حدد خبراء في مجال الري والمياه 3 خلافات جوهرية ستسيطر على جولات التفاوض المقبلة المتعلقة بسد النهضة بين إثيوبيا والسودان ومصر والتي تستأنف الأحد برعاية الاتحاد الأفريقي، تتمثل في سعي أديس أبابا لقطع الطريق أمام التوصل لاتفاق ملزم يطالب به الطرفان الآخران السودان ومصر.
وإضافة إلى صعوبة الاتفاق على آلية فض النزاعات المنصوص عليها في إعلان المبادئ الموقع في 2015 والتنسيق الدقيق، وتبادل المعلومات بشأن تشغيل سد الروصيرص السوداني الواقع على بعد نحو 115 كيلومترا من سد النهضة.
ومنذ العام 2011 انخرطت الأطراف الثلاثة في مفاوضات واجهت خلافات مفاهيمية وقانونية، وتوقفت في فترات عديدة كان آخرها أغسطس الماضي قبل أن تستأنف نهاية الأسبوع الماضي بجلسة إجرائية.
ويربط الخبراء نجاح المفاوضات باحترام إعلان المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة في
2015، حول السد الذي تبنيه أثيوبيا قرب الحدود السودانية بتكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار، ويتوقع أن يكون عند اكتماله أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية بطاقة توليد تصل إلى 6 آلاف ميغاوات.
جوهر الخلاف
وقال عثمان التوم وزير الري والموارد المائية السوداني الأسبق، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن جوهر الخلاف يكمن في التباين الواضح بين أثيوبيا من جهة والسودان ومصر من الجهة الأخرى، ففي حين تسعى الأولى إلى حصر المسألة في الاتفاق على موجهات استرشادية لتشغيل وملء السد، تتمسك الأطراف الأخرى وهي السودان ومصر بالتوصل إلى اتفاق ملزم وفقا لقواعد القانون الدولي ويتفق معهما في ذلك خبراء البنك الدولي والاتحاد الأفريقي.
ويشير التوم إلى خلاف جوهري أيضا يتعلق باختلاف الرؤى حول آلية فض النزاعات حيث ترى أثيوبيا الاكتفاء برفع الجوانب الخلافية إلى رؤساء الدول الثلاثة في حال الفشل في حسمها، وترى مصر ضرورة تضمين الاتفاق بندا يتيح رفع القضايا الخلافية إلى طرف ثالث لحسمها في حين ترى أثيوبيا أن دور الطرف الثالث يجب أن ينحصر في تقديم المشورة فقط.
قطع الطريق
وفي الجانب الآخر، يقول التوم إن السودان يريد في هذه المرحلة التركيز على الجوانب التي يمكن أن تقطع الطريق أمام إطالة أمد التفاوض والرجوع للحلول المضمنة في مذكرة خبراء الاتحاد الإفريقي والبنك الدولي ومراقبي الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والبناء على نقاط التوافق ومعالجة الجوانب الخلافية.
ويشدد التوم على أهمية الاتفاق على تبادل المعومات وتنسيق الخطوات العملية المتعلقة بالملء والتشغيل بين السودان وأثيوبيا نظرا لقرب خزان الروصيرص السوداني الشديد من سد النهضة والفارق الكبير في السعة التخزينية بينهما إذ تبلغ سعة الأول 6 مليارات متر مكعب فقط مقابل 74 مليارا للسد الأثيوبي وهو ما قد يؤدي إلى مشاكل فنية كبيرة في ظل غياب آلية محكمة وسريعة ومواكبة للتنسيق وتبادل المعلومات بين الجانبين.
ورقة تكتيكية
من جانبه، ينبه صادق شرفي خبير السدود والمياه إلى أن أثيوبيا تعمل على استخدام ورقة تكتيكية تفاوضية لتفادي الوصول إلى اتفاق ملزم قد يقيد طموحاتها الرامية إلى التوسع في التوليد الهرومائي وبناء المزيد من السدود سواء كان على النيل الأزرق أو نهري عطبرة والسوباط، وهما نهران يربطان أثيوبيا بدول أخرى.
ويقول شرفي لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن واحدة من التكتيكات المهمة التي تتبعها أثيوبيا تتمثل في إدارة التفاوض بطريقة تمكنها من الحصول على حصص مائية تستفيد منها في مشروعاتها الزراعية التي تعتمد على الري المطري الذي يسبب مشاكل كبيرة للمزارعين الأثيوبيين.
ويشير شرفي إلى أن المفاوضين السودانيين والمصريين لا يرون أي مسوغ قانوني لمحاولات أثيوبيا الرامية إلى إقحام اتفاقية مياه النيل في مفاوضات سد النهضة.
ونظرا لوقوعها في مناطق أخاديد مائية تواجه أثيوبيا أزمة حقيقية في الحصول على المياه الكافية لري مشروعاتها الزراعية والقضاء على الفجوة الغذائية الكبيرة التي يواجهها سكانها البالغ تعدادهم نحو 110 مليون نسمة. كما تسعى في الجانب الآخر إلى تنفيذ خطة تاريخية وضعتها في العام 1964 أي بعد سنوات قليلة من البدء في بناء السد العالي في مصر وتتضمن بناء ثلاثة سدود جنوب الموقع الحالي لسد النهضة.