموحدة، بعدما كانت تطالب أميركا، ودول أوروبية على رأسها ألمانيا، بجعلها مدينة منزوعة السلاح، في حين شمل عرض عقيلة تشكيل قوة أمنية مشتركة لتأمين الحكومة الجديدة.
ولفتت المصادر إلى تأييد واسع في الشرق للمقترح، نظرا لسيطرة الميليشيات على العاصمة طرابلس، والتي نجحت سابقا في جعل إرادة حكومة الوفاق "أسيرة" لديها، وهو من أهم الأسباب التي دفعت الجيش الوطني الليبي إلى إعلانه عملية تحرير العاصمة.
وتلمح المصادر إلى أنه مؤيدي بقاء السلطة في طرابلس يرون أن قصر المدة الانتقالية، والتي يفترض أن تنتهي في 24 ديسمبر المقبل، لن تسمح لها بدخول مشكلة "إدارية" أخرى حول مكان عملها، وتعطيل جهودها في أمر آخر مقابل تحديات "جسام" تتمثل في الإعداد للانتخابات وملف إخراج المرتزقة وتوحيد مؤسسات الدولة والمصالحة.
ويبدي المحلل السياسي الليبي عزالدين عقيل تخوفه من الميليشيات المسيطرة على طرابلس، والتي أعلنت رفضها لمخرجات ملتقى الحوار في جنيف، قبل أن يكشف الستار عن نتائجه حتى.
وحذر عقيل في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، من إقدام المجموعات المسلحة على "الانقلاب على رئيس حكومة الغرب فائز السراج" مثلما حدث مع حكومات في الماضي، وإعلان "حكومة ميليشوية" جديدة في العاصمة، خاصة وإن "الظروف الدولية تجاه ليبيا يمكنها أن تكون مشجعة على هذا في ظل انشغال أميركا الشديد بقضاياها، وضعف وانقسام أوروبا".
وأكمل: "الفيصل الذى يمكنه أن يحسم كل هذا هو موقف المجتمع الدولي من هذه الحكومة، بمعنى إلى أي مدى هو مصمم فعلا على دعمها ومساندتها".
وتابع: "استعداد العالم لتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية تجاه العواقب الوخيمة لإسقاطه الدولة الليبية وتركها نهبا للعنف والجريمة المنظمة والفوضى والإرهاب، وتعريض سكانها للفقر والمرض والانتهاكات الجسيمة هو الذي سيحدد نجاح السلطة الانتقالية من عدمه".
طبرق أم صبراتة
ويأتي خلاف آخر بشأن المدينة التي ستستضيف اجتماع مجلس النواب مكتملا لمنح المصادقة والثقة للسلطة الجديدة، وهو لا يقل أهمية حول مقر تلك السلطة.
وأوضحت المصادر أن عقيلة صالح سبق أن دفع بعدم دستورية عقد جلسات في غدامس، على خلفية اجتماع النواب في المدينة خلال نهاية العام الماضي، وبالتالي سيسري الأمر أيضا مع مقترح عقد جلسة المصادقة في صبراتة غرب البلاد.
ولفتت إلى الخشية من سيطرة الميليشيات أيضا على المداولات حال انعقادها في صبراتة، ما يجعل طبرق مناسبة أكثر لاستضافة تلك الجلسة، إذ كانت بالإضافة إلى بنغازي، المقر الذي شهد اجتماعات مجلس النواب طوال السنوات الماضية.
وبالفعل لم يخف نواب من الغرب، محسوبون على جماعة الإخوان، نيتهم استغلال عقد جلسة في صبراتة لتمرير عدد من الأهداف الأخرى، التي سعوا إليها خلال تلك المدة.
وأوضحت المصادر أنهم يسعون إلى "تغيير بعض اللوائح في مجلس النواب" بالإضافة إلى "اعتماد خريطة الطريق والحكومة عندما يتم تجهيزها، كما سيكون هدفهم الأول هو "تغيير رئاسة مجلس النواب" بمنحها لشخصية إلى الجنوب، بدعوى أنه جرى اختيار رئيس "الرئاسي" من الشرق ورئيس الحكومة من الغرب، لكنهم يسعون إلى اختيار شخصية ذات "ميول" متوافقة معهم.