بهدف إفشاء السلام حول الكرة الأرضية، جاءت وثيقة "الأخوة الإنسانية" الموقعة في 4 فبراير 2019، تكليلا لجهود بدأت قبل 54 عاما، عبر ما يعرف بـ" Nostra Aetate".
وجسد توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، بين البابا فرنسيس الأول بابا الكنيسة الكاثوليكية، وأحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إرادة جديدة للعمل من أجل ثقافة الحوار والجوار تولد حول العالم.
وألهمت وثيقة الأخوة الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية، لكي يكتب رسالته البابوية الشهيرة، تلك التي جاءت تحت عنوان: "كلنا أخوة"، والتي يستنهض فيها المسؤوليات الفردية والجماعية، في مواجهة النزعات والمتطلبات الجديدة على الساحة الدولية.
في حاضرات أيامنا
وصدرت الوثيقة المعروفة باسم (Nostra Aetate)، أي "في حاضرات أيامنا"، في السابع عشر من ديسمبر 1965، عن المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في روما (1962 - 1965)، قدر لها أن تفتح أبواب الحوار والجوار بين الكنيسة الكاثوليكية، وبقية الأديان وحتى الكنائس الأخرى.
وقد أرّخت هذه الوثيقة لعلاقة جديدة بين الفاتيكان والعالم الإسلامي، ومنذ ذلك الحين تم تأسيس لجان للحوار الديني المشترك، وكانت فترة البابا يوحنا بولس الثاني مليئة بالمشاهد الإيجابية لعلاقة رأس الكنيسة الكاثوليكية بالمسلمين.
فقد كان أول بابا يزور مسجداً في التاريخ، واشتهر بتعبيره الذي قال فيه: (بما أن الإسلام والمسيحية يعبدان الإله الواحد، خالق السماء والأرض، فالمجال كبير للتوافق والتعاون بينهما، والصدام يحصل فقط عندما يساعد فهم الإسلام أو المسيحية أو عندما يتم استغلالها لأغراض سياسية أو أيديولوجية).
تغيير النظرة للآخر
المتحدث باسم مجلس كنائس مصر وراعى كنيسة القديس كيرلس للروم الكاثوليك، الأب رفيق جريش، قال إنه قبل عام 1962 كانت الكنيسة الكاثوليكية متحفظة أمام الأديان الأخرى، وحتى ضد الكنائس الأخرى، وكانت هناك نتائج سلبية لهذه النظرة، كما هناك موقف عام سلبي تجاه الأديان الشرقية مثل البوذية والكنفوشيوسية وغيرهم.
وأضاف الأب جريش لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، أراد البابا يوحنا الثالث والعشرين، أن يجدد وجه الكنيسة، انعقد المجمع الماسكوني الثاني، الذي صدر عنه وثيقة "في حاضرات أيامنا".
ولفت إلى أنه هذه الوثيقة غيرت النظرة السلبية تجاه باقي الأديان، وحثت للبحث عن الخير المشترك في كل الأديان، ومن هنا أبدت الكنيسة أن تمد جسور الحوار مع الآخرين وعلى رأسهم الدين الإسلامي الذي يعتبر تاني أكبر دين في العالم.
وأشار إلى أنه بعد صدور هذه الوثيقة بدأت النظرة تتوجه نحو دراسة التراث الإسلامي وبدأ المستشرقون في زيادة أعمالهم، وتم تبادل الزيارات.
وأوضح أن بعض الجامعات الغربية وضعت وضع مناهج خاصة لدراسة الإسلام وزيادة الحوار مع المسلمين، وتم بالفعل مد جسور بين الديانتين، وهم ما تم بالفعل عبر تفعيل لجان الحوار بين الإسلام والمسيحية.
صداقة البابا والإمام
وتابع أنه منذ قدوم البابا فرنسيس إلى الكرسي البابوي، كون صداقة مع الشيخ أحمد الطيب، في وقت كان العالم يواجه فيه أوقاتا عصيبة بسبب توالي العمليات الإرهابية، وتم توجيه اتهامات للأديان بأنها متسبب في مثل هذه العمليات.
من هنا جاءت فكرة وثيقة الإخوة الإنسانية التي رأت النور في فبراير 2019 في العاصمة الإماراتية أبوظبي تحت مظلة دولة الإمارات، وتم تكوين لجنة دولية لتطبيق هذه الوثيقة.
وطالب جريش، بإضافة بنود الوثيقة إلى المناهج التعليمية، لتدريسها للنشء الجديد في المدارس والجامعات، للتعرف على المشتراكات بين الإسلام والمسيحية وأنهما في يستطيعان تقديم خدمات جليلة للعالم وتصويب مساره.