اضطلعت المغرب، بدور كبير في دفع عجلة السلام العربي الإسرائيلي إلى الأمام، منذ توقيع اتفاقية "كامب ديفيد"، وصولا إلى الاتفاق على تطبيع العلاقات بين البلدين وفتح السفارات وخطوط الطيران.

وكان للملك المغربي الراحل الحسن الثاني، دور بارز في جلوس مصر وإسرائيل إلى طاولة واحدة، علما أن الدول العربية آنذاك كانت ترفض إجراء أي حوار مع إسرائيل، وصولا إلى توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمبر 1978 بين الرئيس المصري محمد أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن.

وجاءت تلك الاتفاقية بعد 12 يوما من المفاوضات بمنتجع كامب ديفيد الرئاسي في ولاية ميريلاند.

أول رسالة
الكاتب الصحفي المصري الكبير، محمد حسنين هيكل، الذي كان على مقربة من صنع القرار السياسي في حينها، قال في كتابه "مدافع آية الله..قصة إيران والثورة"، إن الجنرال المغربي أحمد الدليمي هو من قام بتسليم أول رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن إلى الرئيس المصري محمد أنور السادات، واقترح عليه فيها عقد اجتماع مشترك بينهما.

وتابع هيكل، في كتابه، أنه "فيما بعد ظهر أن الملك الحسن ملك المغرب كان هو الذي رتب في قصره أول لقاء مصري إسرائيلي مباشر".

ترتيب لقاءات

المسؤول السابق في جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، يوسي ألفر، قال في كتابه "بحث إسرائيل عن حلفاء في الشرق الأوسط"، إن المغرب لعب دورا كبيرا في ترتيب زيارة أنور السادات إلى إسرائيل، إذ بدأ الأمر بـ"لقاء بين الملك الحسن الثاني ومدير الموساد إسحاق حوفي أفضى إلى لقاء ملكي آخر مع الوزير الأول الإسرائيلي إسحاق رابين، والذي حلّ بالمغرب بشكل سري ومرتديا باروكة شعر أشقر".

وأشار الكاتب إلى أنه بعد هذه الاجتماعات المغربية الإسرائيلية، احتضنت المملكة لقاءات سرية بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين مصريين، وهكذا أعد الحسن الثاني لأول لقاء مصري إسرائيلي في المملكة، حيث التقى موشى ديان وزير الخارجية الإسرائيلي، وحسن التهامي نائب رئيس الوزراء برئاسة الجمهورية المصرية.

وبعد هذا اللقاء، قام الرئيس المصري أنور السادات بزيارة لعدد من الدول من بينها رومانيا، وتحدث مع رئيسها آنذاك تشاوشيسكو بشأن مدى جدية إسرائيل ورغبتها في السلام، فأكد له "أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بيغن رجل قوي وراغب في تحقيق السلام".

خطاب السادات

وفي افتتاح دورة مجلس الشعب المصري عام 1977، فاجأ السادات الجميع وأعلن استعداده للذهاب للقدس، بل وإلى الكنيست الإسرائيلي، وقال: "ستُدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم".

وبالفعل توجه السادات إلى القدس وألقى خطابا أمام الكنيست الإسرائيلي في 20 نوفمبر 1977. وشدد في هذا الخطاب على أن فكرة السلام بينه وبين إسرائيل ليست جديدة، وأنه يستهدف السلام الشامل، ودعا السادات بيغن لزيارة مصر، وعقد مؤتمر قمة في الإسماعيلية.

وبعد اجتماع الإسماعيلية بشهر واحد، اجتمعت اللجنة السياسية المكونة من وزراء خارجية مصر وإسرائيل والولايات المتحدة في القدس، ويوم 5 سبتمبر من 1978، وصل الوفدان المصري والإسرائيلي إلى كامب ديفيد، وبعد 12 يوما من المفاوضات وقع الجانبان على اتفاقية كامب ديفد.

وفي 26 مارس 1979، وقع الجانبان على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وكانت المحاور الرئيسية للمعاهدة هي إنهاء حالة الحرب، وإقامة علاقات ودية بين مصر وإسرائيل، وانسحاب إسرائيل من سيناء التي احتلتها عام 1967.

وتضمنت الاتفاقية أيضا ضمان عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية. وتضمنت الاتفاقية أيضا البدأ بمفاوضات لإنشاء منطقة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 242.

وعقب اتفاقيات أوسلو عام 1995، بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، افتتح المغرب وإسرائيل "مكاتب اتصال" متبادلة، لكن تم إغلاقها بعد سنوات قليلة بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عام 2000.

دور محوري

يقول أستاذ العلوم السياسية، طارق فهمي، إن المغرب لعب دورا بارزا في اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وذلك من خلال اتصالات قبل توقيع المعاهدة، برعاية من الملك الحسن الثاني، حيث كانت تربط الملك علاقة جيدة مع شيمون بيريز، تم توظيفها بشكل جيد في التواصل بين الجانبين المصري والإسرائيلي".

وأضاف فهمي، في تصريح خاص لموقع"سكاي نيوز عربية"، العلاقة بين الرئيس السادات والملك الحسن الثاني كانت جيدة، وحاول السادات اختبار جدية الإسرائيليين في السلام عن طريق الملك الحسن، قبل الذهاب إلى إسرائيل وإلقاء خطابه في الكنيست، وساهم الملك في الترتيب والإعداد لهذه الزيارة".

وأشار إلى أن الرئيس السادات أشاد في مذكراته بمتانة العلاقة مع المغرب، كما كتب عدد من المسؤولين المصريين في المفاوضات مثل كمال حسن على في كتابه "مفاوضون لا محاربون" مشيدا بموقف الرباط، وأن مصر استثمرت بشكل قوي في الدور المغربي للوصول إلى اتفاق السلام، كما أن هناك سابقين في الجيش الإسرائيلي وأشادوا أيضا بالدور المغربي.

وتابع أن المغرب يلعب دورا محوريا في عملية السلام العربية مع إسرائيل منذ عهد الملك الحسن الثاني وحتى في عهد الملك محمد السادس حاليا، فقد شاركوا في الوصول اتفاقات السلام التي وقعتها الدول العربية مؤخرا مع إسرائيل، متوقعا أن يلعب المغرب دورا أكثر تأثيرا مستقبلا على مفاوضات حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

أخبار ذات صلة

باريس ترحب باستئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل

 وتقول الزميلة في برنامج الشرق الأوسط في معهد مجلس الأطلسي، كارميل آربيت، "إن هذا الإعلان ليس مفاجئاً حيث كان المغرب أحد مراكز الحياة اليهودية في المنطقة، كما عين العاهل المغربي مستشارين يهودا كبارا في حكومته".

وأضافت آربيت، في تصريح صحفي، "كما أنه تم مؤخرا دمج التاريخ اليهودي المغربي في المناهج الدراسية، وهناك بالفعل أكثر من 30 مليون دولار قيمة التجارة السنوية بين البلدين، ويسافر عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى المغرب سنويا".