كشفت مصادر خاصة لموقع سكاي نيوز عربية أن تركيا وحكومة فايز السراج، الموالية لها في طرابلس، يحاولان إيجاد بديل لتسليح الميليشيات لكن من داخل الأراضي الليبية وذلك بعد التضييق على السلاح التركي المتجه من أنقرة إلى غرب ليبيا.
والأربعاء أعلن وزير الدفاع في حكومة السراج، صلاح النمروش، عن نيته تطوير المجمعات الصناعية العسكرية الليبية بيد الخبراء العسكريين الأتراك، وأنه ينظر للشريك التركي باهتمام وسيتم دراسة العروض المقدمة من جانبهم أثناء زيارته التي قام بها لجهاز التصنيع الحربي بصحبة رئيس أركان حكومة الصخيرات محمد الحداد لمصنعي السبيعة والـ47 جنوب العاصمة طرابلس.
يأتي التصريح بالرغم من كشف العديد من التقارير الأوروبية والصحف الخليجية وحتى التركية مؤخرا وهم ما يسمى بالصناعات الدفاعية التركية المتطورة.
وتأتي تلك الخطوة بعد اعتراض فرقاطة ألمانية تابعة لمهمة البحرية الأوروبية المعنية بوقف توريد السلاح إلى ليبيا "إيريني"، سفينة تركية كانت متجهة إلى ليبيا وتفتيشها، وذلك في بداية الأسبوع الجاري.
ويصف المراقبون بطرابلس تلك الخطوة بأنها تأكيد على تبعية حكومة الصخيرات لتركيا أولا، وعلى عزم تركيا استمرار تدخلها في الداخل الليبي وتثبيت نفوذها ثانيا، وعلى سعي الرئيس التركي أردوغان لنسف كل المساعي الدولية لإنهاء الحرب في ليبيا ثالثا.
تركيا الفاشلة
ويرى الباحث السياسي حسين مفتاح أن تركيا منذ عدة أشهر وهي تبحث لها عن سوق جديد لتصدير أسلحتها، في ظل ما تعانيه من خناق اقتصادي بالداخل، وورطة عسكرية بعد توقف أغلب الدول الغربية عن توريد محركات وأجزاء من السلاح التركي، وهنا لم تجد تركيا أفضل من حكومة الوفاق لها في كل المواقف، بحسب وصفه.
ويضيف مفتاح في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية "كيف لعاقل يسلم مجمعات جهاز التصنيع الحربي التي عفا الزمن على كل ما فيها من أدوات ومعدات للأتراك، الذين يعتمدون على كل ما لديهم في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية والتسليح على التكنولوجيا الأطلسية، دون أن يكون للأتراك أي يد في تصنيع تلك المعدات أو المحركات والآلات العسكرية المعقدة واكتفائهم بأطلاق المسميات العثمانية على الأسلحة الغربية بعد شرائها."
ويتابع تترقب تركيا عقوبات أوروبية منتظرة في ظل مقاطعة عربية شعبية واسعة لكل ما هو منتج تركي وتتمدد يوما بعد يوم، وهو ما سيمثل كارثة على مستقبل الاقتصاد التركي الذي يعاني منذ فترة من تخبط شديد بسبب الهبوط المستمر لليرة أمام الدولار، وحينها لن يكن أمام الرئيس التركي سوى طريقين لإنقاذ نفسه أولا قبل إنقاذ بلاده."
واستطرد مفتاح: "الطريق الأول هو جلب المزيد من المليارات من صناديق قطر السيادية، وهو ما يفسر سر زيارة أمير قطر لتركيا الخميس 26 نوفمبر الجاري، والطريق الثاني ابتزاز حكومة الوفاق ومصرف ليبيا المركزي كما هو معتاد."
دعم تركي للنمروش
ويرى الخبير السياسي مصطفى الشارف أن صلاح النمروش يقدم هدية جديدة لتركيا، مضيفا، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن النمروش يفعل ذلك لهدفين الأول لضمان استمرار الدعم العسكري التركي لمليشيات حكومة الوفاق سواء بالسلاح أو المرتزقة، في ظل ما يقوم به الجيش الوطني الليبي من استعدادات ومناورات وتدريبات متتالية والهدف الثاني لضمان دعم تركيا له شخصيا في المستقبل في ظل استعداد ليبيا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة وتغيير جذري للمشهد السياسي، فالنمروش شأنه شأن كل فرد بحكومة الصخيرات."
ويتابع "فالنمروش في صراع خفي مع باقي أفراد حكومة الصخيرات، التي صار الشغل الشاغل لكل أعضائها هو البحث عن كيفية بقائهم بمناصبهم بالمستقبل، في ظل ما يدور بالحوار السياسي الليبي لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وكيان جديد لدمج كافة مؤسسات الدولة."
واستطرد الشارف: "لم يجد النمروش الذي لا يتمتع بعلاقات دولية واسعة كحال باقي أعضاء حكومة الوفاق إلا الأتراك كي يلجأ لهم ويقدم لهم أوراق اعتماده حتى لو كانت على حساب سكان غرب ليبيا والأمن القومي الليبي نفسه، وهم من يتعاملون مع النمروش وباقي العسكريين في حكومة الوفاق كموظفين درجة ثالثة في أي جهة تركية، وليس كوزير دفاع بدولة أخرى."
السوق المتبقي لبيع السلاح التركي
وفي ذلك السياق يرى المحلل السياسي محمد الزايدي أن ما قام به النمروش خلال تفقده المجمعات الصناعية العسكرية يؤكد أن من يحكم طرابلس والغرب الليبي ليس حكومة الوفاق ولا أي عضو بها، بل الغازي التركي رجب طيب أردوغان، وأن الغرب الليبي أسير المليشيات والمرتزقة الموالون لتركيا، بعد أن صار الغرب الليبي السوق الوحيد لبيع السلاح التركي.
ويضيف الزايدي، في تصريح لموقع سكاي نيوز عربية: "كل التحركات التركية الأخيرة والتي جاءت عبر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، أو وزير الدفاع خلوصي أكار أو من مدير مخابرات أردوغان هاكان فيدان كلها لتثبيت الاحتلال التركي على غرب ليبيا، وفرضه كأمر واقع على الليبيين والمجتمع الدولي، ولم يكن يتحقق ذلك لتركيا لولا وجود النمروش وأمثاله في حكومة فاقدة للشرعية ومنتهية الصلاحية."
ويضيف "لن يتراجع الغازي التركي أردوغان عن طموحه التوسعي لأسباب عديدة، أبرزها الوضع الاقتصادي الداخلي في تركيا، وهو مطالب بتعديل ذلك الوضع المتأزم بأي ثمن، وكانت تنحيه صهره بيرات البيرق من وزارة المالية، ومن قبله محافظ البنك المركزي التركي خير مثال، كما أنه من الطبيعي أن تزداد أطماع أردوغان في ليبيا في ظل وجود حكومة فرضت على ليبيا من الخارج ولم تأتي عبر انتخابات شعبية."
ويتابع الزايدي "لذلك صار نظام حزب العدالة والتنمية النظام الحاكم في تركيا منذ 2003 لا يستطيع أن يكمل مسيرته على عرش الدولة التركية دون الدخول في صدامات مع كل من يعارضه في الداخل، والدخول في نزاعات وحروب مع كل الأطراف الخارجية."
واستطرد: "الموقف الأوروبي الأن تجاه تركيا بشأن ليبيا هو انعكاس واضح لسياسات أردوغان الكارثية في الخارج، ورهانته الخاطئة في الداخل، فالأن أغلب حلفاء تركيا في الاتحاد الاوروبي ينقلبون عليه شيئا فشيئا، ولم يعد هناك حلفاء لأردوغان في الإقليم سوى قطر وحكومة المليشيات بطرابلس، وهو الأن يحلب صناديق قطر السيادية بيد ويسرق قوت الشعب الليبي وأموال المصرف المركزي باليد الأخرى."