تكابد الطفلة السورية، دلال، وضعًا صحيا تنفطر لهُ القلوب، بعدما أصيبت بحروق بالغة، في مخيم للنازحين في إدلب، شمالي البلاد، فيما كان الأطباء يرجحون ألا تظل على قيد الحياة بعد الحادث المأساوي.
وبحسب شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، فإن دلال التي تبلغ بالكاد 18 شهرا، أصيبت بالحروق داخل المخيم، وحين وصلت إلى مستشفى على الحدود في تركيا، وُصفت بالحالة الميؤوس منها.
وقالت الطبيبة كاغاتي ديميرسي، إنها تساءلت بكثير من الحيرة، وقتئذ، حول الشيء الذي يمكن القيام به لأجل مساعدة الطفلة الصغيرة وهي تقاوم الأوجاع.
وأضافت أن الطفلة كانت محروقة بالكامل، أما أصابعها فكانت سوداء بالكامل، وكذلك أنفها وأذناها، "لقد كانت مثل الفحم".
وأردفت الطبيبة "هذا معناه أنها كانت محروقة أصلا. وتبعا لذلك، لم يكن ثمة ما يمكن القيام به في هذه الحالة"، فاللهب كان قد التهم جفون الطفلة وشفاهها.
وفقدت الطفلة شعر الرأس بأكمله، وامتدت النيران حتى البصيلات، وهو ما يعني أن شعرها لن ينمو مجددا بشكل طبيعي، حتى وإن تجاوزت هذه المحنة وتماثلت للشفاء.
عندما وصلت الطفلة، كانت أغلب مناطق جسمها الصغير بيضاء اللون، أي أن الجلد كان ما يزال في طور الاحتراق، و هذا مؤشر أيضا على شدة الحروق التي أتت على جسم الطفلة الوهن.
وقالت الطبيبة إنها لاحظت آثارا للكربون في أنف الطفلة وفي فمها، وهذه علامة على أنها تنفست في هواء ساخن للغاية، كما أن ضررا بالغا لحق برئتها.
وأضافت أن الطفلة بدت كمن سقط في قلب النار أو تم وضعها داخل قنبلة "لقد كانت تبدو مصابة بشكل فظيع للغاية".
ودلال واحدة من بين ملايين الأطفال الذين يعانون ويلات الحرب في سوريا، بينما اضطر آخرون إلى مكابدة محنة اللجوء في الخارج، سواء في دول الجوار، أو في بلدان أخرى بعيدة.
وحتى قبل الحروق، ولدت دلال وعاشت وسط عائلة خبرت ويلات النزوح، واضطرت إلى الانتقال من مكان إلى آخر سبع مرة، منذ أن جاءت الصغيرة إلى الحياة.
وعلى غرار خمسة من إخوتها، كانت دلال نائمة داخل خيمة في مخيم يقع على بعد 40 كيلومترا شمالي مدينة إدلب، عندما اندلعت النيران.
ولأن العائلة تعيشُ في خيمة لا تقي برد الشتاء، فإنها لجأت على غرار الجيران إلى إيقاد المدفأة من أجل الحصول على بعض الدفء، لكنه هذا الدفء سرعان ما تحول إلى مأساة.
وبعد هذا الحريق، تم أخذ الطفلة إلى مستشفى حدودي، ثم نقلت بعد ذلك إلى مستشفى في مدينة مرسين على مقربة من أضنة.
حظوظ ضئيلة
وعندما زار صحفيون من شبكة "سكاي نيوز" البريطانية، الطفلة دلال، كانت ملفوفة بالضمادات بشكل كامل، فلم يعد يظهر من جسمها سوى جزء صغير جدا من الوجه.
وتؤكد الطبيعة أن حظوظ الطفلة دلال في أن تنجو كانت ضعيفة للغاية "وربما في حدود 10 في المئة".
لكن وضع الطفلة دلال أخذ في التحسن بشكل طفيف بعد أيام من العناية المركزة، وهذا الأمر كان بمثابة بارقة أمل للأطباء "إنها محاربة"، بحسب الطبيبة.
ولا تقف المحنة عند هذا الحد، لأن والدي الطفلة ظلا في المخيم بسوريا، وليسا إلى جانب ابنتهما في هذه الأيام العصيبة وهي تعاني الأوجاع الحادة.
وفي المستشفى، يقوم أحد الأطباء بربط الاتصال بوالدي الطفلة، ويقوم باطلاعهما على جديد الوضع الصحة للابنة التي ستحتاج وقتا طويلا حتى تتعافى.
ولا تختلف أوجاع دلال عن محنة كثيرين في عمرها، إذ يهرب كثيرون من المعارك حتى لا يلقوا مصرعهم تحت الأنقاض، فإذا بهم يجدون أنفسهم حطبا للنار بينما يبحثون عن بعض الدفء وسط قسوة الملاجئ وزمهريرها وجوعها، في كل الفصول.