حضرت الحكومة الجزائرية مشروع قانون جديدا صادق عليه مجلس الوزراء مؤخرا، من شأنه أن يكون رادعا لمن تسول لهم نفسهم اختطاف الأطفال، بحيث يتضمن عقوبات مشددة وصارمة تصل إلى حد عقوبة "الإعدام" في حال وفاة الطفل المُختَطَف، خطوة قرأها العديد من المتابعين في خانة إشهار الدولة لـ"سيف الحجاج" في وجه مرتكبي جرائم الاختطاف.
وتتجه السلطات الجزائرية إلى الضرب بيد من حديد بخصوص ظاهرة الاختطاف التي عرفت في السنوات الأخيرة تناميا في المجتمع، ووصفها بعض المختصين الاجتماعيين بأنها "ظاهرة دخيلة" على المجتمع الجزائري المعروف عليه منذ القدم تعايشه وانسجامه.
وتتحدث أرقام الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل عن تسجيل 30 حالة اختطاف للأطفال خلال العام الجاري 2020، مع ضحية واحدة، مما يؤكد أن الظاهرة عرفت استفحالا واسعا خاصة مع القصص المرعبة عن اختطاف القصّر ذكورا وإناثا التي عايشها الشارع الجزائري.
عقوبات مشددة
وعن التدابير المشددة التي ينطوي عليها هذا النص القانوني الجديد، فإن المواد تشير إلى أنه تتراوح بين عشرة وعشرين سنة سجنا في حال إطلاق سراح الضحية بعد اختطافها في مدة لا تتجاوز عشرة أيام، وهذا بدل شهر، مثلما ينص عليه القانون الحالي، ويشترط في هذه الحالة عدم تعرض الشخص المختطف للعنف أو الأذى وأن يكون بالغا.
ويؤكد وزير العدل بلقاسم زغماتي أنه "أما إذا تم احتجاز الضحية كرهينة أو استعمل العنف في اختطافها، فتكون العقوبة من 15 إلى 20 سنة، أما في حال تعرض الضحية إلى الأذى أو إصابتها بعاهة مستدامة أو اختطفت لاستعمالها كرهينة أو لطلب فدية، فإن العقوبة قد تصل إلى السجن المؤبد. أما إذا ما انجر عن عملية الاختطاف وفاة الضحية فإن العقوبة تكون الإعدام".
وتتجه هذه الإجراءات الردعية، حسب المصدر ذاته، إلى حرمان مرتكبي هذا النوع من الجرائم من الاستفادة من ظروف التخفيف، مع عدم استفادتهم من تكييف العقوبة أي بمعنى آخر لا يحق لهم التمتع برخصة الخروج أو الحرية النصفية أو الوضع في ورشة خارجية أو الاستفادة من الإفراج المشروط، وبالتالي فهم ملزمون بقضاء العقوبة بأكملها في وسط مغلق.
عقوبة الإعدام مطروحة
تؤكد عدة أطراف قانونية ودينية على ضرورة تطبيق النص القانوني المتمثل في الإعدام أو القصاص بلغة الشرع في حق أصحاب هذه الجرائم المتعلقة بقتل الأطفال، وليس فقط النطق به من دون تنفيذه، حتى يكون الردع أكثر تأثيرا ويضع حدا لـ"اللاّعقاب" في أوساط مرتكبي جرائم الاختطاف.
ويعتقد المحامي عمار خبابة في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن هذا القانون يعالج ظاهرة الاختطاف ولكن الأهم منه هو التوجه نحو تطبيق أحكام القانون، لأن المحاكم تصدر عقوبات الإعدام ولكن هذا الحكم غير معمول به في الجزائر منذ 1993". وتابع المتحدث ذاته "إذا لم ننفذ الإعدام في حق ممارسي الاختطاف سنبقى ندور في حلقة مفرغة".
وشدد المحامي خبابة على أن المجتمع الجزائري يطالب بتطبيق عقوبة الإعدام في حق مختطفي وقاتلي الأطفال، "ونحن جزء من هذا الشعب ونتبنى مواقفه".
ارتياح لدى المجتمع المدني
بالموازاة مع ذلك، تعتبر عدة قوى ناشطة في المجتمع المدني مهتمة بالدفاع عن الطفولة أن القانون الجديد بادرة جيدة للقضاء التدريجي على ظاهرة اختطاف الأطفال المستفحلة بكثرة في الآونة الأخيرة.
ويقول رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل "ندى"، عبد الرحمن عرعار، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية" إنه "لا يوجد قانون في العالم قضى على جريمة من الجرائم ولكن التطبيق التدريجي له سيساهم في محاصرة الظاهرة".
وأكد عرعار في معرض حديثه أن القانون الذي تقدم به وزير العدل زغماتي "خطوة مهمة جدا في منظومة الدفاع عن حقوق الطفل في الجزائر"، مبرزا ضرورة التفكير في كيفية تنفيذ آليات هذا القانون من تسليط العقوبات والوقاية التربوية وكيفية الاهتمام والتكفل بالضحايا وكذلك التعامل مع الجناة.
وقدم رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل أرقاما بخصوص الظاهرة، قائلا: إنه "في أواخر 2016 تم التحكم في الوتيرة، ومن 2011 إلى 2016 سجلنا 220 محاولة اختطاف، أما 2019 سجلنا 83 حالة، في حين أن 2020عرفنا 30 حالة مع تسجيل ضحية". هذا من دون الحديث عن حالات الهروب من البيوت وتحويل القصر.
يشار إلى مكافحة الاختطاف في الجزائر كانت تتم عبر إجراءات حكومية ووزارية إلى أن تم وضع مخطط اليقظة والتبليغ عن الاختطاف سنة 2013، ويعتبر القانون الجديد لسنة 2020 إضافة نوعية في مجال مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة.