فتح الهجوم الإرهابي وسط بغداد، الخميس، الباب أمام عدد من الأسئلة في بلد غارق في الأزمات ولم يستعد بعد عافيته من الحرب على الإرهاب.
ووقع تفجيران انتحاريان في منطقة سوق الباب القريب من الساحة الطيران، وسط بغداد، ومع مرور الوقت ارتفعت أرقام الضحايا من ثلاثة قتلى إلى أن استقرت عند 32 قتيلا وأكثر من 100 جريح، بحسب الوكالة الرسمية.
وأظهرت لقطات مصورة بشاعة التفجير الثاني الذي وقع بعيد الأول وفي نفس المكان، وكان الهدف على الأرجح إيقاع أكبر عدد من الضحايا في منطقة تخلو من المقرات السياسية والأمنية وتكتظ بالفقراء.
ولم تتبن حتى الآن أي جهة مسؤولية لهذا الهجوم، لكنه بصماته تشير إلى تنظيم داعش الإرهابي الذي شن في السابق مرارا مثل هذه الهجمات.
وانتهج داعش تكتيك الهجمات الانتحارية التي تنفذ بواسطة أحزمة ناسفة وتستهدف مناطق تعج بالمدنيين، وتخف فيها الإجراءات الأمنية.
ورغم الحصيلة الثقيلة، إلا أن الحياة عادت تدب في المنطقة، في مشهد يظهر تمسك العراقيين بالحياة رغم الإرهاب.
ووقع آخر تفجير انتحاري في العاصمة العراقية في يناير 2018 في ساحة الطيران أيضا، وأسفر عن مقتل ما لا يقل عن 27 شخصا.
وأعادت هذه التفجيرات مشهدا كان العراقيون يحاولون نسيانه وهو مشهد الدماء والأشلاء الناجمة عن التفجيرات الانتحارية قبل سنوات.
ويقول محللون تحدثوا إلى سكاي نيوز عربية إن عودة التفجيرات إلى وسط بغداد تظهر بصمات داعش الإرهابي، الذي انهارت دولته المزعومة في والعراق الذي يبدو أنه يعتمد الهجمات تكتيكا له، وأبرزت عدم صحة مساعي الأحزاب الموالية لإيران التي تدفع نحو التخلي عن التحالف الدولي والولايات المتحدة.
ورأوا أن التفجير يظهر وجود خرق أمني مما يثير أسئلة بشأن كفاءة العديد من القادة العسكريين في مواجهة الإرهاب.
ويرى الخبير الأمني والاستراتيجي، معن الجبوري، في حديث إلى "سكاي نيوز عربية" إن داعش لا يترك فرصة وإلا يستثمرها وبعد ان خسر دولته الخرافية في شمال البلاد عام 2017.
وأضاف أن داعش عاد إلى التكتيك القديم في نشر القتل والاعتماد في الخلايا الصغيرة والنائمة، الذي كان يعتمده قبل أن سيطر على مناطق واسعة في عام 2014.
وقال الجبوري إن التنظيم الإرهابي لا يفكر في العودة إلى أسلوب احتلال المناطق الواسعة، لكن عناصره سيصبحون أهداف سهلة للقوات المسلحة، لذلك يختار التفجيرات.
واعتبر الخبير الأمني والاستراتيجي إن ما حدث في بغداد خرق أمني، وعلى الأجهزة الأمنية معالجة هذا الخرق، فهذا يعني أن داعش أو غيره من التنظيمات الإرهابية تملك إمكانية كبيرة وإلا ما كانت لتتم هذه العملية.
ورأى أن الأحزاب الموالية لإيران ترتكب خطأ كبيرا في إصرارها على إخراج قوات التحالف الدولي وخاصة القوات الأميركية، فهذه فاعلة وتساند العراق في محاربة الإرهاب، بما لديها من إمكانيات.
وأضاف أن هذه الأحزاب التي تدفع في هذا الاتجاه نتيجة بعد إقليمي يتمثل في إيران يصب في مصلحة الإرهاب.
ويقول الباحث السياسي، نجم القصاب لـ"سكاي نيوز عربي" إن التفجيرين الإرهابيين: "خرق أمني يسجل على القيادة العسكرية، مشيرا إلى مطالبات في الشارع العراقي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بضرورة استبدال بعض القادة المقصرين في أداء واجباتهم.
ورأى القصاب في الهجوم المزدوج رسالة إلى الكاظمي مفاده أنه لن يكون بمقدوره تنظيم انتخابات برلمانية في البلاد في وقت لاحق من العام الجاري.
وأكد الباحث العراقي أنه على يقين أن داعش وراء الهجوم، خاصة أنه يحمل بصمات هجماته المعتادة.
وقال إن داعش يريد أن يثبت الوجود والنفوذ والتمدد في بغداد وليس في الموصول أو الرمادي، معتبرا أن التنظيم الإرهابي ضرب المنطقة لرمزيتها، فقد كانت أيقونة مثالية الاحتجاجات التي أدت إلى استقالة الحكومة السابقة إقرار قانون الانتخابات واعتماد مفوضية جديدة للانتخابات.
ورأى أن هذه الهجمات لن تخيف الشعب العراقي، لكنه منزعج من غياب محاولة محاسبة للفاشلين من أصول البلاد إلى هذا الحل.
وقال إن القيادة العسكرية هي التي تحدد الحاجة إلى التحالف الدولي وليست الأحزاب، فقادة هذه الأحزاب يستطيعون حماية أنفسهم وعائلاتهم، وهؤلاء لا يعيشون في المناطق الفقيرة التي تتعرض إلى الهجمات.