أجل فريق الوساطة، الذي يشرف على مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، التوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق بين الجانبين، والذي كان مقررا له الجمعة إلى الاثنين المقبل، وذلك لأسباب إجرائية تتمثل في عدم اكتمال الصياغة النهائية لملف الترتيبات الأمنية.
وقال رئيس فريق الوساطة، مستشار رئيس دولة الجنوب، توت قلواك، إن العمل على تنقيح الأوراق في ملف الترتيبات الأمنية في دارفور والبروتوكول السياسي في المنطقتين، سيتواصل يوم غد وبعد الغد.
وأوضح توت قلواك بأن حفل التوقيع سيخاطبه رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وسيشهده حضور كبير من السودان ووزراء خارجية دول الايقاد وتشاد والإمارات ومصر والسعودية والعديد من الدول الصديقة للسودان.
وفي ذات السياق أكد عمر الدقير، القيادي في قوى الحرية والتغيير، عضو الوفد المفاوض، عدم وجود خلافات جوهرية بين الطرفين، وقال لـ "سكاي نيوز عربية" عبر الهاتف من جوبا، إن التوقيع على الاتفاق مع الجبهة الثورية سيفتح الباب أمام إجراء مفاوضات جادة ومثمرة مع الحركات غير الموقعة.
ويأتي الاتفاق المتوقع بعد مفاوضات استمرت نحو 10 أشهر في جوبا عاصمة جنوب السودان، لكنها شهدت غيابا لافتا لجيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد، الذي يسيطر على مواقع مهمة في منطقة جبل مرة بدارفور، كما شهدت تعثرا في مسار الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبدالعزيز الحلو الذي تقاتل قواته في جنوب كردفان.
لكن إضافة إلى غياب حركتي الحلو ونور، يعتقد مراقبون أن تشظي الحركات الدارفورية، وانقسامها إلى أكثر من 80 حركة خلال السنوات الماضية، يمكن أن يشكل عقبة عملياتية أمام إمكانية صمود الاتفاق، خصوصا في جانب الترتيبات الأمنية.
وسيشمل الاتفاق عددا من الحركات التي تقاتل في إقليم دارفور مثل جيش تحرير السودان بقيادة أركي مناوي وحركة العدل والمساواة التي أسسها خليل إبراهيم، الوزير السابق في حكومة البشير، شقيق الرئيس الحالي للحركة جبريل إبراهيم.
ومنذ نهاية العقد الخامس من القرن الماضي، ظل السودان يعيش حروبا أهلية حصدت أرواح نحو 4 ملايين شخص، وأجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح الداخلي هربا من الموت أو اللجوء إلى بلدان أخرى بحثا عن الأمان والاستقرار.
ورغم انحسار الحرب منذ 1955 في جنوب السودان الذي انفصل وفقا لمقررات مؤتمر نيفاشا وكون دولته المستقلة في العام 2011، إلا أن نطاقها الجغرافي بدأ في الاتساع مع مطلع الألفية الحالية ليشمل مناطق عديدة في دارفور، وجنوب كردفان والنيل الأزرق، مما أدى إلى إهدار كم ضخم من الموارد، وتسبب في خسائر مادية مباشرة وغير مباشرة تقدر بأكثر من 600 مليار دولار.