بعد رحيل الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان الأسبق، رئيس حزب الأمة القومي، مساء الأربعاء، برز السؤال المهم حول من سيخلف الرجل الذي قضى 70 عاما في دهاليز السياسة والفكر، منها 56 عاما رئيسا للحزب الذي تأسس قبل 75 عاما، أي بعد مولد المهدي بعشر سنوات فقط.

وعلى الرغم من تعدد التكهنات حول الشخصية التي يمكن أن تملأ الفراغ الكبير الذي خلقه رحيل الصادق المهدي، فإن الأكثر ترجيحا وفقا للكاتب والمحلل الصحفي صلاح حبيب هو أن يكون المهدي قد ترك وصية يحدد فيها بدقة من سيخلفة، وذلك على غرار ما جرت العادة في حزب الأمة منذ تأسيسه في العام 1945.

وفي الواقع ظل السؤال المتعلق بالوجه الجديد الذي سيترأس الحزب مطروحا في الساحة السياسية السودانية منذ يوليو 2017، عندما أعلن الصادق المهدي عن عزمه التخلي عن رئاسة الحزب والتفرغ لدوره السياسي والفكري.

وإضافة إلى أسماء بعض أنجال المهدي مثل مريم، وهي طبيبة وناشطة سياسية سجلت حضورا قويا خلال الفترة الأخيرة، برزت أسماء أخرى مثل فضل الله برمة ناصر، وزير الدفاع الأسبق والمقرب جدا من المهدي، والواثق البرير القيادي البارز في الحزب وزوج ابنة المهدي.

لكن حبيب يقول لموقع سكاي نيوز عربية إن عبد الرحمن نجل الصادق الأكبر والمساعد السابق للمخلوع عمر البشير، ربما يكون الأكثر حظا.

وعلى الرغم من الجدل الكبير الذي أثير خلال الفترة الماضية حول مشاركة عبد الرحمن في نظام البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019، فإن حبيب يرى أن تلك المشاركة قصد بها إعداده لتولي قيادة الحزب في المستقبل.

أخبار ذات صلة

السودان يعلن الحداد 3 أيام على وفاة الصادق المهدي
شخصيات سياسية عربية رحلت عن عالمنا في 2020

استراتيجية جديدة

في المقابل يقول عبده مختار أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية لموقع سكاي نيوز عربية، إن الحزب ربما يلجأ لاستراتيجية حديدة يدعم بها شعبيته في ظل المتغيرات الجديدة التي تشهدها الساحة السودانية وتزايد تأثير الشريحة الشبابية على الخارطة السياسية.

وعلى عكس حبيب، لا يستبعد مختار أن يبرز اسم مريم الصادق كخليفة لأبيها رغم التحفظات التي يمكن أن يبديها كيان الأنصار انطلاقا من موقف تاريخي يتعلق بولاية المرأة.

لكن في الجانب الآخر تبدو الظروف الجديدة، وفي مقدمتها تغير الأجيال، سببا كبيرا لعدم ترجيح الرؤى التي قد تقف حائلا ضد تنصيب امرأة رئيسا لهذا الحزب المائل أكثر نحو النهج المحافظ.

وفي كل الأحوال، تبدو مسألة خلافة المهدي تبدو من الجوانب المعقدة نظرا لطبيعة وتركيبة حزب الأمة الذي استحوذ على الأغلبية في المرتين الوحيدتين اللتين نظمت فيهما انتخابات ديمقراطية في السودان عامي 1966 و1986.

وكانت مسألة الوصية أثارت جدلا كبيرا بين آل المهدي عندما توفي والد الصادق وزعيم الأنصار السابق صديق عبد الرحمن المهدي في أكتوبر 1961، حيث برزت روايات مختلفة حول وصيته، لكن الأمر حسم في نهاية الأمر بعد خلافات داخلية لصالح الصادق المهدي.

أخبار ذات صلة

مفكرا وحكيما.. قوى سودانية تنعى الصادق المهدي
الصادق المهدي "حكيم الأمة".. 70 عاما من الفكر والسياسة

تحديات عدة

لكن وبعيدا عن السيناريوهات المختلفة حول الرئاسة، سيكون أمام الزعيم الجديد للحزب تحديات توحيد الحزب الذي تشظى لخمس أجنحة خلال السنوات القليلة الماضية.

ومن أبرز التحديات معالجة مسألة ضعف المؤسسية التي اعتبرها المنشقون عن الحزب، في حين يقول آخرون إن بعض المجموعات المنشقة قادتها كوادر اختارت العمل مع نظام المخلوع البشير من أجل المناصب والسلطة.

ومن التحديات الأخرى، تغيير النمط القديم القائم على الولاءات الأسرية وفتح نوافذ أوسع لمشاركة الشباب والمستنيرين بما يتماشى مع المتغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة السياسية السودانية.

ويعول الكثير من قادة الحزب الشباب على القاعدة القوية التي يستند إليها الحزب، مثل بازرعة علي عبد الماجد، عضو المكتب السياسي الذي يؤكد أن للحزب نهجا يقوم على التشاور في اتخاذ القرار بالقدر المعقول على الرغم من تأثر مؤسساته بالمشكلات التي لحقت بكافة الأحزاب السياسية السودانية بسبب غياب الممارسة الديمقراطية طوال الأعوام الثلاثين الماضية.

ويشير عبد الماجد إلى تميز حزب الأمة القومي برؤى فكرية واضحة تفتقدها معظم الأحزاب السودانية، وهو من الأحزاب القلائل التي تقيم مؤتمرات قاعدية بشكل شبه منتظم، لكنه يقول إنه وبفعل طبيعة المجتمع السوداني لا زال هناك حضور ملحوظ للقبلية والأسرية في رسم القرارات.

ويؤكد عبد الماجد على أن أطروحات الحزب وقدراته الفكرية والسياسية تجعل من الحزب وعاء جاذبا للشباب والمستنيرين، خصوصا أنه يكاد يكون الحزب الوحيد في الساحة السياسية الذي يستند إلى منطلقات وطنية صرفة ولا يعتمد على اي قوالب فكرية أو أيديولوجية مستوردة.