تواجه الصحافة الورقية في السودان خطر الزوال، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وهبوط سعر العملة الوطنية إلى نحو 260 جنيها مقابل الدولار الواحد، مما ضاعف أسعار الورق ومدخلات الإنتاج إلى أرقام أصبح من الصعب على الناشرين تحملها.
وفي المقابل تراجعت، بسبب ضعف القوى الشرائية ومنافسة المواقع الإلكترونية، معدلات التوزيع إلى أقل من 75 ألف نسخة يوميا لإجمالي الصحف التي لا تزال تصدر بشكل منتظم والتي يبلغ عددها نحو 35 صحيفة سياسية ورياضية.
صعوبات كبيرة
وفيما تعاني الكثير من الصحف صعوبات مالية بالغة، توقفت خلال الأشهر الماضية صحيفتان رئيسيتان بسبب عدم قدرتها على التأقلم مع تكاليف الإنتاج الباهظة.
وعلى الرغم من أن تكاليف الإنتاج تشكل المعضلة الكبرى للعديد من الصحف، فإن وكيل وزارة الإعلام الرشيد سعيد أشار في ورشة عقدت في الخرطوم مؤخرا إلى أن بعض الصحف بدأت تتساقط، لأنها كانت ممولة من النظام السابق، موضحا أن وزارة الإعلام منحت تصديقا لسبع صحف أسماها بـ"الموالية للثورة".
لكن في الجانب الآخر يقول مراقبون إن صحيفة واحدة على الأقل من التي حصلت على تصديق خلال الفترة الأخيرة، ممولة من رجل أعمال "هارب" محسوب على النظام السابق ومتهم بأعمال فساد كبيرة أضرت بالاقتصاد السوداني.
أزمة عامة
وفقا لعثمان ميرغني رئيس تحرير جريدة "التيار" السياسية اليومية، فإن المشكلة التي تعيشها الصحافة الورقية لا تنفصل عن الأزمة الاقتصادية العامة التي تعيشها البلاد والتي انعكست سلبا على تكلفة إنتاج الصحف، حيث ترتفع أسعار الورق والمدخلات المستوردة الأخرى في ظل الانخفاض المتواصل في قيمة الجنيه.
ويرى ميرغني أن الحل يكمن في إصلاح مجمل المنظومة الاقتصادية، لكنه يبدي عدم اتفاقه مع الرؤية التي تتحدث عن اللجوء إلى الحلول الداعية للاندماج أو تكوين شركات مساهمة عامة.
أسباب أخرى
رغم قناعته بضعف البنية التكنولوجية في البلاد، فإن الطاهر ساتي رئيس تحرير صحيفة الصيحة، يعزي جزءا من الأزمة الحالية التي تعيشها الصحف في العالم عموما إلى عزوف القراء عن الصحافة الورقية واستبدالها بالصحافة الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي للحصول على حاجتهم من الأخبار والمعلومات.
لكن ساتي يقول لموقع سكاي نيوز عربية إن الوضع في السودان يبدو أكثر سوءا في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب التراجع المستمر في سعر العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوى الشرائية، مما أدى إلى تراجع معدلات التوزيع بنسب وصلت إلى 60 في المئة خلال الاشهر الماضية.
محفظة تمويل
من جانبه، يؤكد محمد الأمين عبد الله الامين العام المكلف للمجلس الاعلى للصحافة والمطبوعات في السودان لموقع سكاي نيوز عربية أن المجلس يتابع باهتمام الأزمة التي تواجه الصحافة المطبوعة وسعى مع الجهات المعنية إلى عمل محفظة لتمويل عملية استيراد الورق والمدخلات الأخرى التي يشكل ارتفاع تكاليفها أبرز أسباب الأزمة.
ويشير عبد الله إلى وجود العديد من الأفكار التي ينظر إليها بوجهات نظر مختلفة من قبل الناشرين، مثل فكرة الدمج بين بعض الصحف أو إنشاء شركات مساهمة عامة.