رسم خبراء ومراقبون 3 سيناريوهات لحل أزمة سد النهضة بين إثيوبيا ومصر والسودان، في وقت قالت فيه مصادر لموقع "سكاي نيوز عربية"، إنه من المتوقع استئناف المفاوضات قريبا.
ووفقا لتقديرات الخبراء، فإن السيناريو الأول يتمثل في "الحل السياسي المبني على موازنة المصالح والاستثمار في الفرص"، أما الثاني فيتعلق بـ"احتمال نجاح الاتحاد الإفريقي في دمج مقترحات البلدان الثلاثة والتوصل إلى صيغة قانونية ملزمة"، وهو ما تطالب به مصر والسودان.
أما السيناريو الثالث، وهو الأقل ترجيحا، فيتعلق باللجوء إلى "آلية التحكيم".
آلية مشتركة
واعتبر الباحث والسياسي إبراهيم الأمين، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الحل الأنجع لهذه الأزمة يتمثل في إيجاد آلية تمكن البلدان الثلاثة من الاستثمار في الفرص، خاصة وأن الدول الثلاث تعاني من مشكلات تتعلق بأمنها الغذائي".
وأضاف: "هذا الأمر يمكن تحقيقه عبر الحل السياسي المرتبط بالتوصل إلى اتفاق ملزم، يضع في حساباته إبعاد الضرر عن أي طرف".
واستبعد الأمين سيناريو "الحل التحكيمي" لأسباب عملية تتعلق بطبيعة أزمات المياه، والفشل الذي صاحب تجارب في نزاعات مشابهة.
وفي الواقع، يشير خبراء إلى العديد من المشاكل التي قد تواجه سيناريو التحكيم، خصوصا فيما يتعلق بآليات التسوية ونظرة إثيوبيا بأن الأمر في مجمله يرتبط بسيادتها الوطنية.
الحل السياسي
وفي حين لم يستبعد الأستاذ الجامعي وخبير نزاعات المياه في الأمم المتحدة كمال الدين بشار، اللجوء إلى التحكيم إذا فشلت كل الحلول الممكنة، إلا أنه رجح سيناريو الحل السياسي الرامي للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم.
وقال بشار لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الظروف العالمية والإقليمية الحالية قد تشكل ضغطا على جميع الأطراف، بما في ذلك إثيوبيا، التي أظهرت مرونة نسبية بعد استخدام واشنطن ورقة العقوبات المالية عليها".
وشدد بشار على وجوب أن تنظر جميع الأطراف إلى المسألة في مجملها على اعتبار أنها "أزمة تحتاج إلى حل يقوم على مبدأ عدم الإضرار بالآخر".
ويرى الخبير الأممي أن "الصيغة الأمثل" تتمثل في "الوصول إلى اتفاق يتضمن آليات تنسيق محكمة، خصوصا في الجوانب التشغيلية".
وأبدى بشار تفاؤله من أن تتمكن الآلية المشكلة من الاتحاد الإفريقي، من دمج مقترحات الدول الثلاث في "رؤية موحدة"، بعد أن أدى الفشل في هذه الخطوة إلى توقف المفاوضات في نهاية أغسطس الماضي.
وفشلت جهود وساطة الاتحاد الإفريقي في دمج مسودات مقترحات كل من السودان ومصر وإثيوبيا المتعلقة بالتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.
ونشبت خلال الفترة الأخيرة "خلافات مفاهيمية" بين الأطراف الثلاثة حول عدد من القضايا، على رأسها إلزامية الاتفاق وآلية حل النزاعات.
وتتخوف كل من مصر والسودان من احتمال أن يؤثر السد سلبا على الحصص المائية، ويتسبب في أضرار بيئية ومخاوف من انهيارات وفيضانات محتملة، لكن إثيوبيا تقول إن مشروع السد "لا يسبب أي أضرار للآخرين"، معتبرة أنه يشكل "مشروعا للنهضة الاقتصادية والزراعية، ويسهم في تعزيز التعاون الكهربائي مع السودان وتخفيض الإطماء بالنسبة لسدوده، وانتظام تصرف النيل الأزرق، الذي يمدها بحصتها من المياه".
وأيا كان السيناريو المتوقع، فإن تقرير نشرته مؤخرا مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، حذر من أن أي حل يخرج عن الإطار التفاوضي قد يؤدي إلى تعقيد الوضع الجيوسياسي المتأزم أصلا في المنطقة، مما يضر بمصالح كافة الأطراف.
وفي ذات السياق، أشار تقرير نشرته دورية "أفريكا ربورت" الأسبوع الماضي، إلى أهمية عودة الأطراف الثلاثة إلى طاولة المفاوضات مجددا، وربما اللجوء إلى حلول مرحلية تحفز على الوصول إلى اتفاق نهائي.
ووفقا للخبراء، فإن نجاح المفاوضات سيتوقف على احترام إعلان المبادئ الموقع بين البلدان الثلاثة عام 2015، الذي انخرطت على إثره في مفاوضات مكثفة حول السد الذي تبنيه إثيوبيا قرب الحدود السودانية بتكلفة تقدر بنحو 5 مليارات دولار.
وسيكون سد النهضة عند اكتماله، أكبر سد كهرومائي في القارة الإفريقية بطاقة توليد تصل إلى 6 آلاف ميغاوات.