نفذ المئات من جنود الجيش الأبيض في البلاد وقفة احتجاجية كان دعا إليها المجلس الوطني لعمادة الأطباء تحت شعار يوم غضب من أجل تغيير أوضاع قطاع الصحة في البلاد.

وفي يوم الغضب خرج الأطباء في جميع المؤسسات الاستشفائية العامة والخاصة في العاصمة والجهات للشارع احتجاجا على ما آلت إليه الأوضاع خاصة في مستشفيات الصحة العامة.

وكانت حادثة وفاة الطبيب المقيم في المصعد المعطب في مستشفى محافظة جندوبة شمال البلاد قد أعادت للواجهة الحديث عن الوضع في المستشفيات وقلة الإمكانيات داخلها وافتقارها للتجهيزات الحديثة فضلا عن استشراء الفساد في قطاع الصحة، حيث يعمل المئات من الأطباء في ظروف صعبة وسط نقص المعدات وطاقة استيعاب تفوق الحد داخل المستشفيات العامة.

مسيرة الأطباء انطلقت صباح الثلاثاء بشكل رمزي من أمام مبنى كلية الطب بالعاصمة مرورا بوزارة الصحة ووصولا عند قصر الحكومة بالقصبة، ورفعت شعارات "إرساء هيئة عليا لإنقاذ الصحة العمومية تتولى مراقبة الصفقات العامة وتسيير القطاع" و"محاسبة جادة للمتورطين في وفاة الطبيب الشاب في حادثة سقوط المصعد" و"تحسين ظروف العمل داخل مستشفيات الدولة".

وبالتوازي تحرك الأطباء داخل محافظات البلاد مساندين المطالب نفسها ولوحوا بالتصعيد في حال تواصل تهميشهم وعدم الإصغاء لمطالبهم داعين للتعامل بجدية مع أزمة قطاع الصحة المتفاقمة والتي كانت سبب في هجرة 80 بالمئة من الأطباء في تونس وفق أرقام قدمتها عمادة الأطباء.

ويأتي ذلك بعد أن أصبح العمل في المستشفيات العمومية محفوفا بالكثير من الصعوبات بسبب نقص الكادر الطبي واهتراء البنية التحتية للمشافي وتسجيل قضايا فساد في صفقات الأدوية وتجهيزات المستشفيات.

وقالت عضوة عمادة الأطباء، شهرزاد بن صالح، لـ"سكاي نيوز عربية" إن الأطباء أمنوا في يوم الغضب الخدمات الطبية للحالات الاستعجالية وإن مطالبهم تصب في مصلحة المرضى وتسعى لتحسين الخدمات المقدمة لهم، فكثيرا ما يجد الطبيب نفسه عاجزا عن إنقاذ حياة بعض المرضى بسبب فقدان التجهيزات.

أخبار ذات صلة

"حادثة المصعد" تفجر الغضب في تونس.. وفتح تحقيق فوري
إضراب الأطباء يحدث شللا في مستشفيات تونس الجامعية

وأضافت "الأطباء في المستشفيات العمومية يبذلون قصارى جهدهم لتقديم خدمات تضاهي القطاع الخاص احتراما لقسم الطبيب ولكن يبدو ذلك صعبا في غياب التجهيزات ونقص الأدوية حتى أن الطبيب يعاين يوميا أكثر من 50 مريضا بسبب اكتظاظ المستشفيات".

وقال عضو المجلس الوطني لعمادة الأطباء، شكري عزوز، إن مطلبهم الأساسي هو تفعيل الكتاب الأبيض للصحة الذي ينظم قطاع الصحة ويشخص مشاكله وبعث هيئة عليا للصحة تتولى الرقابة والتوجيه وترسم سياسات الدولة في الصحة، فضلا عن مطالبتهم برقمنة العمل داخل المستشفيات في حجز المواعيد وتبويب الملفات الطبية وصرف الأدوية ما من شأنه أن يحد من الفساد داخل المستشفيات.

وأضاف عزوز "لقد تم المس من كرامة الطبيب خلال السنوات الأخيرة ووفاة زميلنا في ظروف مهينة هو القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة الأطباء ولا يمكن أن تتواصل وضعية الصحة بهذا الشكل في تونس التي تفاخر بكفاءاتها الطبية".

من جهته، تحدث الطبيب المقيم، زياد بوقرة، عن قيام الأطباء الشبان بمبادرة افتراضية لجمع نقائص المستشفيات في قاعدة بيانات من خلال ملاحظات الأطباء المقيمين وقد تفاجئوا بالوضع المتردي، الذي أصبحت عليه المشافي حتى أن بعضها يفتقر حتى لآلات قياس الحرارة وأبسط المعدات.

ودعا بوقرة إلى ضرورة الترفيع في ميزانية قطاع الصحة وحسن تصريف هذه الميزانية قائلا إن "المنظمة العالمية للصحة تطالب بأن توظف 15 بالمئة من الميزانية للصحة وفي تونس ما زالنا لم نبلغ بعد حتى نسبة 10 بالمئة من الميزانية لصحة المواطنين".

كما أشار إلى أن الأطباء الشبان اليوم هم الحلقة الأضعف في القطاع رغم مجهوداتهم الكبيرة التي يقومون بها فتتسلط عليهم أقسى أنواع العمل ويحرمون من أبسط حقوقهم رغم أنهم كانوا الأكثر تجندا وتطوعا في أقسام "كوفيد 19" وفي أقسام الطب الاستعجالي.

يشار إلى أن رئيس الحكومة، هشام المشيشي، كان قد استقبل مساء الثلاثاء وفدا عن الأطباء الغاضبين للنظر في مطالبهم.

فالطبيب في تونس لا تعوزه الكفاء العلمية وتنقصه المعدات التقنية هذا أبرز ما خلصت إليه مداخلات الأطباء في يوم الغضب حيث انتقدوا طريق تسيير قطاع الصحة في السنوات الأخيرة محملين المسؤولية للوزارات والحكومات المتعاقبة.

يذكر أن تونس شهدت موجة لهجرة 400 طبيب عام 2019، كما فقدت مع جائحة كورونا أكثر من 350 بين أطباء وإطارات صحة.