رغم أن قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الثلاثاء، أدان شخصا واحدا في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، قبل 15 عاما، إلا أنها تعني سياسيا بشكل ضمني إدانة ميليشيات حزب الله، بحسب مراقبين.
وكانت المحكمة الدولية قضت غيابيا بإدانة سليم عياش، القيادي الأمني والعسكري في حزب الله في اغتيال الحريري.
وقال القاضي ديفيد ري وهو يتلو ملخصا للحكم الذي جاء في 2600 صفحة إن سليم جميل عياش أدين بالقتل وارتكاب عمل إرهابي فيما يتصل بقتل الحريري و21 آخرين.
وأضاف أنه لا توجد أدلة بخصوص تورط 3 متهمين آخرين في القضية، وهم: أسعد صبرا، وحسن عنيسي، وحسن حبيب مرعي.
وعلق زعيم تيار المستقبل ونجل رئيس الوزراء الراحل، سعد الحريري، على الحكم قائلا "عرفنا الحقيقة اليوم ونحتاج لتحقيق العدالة".
وتابع: "لن نستكين حتى تنفيذ القصاص بقتلة رفيق الحريري ولن نساوم على دمه".
ودعا الحريري حزب الله إلى "التضحية" وتسليم القاتل، قائلا:" التضحية يجب ان تكون اليوم من حزب الله الذي أصبح واضحا أنّ شبكة القتلة خرجوا من صفوفه، ويعتقدون أنّه لهذا السبب لن يتسلموا إلى العدالة وينفذ فيهم القصاص، لذلك أكرّر: لن أستكين حتى يتم تسليمهم للعدالة ويتنفذ فيهم القصاص، اللبنانيون لن يقبلوا بعد اليوم أن يكون وطنهم مرتعا للقتلة أو ملجأ للهروب من العقاب".
خياران أمام حزب الله
ويقول الكاتب والباحث السياسي، طوني أبي نجم، في حديث إلى "سكاي نيوز عربية":" إننا أمام حكم دولي، وعلى حزب الله تسليمه (سليم عياش)، فهو قيادي أمني وعسكري في الحزب، وفي حال تم ذلك فإن المحاكمة ستعاد لأن الحكم غيابي".
وأضاف أبي نجم أنه من المتوقع ألا يقدم حزب الله على تسليم عياش، ويكون بذلك قد "أدان الحزب نفسه بشكل مباشر".
واعتبر أن قرار المحكمة الدولية أكد "أن الجريمة كانت إرهابية بخليفة سياسية، إذ لم تكن هناك مشكلات شخصية بين المتهمين والحريري".
إدانة سياسية
وأضاف أن قرار المحكمة يوحي بأن المتهمين متورطين في جهود أكبر، ولم يكن بوسع أشخاص معدودين أن يقوموا بها، مشيرا إلى أن الحكم كان أقصى ما يمكن أن تحققه المحكمة، لأنها لا تحكم على دول وكيانات.
ورأى أنه بالمعنى السياسي فقرار إدانة عضو حزب الله يوجه ضمنيا اتهاما لحزب الله وسوريا، لأن لديهما مصلحة في اغتيال رفيق الحريري.
سيزيد الشرخ
أما الكاتب الصحفي، رضوان عقيل، فرأى في حديث إلى "سكاي نيوز عربية " أنه لن تحدث هناك أي توترات في الشارع اللبناني، مشيرا إلى "الكلام العاقل" الذي وجهه الحريري الابن إلى أنصار تيار المستقبل واللبنانيين عقب الحكم جاء لتفادي أي تبعات.
وأضاف أن جمهور قوى "14 آذار" (التي تضم المستقبل وغيره من القوى المعارضة لحزب الله) في حالة صدمة على مستوى القادة والقواعد، لأنه كان يتوقع أن يطال الحكم كل المتهمين.
وشدد على أن المرحلة التي ستلي الحكم ستزيد من مساحة الشرخ بين حزب الله وتيار المستقبل حيث سيتصارعان في السياسة من دون الدخول في مواجهات دامية، لكن الحريري يؤكد على مسار العدالة ولا يريد الانتقام.
وقال إنه من غير المعقول أن ينفذ أحد أعضاء حزب الله عملا بمفرده، نظرا لطبيعة "هذه الماكينة الحديدية"، فأصغر عنصر وأكبر عنصر فيها لا يقدم على أي عملية دون الرجوع إلى قيادته".
ورأى أن الحكم حمل مفارقة، فعملية اغتيال مثل الحريري لا يمكن أن تتم عبر فرد واحد.
مصداقية المحكمة
ومن وجهة نظر قانونية، أوضح أستاذ القانون بول مرقص، في حديث إلى "سكاي نيوز عربية" إن الحكم يضفي مصداقية على المحكمة لأنها لا تأخذ بأدلة معيوبة، بل تعتمد البراهين القاطعة التي تخلو من أي شك.
وتابع أن إدانة سليم عياش تأتي نتيجة قناعة توصلت إليها المحكمة، وعدم إدانة الآخرين نتيجة غياب قناعة مماثلة، "لكن هذا لا يعني أنهم لم يشتركوا على نحو مباشر أو غير مباشر، بل ربما اشتركوا على نحو لم يتضح للمحكمة".
وقال إن عدم إدانة دول أو كيانات معنوية فهذا يأتي لأن نظام المحكمة ينص على إدانة الأفراد فقط، وهذا لا يعني أن المحكمة أخطأت.