من "سيدة المنوفية" إلى "رجل المترو" مرورًا بـ"سيدة المطر"، تأثر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي، بتلك القصص الصحفية الإنسانية، مما حولها إلى "تريند" في الأيام الأخيرة.

وزادت فرحة الجمهور بالاستجابة السريعة من وزارة التضامن الاجتماعي المصرية، لكن خلف كل هذا يوجد أبطال مجهولين في هذه القصص، نقلوا عبر كاميراتهم ملامح تلك البطولات من الشارع المصري.

تحكي المصورة شروق السيد لـ"سكاي نيوز عربية" أنها أثناء تحركها داخل مترو الأنفاق، لفت نظرها مشهد رجل يحمل ابنه على كتفه، بينما تبدو عليه علامات المرض، ويتحرك بين الناس، وكأن الأمر مألوفاً بالنسبة له، فقررت أن تبرز بطولته بصورة.

فور وصول الصورة لجمهور مواقع التواصل الاجتماعي، تحولت إلى تريند، وتحركت أكثر من وسيلة إعلامية محلية في سبيل الوصول إلى محمد عبد التواب، الأب الذي يحمل ابنه منذ قرابة 15 عامًا من دون ملل أو كلل، حيث يعاني ابنه من ضمور في الجانب الأيسر من الجسم، ويحتاج الابن لثلاث جلسات علاج طبيعي أسبوعيًا، ويتحرك به الأب من البدرشين -إحدى قرى الجيزة- إلى أحد مراكز العلاج الطبيعي بالدقي.

طلب "رجل المترو" مقابلة شروق بعدما توجه إليه المختصون من وزارة التضامن، لتقديم المساعدة المطلوبة. وقالت شروق إن عبد التواب كان مبتسمًا ومستعجبًا مما يحدث، خاصًة بعدما وجد بيته ممتلئا بالإعلاميين؛ لمعرفة المزيد عن حياته، وقدم الشكر إليها على الصورة التي جعلت الكثيرين يفتخرون ببطولته وينظرون إليه كرمز للأب المثالي. "من أسعد أيام حياتي" هكذا وصفت شروق يوم المقابلة.

أخبار ذات صلة

بالصور.. ياسمين صبري تستقبل "سيدة المطر"

سيدة المطر

"تجلس في هذا المكان دائمًا، لكن إصرارها على الجلوس في هذا اليوم كان استثنائيًا"، هكذا وصف المصور ماهر إسكندر تحدى نعمات عبد الحميد "سيدة المطر" الطقس السيئ، يوم الجمعة، لبيع "الترمس" في أحد شوارع حي المهندسين.

يروي إسكندر لـ"سكاي نيوز عربية" أنه كان يغطي ردود فعل المواطنين في هذا اليوم، لكن استوقفه مشهد جلوس "سيدة المطر"، وتمنى أن يكون سببًا في مساعدتها، وهذا ما حدث بعدها بساعات قليلة من نشر الصورة، وتفاعل الجمهور معها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تحرك فريق "أطفال وكبار بلا مأوى" التابع لوزارة التضامن إلى مكان جلوس السيدة نعمات، لمعرفة المزيد حول حالتها.

وأكد إسكندر أنه لا يهتم أن يعرفه الناس، أو تزداد شهرته، فهو يريد فقط أن يصنع الفارق من خلال عمله، وأن يترك بصمة واضحة في حياة من يلقى عليهم الضوء بكاميرته. فخلال مسيرة تمتد لأكثر من 15 عامًا في التصوير الصحفي، كان هذا هدفه الأهم.

مصور "سيدة المنوفية"

"البعض يخاف من الكاميرا، لكن السيدة روحية، ليست منهم، فهي تشعر أنها بطلة"، هكذا وصف فاضل داوود "سيدة المنوفية"، بعدما استضافته هو واثنان من أصدقائه الصحفيين في منزل يبدو أن الفقر صديقه منذ أعوام، لتروي لهم حكايتها، وهي مبتسمة.

ترعى روحية محروس حبيب، ابنة مركز الشهداء بالمنوفية، ثلاثة أبناء من ذوي الاحتياجات الخاصة، أكبرهم عمره 40 عامًا، وأصغرهم 27 عامًا، وتتحمل روحية مسؤوليتهم وحدها بعدما تركها زوجها، وهجر أسرته.

وقال داوود لـ"سكاي نيوز عربية" إنه لم يبذل مجهودًا في تصوير السيدة روحية وأبنائها الثلاثة، فكان جمال روحهم وعلامات الرضا على وجوههم كافيين لإعطاء الصور جمالها الخاص، فالكاميرا -على حد تعبيره- تتجه وحدها إلى الجمال بكل أشكاله.

 ورغم الظروف التي تمر بها السيدة روحية، قدمت لفاضل وأصدقاءه وجبة غداء كواجب ضيافة، فلا يصح أن يسافروا إليها من القاهرة، دون أن يتذوقوا "فطير مشلتت" صنعته بيديها، على حد تعبيرها.

شعر داوود بسعادة كبيرة، من رد فعل الجمهور على الصور، فكان يعرف أنها الخطوة الأولى لأن يكون سببًا في مساعدة السيدة روحية، إذ كان يريد أن تكون رمزًا للأمومة والمحبة والرضا.

وأرسل داوود نسخا مطبوعة من الصور لـ"سيدة المنوفية"، مما أسعدها كثيرًا، وقامت بتجميع الصور في "ألبوم" لتحتفظ به.

 وبعدما تواصلت وزارة التضامن الاجتماعي مع السيدة روحية لتقديم المساعدة المطلوبة، قال فاضل إن تلك اللحظات تزيد من محبة الصحفيين لمهنتهم.

الجمهور.. بطلٌ لا يُنسى

أكد المصورون الثلاثة أن جمهور التواصل الاجتماعي، كان عاملًا مهمًا لإيصال قصصهم الصحفية الإنسانية للمسؤولين، كما أن هناك من حاول التواصل معهم لتقديم المساعدة بشكل مباشر لأبطال قصصهم، فلم يكن التفاعل فقط من خلف الشاشات، لكن على أرض الواقع أيضًا.

ويظهر محرك البحث "غوغل"، أن أبطال تلك كل القصص كانوا من أبرز "تريندات" الشهر الحالي في مصر.

ويعتبر هذا التفاعل، دافعًا للصحفيين لزيادة إنتاج القصص الإنسانية، فالجمهور بشكل عام والمصري بشكل خاص يتأثر بتلك النوعية من القصص الصحفية، خاصًة المرئية منها، فالصورة ربما تكون أكثر تعبيرًا من مئات السطور المكتوبة.