فتحت خطوة شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب المدرج فيها منذ عام 1993، بارقة أمل كبيرة أمام اقتصاد عانى الأمرّيْن في فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير.
وورثت الحكومة الانتقالية في السودان اقتصادا مثقلا بديون تقدر بنحو 60 مليار دولار، ومعدلات تضخم بلغت 212 بالمئة، وتدهورا مروعا في كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية والبنية التحتية، وانهيارا شبه كامل في القطاع المصرفي، وتراجعا كبيرا في قيمة العملة الوطنية، ومعدلات فقر فوق 70 بالمئة وبطالة عند 40 بالمئة.
ورغم ضخامة حجم الدمار الذي لحق بالاقتصاد والخسائر المقدرة بنحو 300 مليار دولار، فإن عددا من المسؤولين والخبراء أكدوا لموقع "سكاي نيوز عربية" قدرة الخرطوم على النهوض والاستفادة من الفرص الجديدة التي يمكن أن تتيحها خطوة رفع العقوبات، مشيرين إلى أن قطاعات المصارف والمال والبنية التحتية ستكون أكبر المستفيدين من الخطوة.
ويلخص الخبير الاقتصادي عضو اللجنة الاقتصادية محمد شيخون، الفوائد التي يمكن أن يجنيها السودان في حال اكتمال إجراءات رفع اسمه من قائمة الإرهاب في فتح المجال أمام إعفاء جزء كبير من ديونه الخارجية والعودة للأسواق الدولية.
ويقول شيخون لموقع "سكاي نيوز عربية" إن الانفكاك من العقوبات "سينعكس إيحابا على كافة القطاعات الاقتصادية، وسيمكن من نقل التكنولوجيا والمدخلات اللازمة لإعادة تأهيل الاقتصاد السوداني".
البنية التحتية
وقال وزير البنية التحتية هاشم بن عوف لموقع "سكاي نيوز عربية" إن وزارته وضعت خططا وبرامج وسياسات محددة للارتقاء بالبنية التحتية، ومعالجة الأضرار التي لحقت بالقطاع بسبب العقوبات الناجمة عن إدراج السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأشار الوزير إلى أن "رفع العقوبات سيساعد على سد الفجوة التمويلية وجذب الاستثمارات الدولية والمحلية، وتعزيز الشراكات مع القطاعين والعام والخاص لتنفيذ مشاريع إستراتيجية تشمل التنمية العمرانية والنقل البري والجوي والبحري، بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بنقل البضائع والركاب، وانسياب الحركة وتشغيل أنظمة النقل الحالية".
وأوضح بن عوف أن "هناك خططا لإقامة مشروعات ربط حديدي مع كل من إثيوبيا وتشاد لتسهيل عملية نقل البضائع والسلع إليهما من الموانئ السودانية، إضافة إلى الربط الحديدي بين مدينتي حلفا السودانية وأسوان المصرية، وهو مشروع يتوقع له أن يسهم في زيادة معدلات حركة البضائع والركاب، ويفتح بالتالي فرص عمل كبيرة لأبناء منطقة حلفا".
القطاع المالي
ومن جهة أخرى، أشار الرئيس الجديد لسلطة أسواق المال السودانية شوقي عبد العزيز حسنين، إلى أن القطاع المصرفي والمالي سيكون المستفيد الأكبر من رفع العقوبات، إذ أن الخطوة ستسمح بعودة السودان لأسواق المال وشبكة المصارف العالمية، مما يسهل من جذب تحويلات المغتربين المقدرة بنحو 5 مليارات دولار سنويا، إضافة إلى تيسير تدفق عائدات الصادرات التي كان معظمها لا يجد طريقه للعودة للمصارف السودانية بسبب تعقيدات الحظر.
وأوضح حسنين أن "واحدة من أهم الفوائد المتوقعة تتمثل في تسهيل نفاذ الشركات السودانية الكبرى للأسواق العالمية، إضافة إلى تشجيع تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية بعد إجراء إصلاحات ضرورية، من بينها إحداث استقرار في أسعار الصرف عبر تحسين الميزان التجاري، وتكوين احتياطي مناسب من الذهب والنقد الأجنبي".
فاتورة المخاطر
ويشير القيادي في تجمع المهنيين السودانيين وليد الريح، إلى أن رفع العقوبات سيخفض فاتورة المخاطر العالية التي كانت تتكبدها البنوك العالمية الراغبة في التعامل مع السودان، ويمكن المصارف السودانية من الربط المباشر بشبكة "سويفت" العالمية، وبالتالي إتاحة التحويلات المباشرة من وإلى السودان، وتجنيب المصدرين والمستوردين استخدام طرف ثالث أو الاضطرار لتسجيل شركاتهم في دول مجاورة.
وتوقع الريح في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تسهم الخطوة بشكل مباشر في تخفيف الكثير من التعقيدات في القطاع المالي والمصرفي، من خلال تسهيل الحصول على التكنولوجيا الحديثة التي تسهم في تقليل تكاليف استيراد أجهزة ووسائل الدفع، والتقنيات المالية.
الدعم العسكري
كما يتوقع الخبير الإستراتيجي الأمني أمين إسماعيل مجذوب أن ينعكس قرار رفع العقوبات بشكل سريع وفعال على منظومة التجهيزات العسكرية، التي تضررت كثيرا بسبب فقدانها جيلا كاملا من التكنولوجيا العسكرية خلال فترة العقوبات التي استمرت أكثر من 25 عاما.
ويشير مجذوب إلى أن "هناك أسرابا من طائرات عسكرية ودبابات مختلفة خرجت من الخدمة بسبب عدم وجود قطع غيار".
ووفقا لمجذوب، فقد حرمت العقوبات السودان الاستفادة من الكثير من أوجه التعاون العسكري، خصوصا تلك التي تتعلق بالتدريب ونقل التكولوجيا، وهو أمر له تاثير بالغ على جاهزية القوات المسلحة وقدراتها القتالية.
قطاع التكتولوجيا
وبالنسبة للمدير العام لشركة "دوم تكنولوجي" أشرف إبراهيم دفع الله، فإن رفع العقوبات سيمكن السودان من اللحاق بركب التكتولوجيا، رغم الفرص الكثيرة التي فقدها خلال 3 عقود شهد العالم فيها ذروة الثورة الرقمية الإلكترونية التي شكلت الاقتصاديات والحياة الاجتماعية.
ويؤكد إبراهيم لموقع "سكاي نيوز عربية" أن رفع العقوبات سيسمح بنقل التكنولوجيا الرقمية، مما يمكن قطاعات الاقتصاد السوداني من تحويل عملياتها إلى "الآلية" ومواكبة التكنولوجيا والخدمات الرقمية المستخدمة في الصناعة والقطاعات المالية والخدمية.