لا تزال أزمة الفيضانات التي يواجهها السودان تتفاقم، إذ خرج النيل الأزرق عند ولاية سنار عن السيطرة ومسح قرى بالكامل، وغمر أحياء واسعة من مدينة سنجة، التي تبعد نحو 250 كيلومترا عن الحدود السودانية الإثيوبية.
يأتي هذا فيما يتزايد الخطر على الخرطوم ومناطق أخرى، حيث ارتفع منسوب النيل في محطة الخرطوم، الخميس، إلى 17.58 مترا، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.
وقال مسؤول في وزارة الري السودانية، إن فيضانات هذا العام الاستثنائية تؤكد ضرورة الإصرار على وجود اتفاقية تنسيق ملزمة بشأن سد النهضة الإثيوبي، لضمان تبادل البيانات التشغيلية اللازمة لسلامة تصرفات خزان الروصيرص السوداني القريب من الحدود الإثيوبية.
وقال والي سنار، سليمان الماحي، لموقع سكاي نيوز عربية، إن آلاف الأسر أصبحت بلا مأوى، فيما تستمر جهود كبيرة لإنقاذ السكان القاطنين قرب مجرى النهر في عدد من مناطق الولاية.
وأشار الماحي إلى أن الأمر "أصبح أكبر بكثير من قدرة السلطات المحلية، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السكان هناك".
وحول سبب الارتفاع الكبير الحالي في منسوب النيل الأزرق، أوضح مدير إدارة المياه بوزارة الري السودانية، عبد الرحمن صغيرون، أن الأمر يتعلق بسقوط أمطار كثيفة واستثنائية في منطقة الهضبة الإثيوبية، مشيرا إلى أن الوضع أصبح "حرجا للغاية" في ظل استقرار مناسيب نهر النيل عند أعلى مستوى منذ أكثر من 100 عام.
وفي ذات السياق، أكد مدير إدارة الخزانات في الوزارة، أحمد الصديق، اتخاذ إجراءات سريعة لكسر حدة الفيضانات، لكنه نبه إلى أنه لا يمكن حجز أو تمرير مياه خزاني سنار والروصيرص دون الالتزام بالقواعد الفنية اللازمة.
سد النهضة
ونوه إلى أن ما يحدث من فيضانات استثنائية في السودان خلال هذه الأيام، "يتطلب ضرورة التركيز في أي مفاوضات مقبلة حول سد النهضة الإثيوبي على اتفاقيات تتضمن آليات تنسيق محكمة، خصوصا في مجال تباين البيانات".
وكان خبير في مجال السدود قد قال لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن القرار الإثيوبي المفاجئ بتنفيذ الملء الأولي لسد النهضة بمقدار 4.9 مليار متر مكعب، "أربك حسابات سدي الروصيرص وسنار المتعلقة بالتفريغ الدوري، لأن القرار اتخذ من دون تنسيق مع الجهات السودانية".
وشهدت العديد من مناطق السودان فيضانات كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، مما زاد من الخسائر المادية والبشرية لموجة الفيضانات الحالية، التي بدأت نهاية يوليو.
ووفقا لإحصاءات صادرة عن المجلس القومي للدفاع المدني، فقد وصل عدد الضحايا حتى الآن إلى أكثر من 90 قتيلا، فيما تعرض قرابة الـ 20 ألف منزل للدمار الكامل، و34 ألفا لانهيار جزئي، حيث غمرت المياه قرى بكاملها في مناطق بشرق الخرطوم.
وفي ظل الارتفاع غير المسبوق لمنسوب النيلين الأزرق والأبيض، أصبحت معظم المناطق القريبة من النهرين تحت تهديد الفيضانات.
وتحاول قوات الدفاع المدني مسنودة بمئات المتطوعين من السكان، وضع المتاريس للحد من الخسائر، في وقت تشهد فيه العاصمة السودانية ومدن البلاد الأخرى تدهورا كبيرا في الخدمات والبنى التحتية والمعينات الصحية اللازمة للتعامل مع مثل هذه الحالات.