عاد الحديث مجددا عن موضوع ترسيم الحدود البحرية للمغرب، خاصة مع إسبانيا، وهو موضوع يعود لبداية السنة الجارية وكان محط مشاورات بين الرباط ومدريد.
إلا أن بعض الأصوات اليسارية في إسبانيا بدأت تحرك الملف من جديد تؤجج الصراعات بين البلدين المتجاورين، الذين تجمعها العديد من القضايا الحساسة المشتركة، في هذا الظرف بالذات.
وعاد رئيس الحكومة المحلية لجزر الكناري، أنجيل فيكتور توريس، لاستفزاز المغرب والتحرش به في موضوع ترسيم المملكة لحدودها البحرية، إذ صرح في جلسة رسمية للبرلمان المحلي لجزر الكناري بتبنيريفي أن المغرب فشل فشلا ذريعا في تنزيل قراره بـ"توسيع" حدوده البحرية.
ويعد هذا التصريح المستفز والصادر عن مسؤول سياسي إسباني ذو ميول يسارية، لا يخدم في شيء مصالح الرباط وجارتها الشمالية المشتركة بقدر ما يغذي شعور العداء والتنافر، بحسب مراقبين.
وكان البرلمان المغربي قد صوت في خطوة كاملة السيادة، مطلع العام الجاري، على القانونين المتعلقين بإنشاء المنطقة الاقتصادية الخالصة وتعيين حدوده البحرية مع إسبانيا وموريتانيا.
وكانت حكومة مدريد، تزامنا مع مناقشة النصين القانونيين باللجان البرلمانية المختصة نهاية السنة الماضية بالرباط، أبرزت أن عملية تعيين الحدود البحرية مع البلدان المجاورة تخضع لـ"اتفاق متبادل"، وهو ما لم تعترض عليه الرباط.
وكان الاتحاد الأوروبي في شخص وزير خارجية مدريد السابق والمفوض الأعلى الحالي للشؤون الخارجية والأمن لدى الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قد عبر عن ثقته بكون وزيري خارجية المغرب وإسبانيا سيكونان قادرين على حل ما وصفه بصراع ترسيم الحدود البحرية، مؤكدا بأن كلا من المغرب وإسبانيا سيكونان قادرين على حل المشكل بشكل ثنائي.
ويرى رشيد لزرق الأستاذ بكلية ابن طفيل بالقنيطرة أن على الحكومة الإسبانية إبداء موقف واضح مع المملكة المغربية والتوجه نحو تسوية جميع الإشكالات معها، لأن قرار ترسيم الحدود البحرية، هو قرار غايته إقرار السيادة المغربية على الإقليم وفق معاهدة جامايكا الصادرة عام 1982، التي دخلت حيز التنفيذ عام 1994، وتضمنت مناطق الملاحة الدولية البحرية، بين مياه داخلية وإقليمية، ومنطقة المرور البري، إلى جانب المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري".
وأضاف لزرق أن المغرب تتعاطى مع إسبانيا وفق كونه دولة ذات سيادة، ومعاهدة جامايكا نظمت الخلافات التي قد تنشأ في هذا المجال في إطار القانون الدولي والعلاقات بين البلدين، مما يفترض على إسبانيا احترام القرارات السيادية بترسيم الدولة للحدود البحرية كموقف سيادي خاص بالمملكة المغربية وللمغرب كامل الحق في ترسيم حدوده البحرية.
ويرجع التخوف الإسباني للعديد من القضايا التي تخص الحدود البحرية، خاصة وأن إسبانيا لا تزال تحتل العديد من المناطق المغربية التي لا تعترف الدولة المغربية بسيادة إسبانيا عليها في البحر المتوسط كجزيرة ليلى والجزر الجعفرية، وهما جزء من الإقليم المغربي وكذلك الشأن بالنسبة إلى سبتة ومليلية، وفي المحيط الأطلسي هناك جزر الكناري التي تعتبرها إسبانيا تابعة لسيادتها وليست أراضٍ محتلة.