يعود موضوع معاشات البرلمانيين المغاربة إلى الواجهة، من بوابة قبة البرلمان، الذي يناقش، الثلاثاء، مقترح قانون بإلغاء تلك المعاشات.
ويأتي فتح هذا الملف في ظل جدل وانقسام بين الأحزاب الممثلة في البرلمان، ونقاش شعبي محتدم على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعد معاشات البرلمانيين والوزراء المغاربة، محط رفض شعبي منذ سنوات طويلة، حيث يصفها المنتقدون بـ"الريع السياسي" ويطالبون بإلغائها.
ويحصل البرلمانيون المغاربة، على تعويض شهري يناهز 3500 دولار طيلة مدة ولايتهم التي تمتد لخمس سنوات، ومباشرة بعد مغادرة البرلمان يستفيدون من معاشات مدى الحياة، تناهز 500 دولار شهريا، نصفها تم اقتطاعه مسبقا من التعويضات أثناء الولاية، والنصف الآخر تغطيه الحكومة.
وتم تجميد معاشات البرلمانين، منذ أكتوبر 2017، حين أعلن صندوق تدبير المعاشات الخاصة بأعضاء البرلمان، عن إفلاسه.
"لا حق لنا في هذا المعاش"
وتؤكد النائبة البرلمانية، ابتسام عزاوي، التي تقدمت بمقترح قانون إلغاء المعاشات، أن هناك تعثرا دام سنوات طويلة داخل مجلس النواب، يتعلق بمنظومة تقاعد البرلمانيين، وقد حان الوقت لطي هذه الصفحة بإنهاء المعاشات.
وتوضح عزاوي، النائبة عن حزب الاصالة والمعاصرة (حداثي) لـ"سكاي نيوز عربية"، أن مقترح إلغاء المعاشات نابع من كون النائب البرلماني أدى مهمة انتدابية محددة في الزمان والمكان، وبالتالي فإن تعويضه المالي يجب أن ينتهي مع نهاية ولايته البرلمانية.
وتتابع النائبة البرلمانية بالقول إن "الحكومة لا يجب أن تساهم سنويا في صناديق معاشات البرلمانين"، مضيفة "لا حق لنا في هذا المال".
وتعتبر النائبة أن المعاش الذي يتقاضاه البرلماني نظير 5 سنوات أو أقل من أداءه مهامه داخل المؤسسة التشريعية، يفوق أحيانا معاش موظف اشتغل 30 عاما.
من جهة ثانية، تؤكد ابتسام عزاوي، أن إلغاء معاشات البرلمانيين سيشكل، في حال الموافقة على مقترح القانون، إشارة مهمة لاسترجاع الثقة في العمل السياسي بالمغرب، كما سيعطي إشارات إيجابية للشباب بأن الممارسة البرلمانية لا ترتبط بالاغتناء.
لا للتصفية.. نعم للإصلاح
وتنقسم الأحزاب الممثلة في البرلمان، بين مطالب بإلغاء معاشات البرلمانيين وتصفية الصندوق الخاص بتدبير تلك المعاشات، وبين من يدعو للإبقاء عليها لكن مع إدخال جملة من الإصلاحات.
وكانت مجموعة من الأحزاب تقدمت قبل سنتين بمقترح قانون يطالب بإصلاح الصندوق، عبر تأجيل استفادة البرلمانيين من المعاشات إلى حين بلوغهم سن 65 عاما.
وعشية انطلاق مناقشة مقترح انهاء المعاشات داخل البرلمان، أعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم انسحابه من مقترح قانون الاصلاح، في خطوة قرأ فيها مراقبون، محاولة من للتملص من "تهمة الريع السياسي".
في المقابل اعتبر محسن مفيدي نائب عن الحزب أن تصفية صندوق معاشات البرلمانيين هو "الحل الأفضل" مؤكدا في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن مقترح الإصلاح لم يجد توافقا، خاصة وأن رئيس الحكومة صرح أكثر من مرة أن "الحكومة لن تنفق درهما واحدا لإنقاذ الصندوق من الإفلاس".
وتتشبث أحزاب أخرى كالاستقلال (يميني محافظ) والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (اشتراكي) بمطلب الإصلاح.
ويرى مراقبون أن الموقف ينبع من كون الحزبين من أقدم الأحزاب المغربية يتوفران على أكبر عدد من البرلمانيين الذين فاق سنهم 65 عاما.
وكانت رئيس مجلس النواب الحبيب المالكي، القيادي بحزب الاتحاد الاشتراكي، قد دافع عن معاشات البرلمانيين، معتبرا أنها ليست ريعا مادام الأمر يتعلق بمساهمات يتحملها البرلماني والدولة على حد سواء.
رفض شعبي
ومنذ الإعلان عن فتح ملف المعاشات داخل البرلمان، تجدد الجدل الشعبي بشأن هذا الموضوع الذي يثير حفيظة عدد كبير من المغاربة.
وانطلقت دعوات بتوقيع عريضة شعبية تطالب بإلغاء معاشات البرلمانيين، والإنهاء مع "الريع السياسي".
وقد ذهب جزء من المدافعين عن هذا المطلب، إلى التهديد بمقاطعة الانتخابات التشريعية التي ستجرى في السنة المقبلة، إذا تم الإبقاء على تلك المعاشات. وحسب مراقبين، فقد دفع هذا النقاش المحتدم على مواقع التواصل، الأحزاب السياسية إلى الدخول في نوع من السباق للظهور بصورة أفضل أمام المواطن، الذي يشكل ورقة انتخابية.
ويتزامن نقاش الامتيازات الممنوحة للبرلمانيين، مع جدل آخر يتعلق بالحديث عن إمكانية رفع عدد أعضاء البرلمان.
ويضم البرلمان المغربي 395 عضو بمجلس النواب (الغرفة الأولى) و120 عضو بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية).