عبر الرئيس التونسي قيس سعيد، الخميس، عن أسفه بشأن التداخل الموجود بين القضاء والسياسة، مشيرا إلى خطورة ذلك الأمر.
وقال سعيد، خلال خطاب بمناسبة العيد الوطني للمرأة: ''للأسف قصور العدالة تتسلل إليها إلى حدّ يوم الناس هذا السياسة، وحين تتسلل السياسة إلى قصور العدالة ويجلس رجال السياسة على آرائك القضاة بلباس القضاة فإن العدالة تخرج من تلك القصور".
ويأتي خطاب الرئيس التونسي، في أعقاب القرارات التي أعلنها المجلس الأعلى للقضاء في تونس، الأربعاء، التي تعلقت بحركة القضاء في البلاد، وكان أهمها عزل وكيل الجمهورية من منصبه القضائي، وتحويله للعمل الإداري في وزارة العدل.
وكان وكيل الجمهورية بشير العكرمي تعرض للعديد من الانتقادات من محامي هيئة الدفاع عن المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، حيث اتهم بـ"القرب من حركة النهضة والتستر على ملف الجهاز السري للحركة".
وقبل ذلك، كانت منظمة "أي واتش" الرقابية، دعت قيس سعيّد ورئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ والمجلس الأعلى للقضاء إلى إقالة العكرمي.
وطالبت المنظمة في رسالة مفتوحة في 29 يوليو الماضي ''بالتحلي بالشجاعة الكافية لإقصاء كل من تسبب من قريب أو من بعيد في أزمة القضاء وتراجع ثقة المواطن فيه''، مشددة على ضرورة أن يشمل الاقصاء ''كل من تحوم حوله الشبهات، وكل من لم ينتهج الإصلاح والشفافية في ممارسة مهامه".
اختراق القضاء
وكانت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي أعلنت في 23 يوليو الماضي أن محكمة التعقيب (النقض) قررت سحب ملف قضية الجهاز السري لحركة النهضة، من المحكمة الابتدائية بتونس وإحالته إلى محكمة أريانة (شمال العاصمة)، بعد أن اتهمت العكرمي، بمحاولة "تعطيل كشف الحقيقة في قضية الجهاز السري".
واعتبرت الهيئة أن هذا القرار سيغير مجرى القضية ويطلق يد قاضي التحقيق في بحثه عن الحقيقة، وبالتالي تعطل دور بشير العكرمي بقضية الجهاز السري لحركة النهضة، والغرفة السوداء في وزارة الداخلية، بعد سنوات من نجاح النهضة في اختراق القضاء ومحاولة توظيفه لخدمتها.
وكانت هيئة الدفاع كشفت، في أكتوبر 2018 عن وجود "غرفة سوداء في وزارة الداخلية تتضمن وثائق مسروقة من ملف قضائي عثر عليها بحوزة المتهم مصطفى خضر"، مؤكدة "وجود جهاز سري لحركة النهضة يقف وراء عمليتي اغتيال بلعيد والبراهمي".
من جانبه قال رضا الرداوي رئيس هيئة الدفاع، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "حاول العكرمي لسنوات تعطيل كشف الحقيقة في ملف الجهاز السري لحركة النهضة، من خلال محاولة منع المتضررين من طلب مباشرة التحقيق ضد راشد الغنوشي مع 15 من قيادات سياسية وأمنية لحركة النهضة على المسؤولية الخاصة. وهي عملية تتطلب أن يتضمن قرار فتح البحث في الجهاز السري مصطلح قانوني يوضع أسفل قائمة المتهمين، والحفظ في حق من عداهم".
وتابع" الرداوي: "وبهذه الخزعبلات القانونية ظل بشير العكرمي ماسكا للمسار الاتهامي لقضية الجهاز السري لحركة النهضة، حتى بعد فتح تحقيق".
وأوضح: "وإلى جانب اللجوء إلى الخزعبلات الإجرائية لتحصين القيادات السياسية والأمنية لحركة النهضة، حاول العكرمي الاعتداء على هيئة الدفاع وفتح بحث تحقيقي ضد 6 منهم لمطالبتهم بتفكيك التمكين القضائي."
وجاء في قرار الحركة القضائية لعام 2020–2021، الصادر عن مجلس القضاء العدلي المنضوي تحت المجلس الأعلى للقضاء، أنه تم نقل بشير العكرمي لمنصب مدعي عام للشؤون الجزائية، وتعيين عماد الجمني، عميد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس، وكيلاً للجمهورية.
يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها الرئيس التونسي، مسألة استقلالية القضاء ومحاولات اختراقه من طرف جهات سياسية. ففي 23 يوليو الماضي، طالب سعيد بشكل معلن، بالتحقيق في التلاعب بسير قضية تخص حادث سير تسبب في إلحاق أضرار بسيارة فارهة على ملك الدولة ضد وزير النقل المُقال أنور معروف والذي ينتمي لحزب حركة النهضة. مشيراً إلى أنه يتابع عديد الملفات الأخرى، سواء تلك المحفوظة أو تلك التي يراد التعتيم عليها أو إخفاؤها" وفقاً لبيان للرئاسة.
وكان سعيد أكد، في يوليو الماضي، حرصه على كشف حقيقة اغتيال المعارضين محمد البراهمي وشكري بلعيد عام 2013، مشدداً على أن "دماء الشهداء لن تذهب هباء"، ومجددا "حرصه على تطبيق القانون على الجميع".
وأضاف: "حريص على أن توفر الدولة كل إمكانياتها لكشف الحقيقة الكاملة لاغتيال البراهمي وبلعيد، وغيرهما من شهداء الوطن".