تواصل منظمات ناشطة في حقوق الإنسان، التنبيه إلى ما تصفها بأوضاع مزرية في السجون القطرية، وسط غياب للمحاكمات العادلة لمن تُوجه إليهم التهم أو يجري اعتقالهم تعسفا، وهذا ما أكده سجين سابق لدى قطر، كاشفا تفاصيل الفظاعات التي عاشها.
ويكشف سجناء سابقون عما كابدوه عندما كانوا قابعين في سجون قطر، بينما تحث المواثيق الدولية على حفظ حقوق الأشخاص المحتجزين، بصرف النظر عن الجرائم التي حوكموا بسببها.
ومن بين هؤلاء الشهود على فظاظة المعاملة في السجون القطرية، رجل الأعمال والكاتب الفرنسي، جان بيير مارونجي، الذي قضى 5 سنوات في زنازين الدوحة بتهمة يقول إنها مُفبركة في الأصل.
ويوضح هذا الكاتب ظروف اعتقاله، فيقول إنه كان يقيم في قطر تحت نظام الكفالة، والكفيل الذي يمثل الشريك أيضا، لم يكن سوى أحد أفراد العائلة المالكة.
وأضاف مارونجي أن الأمور كانت تسير على نحو جيد إلى أن أراد "الشيخ"، وهو من الأسرة المالكة، أن يستحوذ على كافة الحصص في الشركة "دون أن أحصل على حقي".
وبما أن رجل الأعمال الفرنسي رفض أن يتنازل عن حقوقه، يقول إن أشياء سيئة وقعت بعد ذلك، فوجد نفسه معتقلا في الزنزانة "دون أي حكم وفي ظروف شنيعة".
وأورد أن الكفيل القطري باع كل الحصص وسحب الأموال، بينما كانت ثمة شيكات يجب أن تٌدفع، وهنا بالضبط، وجد رجل الأعمال الفرنسي نفسه أمام اتهامات بتقديم شيكات دون رصيد.
وتحدث مارونجي عن فظاعة السجون القطرية، وظروف الاعتقال الكارثية، قائلا إنها عبارة عن "عنابر مظلمة لا يدخلها ضوء النهار"، رغم كون قطر من الدول ذات الدخل المرتفع.
وأوضح في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، أن الزنزانة التي يفترض أن تؤوي ما بين 8 و12 سجينا، كانت تستقبل ما يقارب 40 نزيلا، مما يعني حصول اكتظاظ مهول، مضيفا: "كنا ننام على الأرض".
أما الطعام الذي كان يرمي به الحراس إلى السجناء "فتعافه حتى بالفئران"، بحسب المعتقل السابق الذي فضح سجل الدوحة الحقوقي في عدد من المقابلات الإعلامية داخل فرنسا.
وبحسب الكاتب، فإن الانتهاكات وصلت إلى حد إقدام حراس السجن على قتل بعض السجناء وترك جثثهم على الأرض، بينما يرى الآخرون ما يحصل. ويؤكد مارونجي أنه رأى هذا الأمر بـ"أم عينه".
وحين سئل عن سبب إقدام حراس السجون على التعذيب وحتى القتل، أشار الكاتب الفرنسي إلى وجود سببين؛ أولهما أن بعض السجناء من جنسيات مثل بنغلادش وسريلانكا كانوا يرفضون أن يخدموا سجناء قطريين، فيتم التنكيل بهم ويُعاقبون بالتعذيب والقتل.
أما في الحالة الثانية، فيتم قتل السجناء السياسيين عندما يُكتشف أنهم خالفوا الأوامر وقاموا بجلب هواتف إلى الزنازين التي يقبعون بها.
امتيازات للدواعش
وعلى صعيد آخر، يقول مارونجي إن قطر التي تعرضت لضغوط غربية، اضطرت إلى أن تعيد أبناء أثرياء قطريين كانوا قد غادروا إلى سوريا من أجل القتال في صفوف داعش، وعندما عادوا، تم احتجازهم في السجن المركزي.
وأضاف أن هؤلاء الدواعش القطريين تم وضعهم "في نفس الجناح الذي كنت فيه"، قائلا إنهم حولوا السجن إلى سفارة لتنظيم داعش إذ "كانت لديهم هواتف نقالة، وكانوا يتمتعون بحرية التنقل".
فضلا عن ذلك، كان هؤلاء المعتقلون "الدواعش" يحظون بـ"تغذية مختلفة" عن تلك التي يحصل عليها باقي النزلاء، وكانت "السلطات تتساهل معهم".
وذكر السجين الفرنسي السابق، أن المعتقلين الدواعش استطاعوا أن يخططوا من داخل السجن لهجمات إرهابية في دول أوروبية، وهو ما يكشف درجة التساهل معهم، مؤكدا أنه تواصل مع السلطات الفرنسية بهذا الشأن، منوها إلى أنه لن يتمكن من الكشف عن مزيد من المعلومات في هذا الصدد.
ويقول الكاتب الفرنسي إنه "نجا من الموت، لأن السجناء العائدين من تنظيم داعش كانوا يريدون قتله، عندما قضوا قرابة 20 يوما في السجن ثم غادروا، ولم يعرف أحد وجهتهم المقبلة".
ويؤكد مارونجي أنه استطاع أن يحصل على بعض المعلومات لأن الدواعش القطريين، وهم من عائلات معروفة، كان لهم مساعدان فرنسيان جيء بهما أيضا إلى السجن بسبب الانضمام إلى داعش.