دخلت المواجهات في بيروت، الأحد، يومها الثاني بين محتجين غاضبين على الحكومة بعد كارثة مرفأ بيروت، وقوات الأمن، في وقت قدم عدد من الوزراء والنواب باستقالاتهم، لكن رئاسة الحكومة لا تزال متمسكة بالبقاء.
وشهد محيط مقر البرلمان اللبناني تجدد المواجهات بين محتجين وقوات الأمن، عصر الأحد، بعد يوم من مواجهات عنيفة بين الطرفين.
وقال مراسل "سكاي نيوز عربية" إن المحتجين حاولوا إزالة العوائق التي وضعتها السلطات لمنعهم من الوصول إلى مقر البرلمان، فيما تحاول قوات الأمن صدهم.
وأضاف أن جولة من المواجهات اندلعت في عدد من الشوارع المحيطة بالبرلمان فيما يمكن مشاهدة الدخان الكثيف الناجم عن القنابل المسيلة للدموع في أرجاء المنطقة.
واندلع حريق عند مدخل ساحة البرلمان فيما حاول المتظاهرون اختراق منطقة محاطة بسياج حسبما أظهرت لقطات تلفزيونية. واقتحم المحتجون أيضا مكاتب وزارة الأشغال والنقل.
وتوعدت قيادة الجيش اللبناني بالتصدي للمتظاهرين الذين يرتكبون أعمال شغب وتكسير وحرق وتعدٍ على الممتلكات العامة والخاصة، بحسب بيان.
ودعا المحتجون إلى انتفاضة لا تتوقف عند حد الإطاحة بالزعماء السياسيين، وسط غضب عارم من جراء الانفجار المدمر.
وطالب المتظاهرون الحكومة بالاستقالة، بسبب ما وصفوه بالإهمال الذي أدى إلى انفجار الثلاثاء. وتحول الغضب إلى مشاهد عنف في وسط بيروت السبت.
وأدى الانفجار إلى مقتل 158 شخصا وإصابة أكثر من 6 آلاف ودمار أحياء بأكملها في العاصمة، وتسبب في تفاقم الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي يواجهه لبنان.
الحكومة "مستمرة"
وانتهى اجتماع للحكومة اللبنانية، الأحد، دون إصدار أي بيان، وسط دعوات في الشارع باستقالتها، رغم استقالة 3 وزراء.
وقال وزير الصناعة اللبناني عماد حب الله، المعين عبر حصة حزب الله، إن "حكومة حسن دياب صامدة ومستمرون بالعمل".
وقال البطريرك، بشارة الراعي، رأس الكنيسة المارونية، إن الحكومة يجب أن تستقيل إن لم تستطع تغيير "طريقة حكمها".
وأضاف في قداس الأحد "استقالة نائب من هنا ووزير من هناك لا تكفي بل يجب، تحسُسا مع مشاعر اللبنانيين وللمسؤولية الجسيمة، الوصول إلى استقالة الحكومة برمتها إذ باتت عاجزة عن النُهُوض بالبلاد، وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلا مِن مجلسٍ بات عاطلا عن عمله".
وقالت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إنها تقدمت باستقالتها، وعزت ذلك إلى الانفجار وإخفاق الحكومة في تنفيذ إصلاحات.
وذكرت الوزيرة في مؤتمر صحفي "أعتذر من اللبنانيين الذين لم نتمكن من تلبية طموحاتهم. التغيير بقي بعيد المنال (...)".
وبعد ساعات، تقدم وزير البيئة اللبناني، دميانوس قطار، باستقالته إلى رئيس الحكومة حسان دياب.
وجاءت استقالة الوزيرين بعد أيام من استقالة وزير الخارجية نصيف حتي قبل وقوع الكارثة بيوم، احتجاجا على الأداء الحكومي.
وبدوره، تقدم النائب المستقل، نعمة إفرام، باستقالته من البرلمان اللبناني.
وكانت احتجاجات، السبت، أكبر تعبير عن الغضب منذ أكتوبر عندما خرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع احتجاجا على الفساد وسوء الحكم والإدارة.
وتجمع نحو 10 آلاف شخص في ساحة الشهداء التي تحولت إلى ساحة حرب في المساء بين الشرطة والمحتجين الذين حاولوا إسقاط حاجز على الطريق المؤدي إلى البرلمان. واقتحم بعض المتظاهرين وزارات حكومية وجمعية مصارف لبنان.
وتحدى المتظاهرون قنابل الغاز المسيل للدموع التي أطلقت عليهم بالعشرات ورشقوا قوات الأمن بالحجارة والمفرقعات، مما استدعى نقل بعض أفراد الشرطة إلى سيارات إسعاف للعلاج من الإصابات التي لحقت بهم.
واستضاف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقادة سياسيين آخرين، الأحد، في مؤتمر للمانحين تدعمه الأمم المتحدة عبر الفيديو لجمع مساعدات طارئة من أجل لبنان.
وضرب الانفجار مدينة تعاني من أزمة اقتصادية وجائحة فيروس كورونا. وبالنسبة لكثيرين، فقد كان ذلك بمثابة تذكير مروع بالحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و 1990 وتسببت في تمزيق الأمة وتدمير مساحات شاسعة من بيروت، والتي أعيد بناء الكثير منها منذ ذلك الحين.
وقال مارون شحادة "عملت في الكويت لمدة 15 عاما في مجال الصرف الصحي لتوفير المال وبناء محل لبيع الهدايا في لبنان وقد دمره الانفجار.. لن يتغير شيء حتى يغادر قادتنا". ودمر الانفجار أحياء بأكملها.