بدأ آلاف السودانيين في التجمع، صباح السبت، في مظاهرات شعبية شملت العاصمة الخرطوم وعددا من مدن البلاد المختلفة، مطالبين بتنحي السلطة الانتقالية بكافة مكوناتها وتشكيل برلمان ثوري يقود فترة انتقالية جديدة.
ويرغب السودانيون في تحقيق العدالة لقتلة الثوار أمام القيادة العامة للجيش في يونيو 2019، إضافة إلى تسريع محاكمة كافة عناصر النظام السابق المتورطين في جرائم أمنية وسياسية واقتصادية كبيرة.
ويأتي الحراك في ظل انتشار كثيف لقوات الشرطة والجيش وإجراءات أمنية مشددة شملت إغلاق جميع الجسور الرابطة بين مدن الخرطوم الثلاث.
وعلى الرغم من اتفاق معظم المتظاهرين على المطالبة بمحاكمة عناصر النظام السابق ومرتكبي الجرائم الإنسانية، ومنها مجزرة اعتصام القيادة العامة في يونيو 2019 والتي راح ضحيتها نحو 800 قتيل ومفقود، إضافة إلى تحسين الخدمات وتشكيل البرلمان، إلا أن هنالك اختلاف في الطريقة.
وقال محمود سراج، وهو شاب عشريني مشارك في المظاهرة، إنهم يريدون تغييرا جذريا يعود بالثورة إلى مربع الصفر وإزاحة كافة مكونات السلطة الانتقالية الحالية التي وصفها بـ "الفاشلة"، لكن أحمد وهو طالب جامعي يرى أن الثورة يجب أن تركز على تصحيح المسار.
وعلى غير ما حدث في مليونية 30 يونيو 2019، بدت شعارات الثوار في مظاهرات اليوم أكثر قطيعة مع الأحزاب السياسية وقوى الحرية والتغيير التي وقعت اتفاقا سياسيا مع المكون العسكري عقب الإطاحة بنظام المخلوع عمر البشير في أبريل 2019 والذي حكم البلاد 30 عاما تحت مظلة تنظيم الإخوان، الذي غاب عناصره عن حراك اليوم.
وترى مجموعات شعبية مثل المجلس الثوري الذي يقود حراك 19 ديسمبر في مختلف مدن السودان أن الثورة التي انطلقت قبل عامين وأطاحت بنظام البشير حادت عن مسارها وفشلت في تحقيق تطلعات الشعب السوداني وتحقيق العدالة واجتثاث بؤر النظام السابق، لكن الحكومة ورغم إقرارها بالفشل تقول إنها حققت نجاحات عديدة وإن الفترة القصيرة التي تسلمت فيها بلادا منهارة تماما ليست كافية لتحقيق كل التطلعات، فإلى أين تتجه بوصلة الشارع السوداني في ظل هذه الأوضاع المعقدة؟
في الواقع، انطلق حراك السبت في ظل أزمات خانقة في الخبز والوقود والخدمات وتدهور اقتصادي كامل حيث وصلت معدلات التضخم إلى أكثر من 250 في المئة وانهارت قيمة العملة الوطنية إلى حدود 260 جنيه للدولار الواحد.
لكن في المقابل تقول الحكومة الانتقالية إنها تسلمت وضعا منهارا بالكامل لكنها رغما عن ذلك نجحت في شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتوقيع اتفاق سلام مع بعض الحركات المسلحة وأحدثت اختراقا كبيرا في العلاقات الخارجية.
ويرى الكثير من الناشطين السياسيين أن الفشل الاقتصادي غير مبرر وأن اتفاق السلام جاء منقوصا ومبنيا على المحاصصات واقتسام السلطة دون الاهتمام بالقضايا الجوهرية.
وفي السياق، يقول عضو الجمعية العمومية للمجلس الثوري، هشام مختار، إن الشعب السوداني أطلق ثورة جديدة لأن ثورته الأولى لأن الشراكة الحالية أسقطت مبادئ الثورة وعملت علي تهيئة مصالحة وعفو مع منظومة الإنقاذ.
ويشير مختار إلى أن الثورة الحالية ليست لتصحيح وضع قائم كما تدعي الأحزاب و تضلل الشارع، إنما ثورة لإسقاط كافة مكونات الشراكة عسكرية كانت أم مدنية ومجالسها والحاضنة السياسية من خلفها قوي الحرية والتغيير.
وطالب مختار الحركات المسلحة وقواعدها بالكف عن الترويج إلى أن هذه الثورة ضد مفهوم السلام، مؤكدا أنهم يؤمنون بمبادئ و قضايا السلام لكننهم ضد اتفاقيات النخب المبنية علي ذات محاصصات الأحزاب في الثروة والسلطة.
ويرى مختار أن السلام يجب أن يكون مبنيا على عملية مدنية تخاطب القضايا الحقيقية للمجتمعات المتضررة من الحرب.