دخل محافظ بيروت مروان عبود، في موجة من البكاء، أثناء حديثه إلى مراسلة "سكاي نيوز عربية"، الثلاثاء الماضي، وهو يتفقد مكان انفجار مرفأ بيروت، مشبها ما حدث بما حصل بالقصف الذري الأميركي على هيروشيما وناغازاكي باليابان إبان الحرب العالمية الثانية في أغسطس 1945، لكن هناك حالة أخرى أيضا تصف ما حدث.

فبحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإن الانفجار في مرفأ بيروت، يماثل في أسبابه الانفجار الذي وقع في المفاعل النووي الروسي في تشرنوبل في أواخر أبريل 1986، الذي كان نتاجا "للغطرسة والإهمال والسلطوية، التي خلقت نظامًا فاسدا، سمح بحدوث تلك الكارثة"، على حد تعبيرها.

وبالمثل -تقول المجلة الأميركية- إن المسؤولية عن انفجار مرفأ بيروت لا تقع بالتأكيد على عاتق عمال الموانئ الذين فشلوا في إجراء السلامة المتعلقة بشحنة نترات الأمونيوم التي تسبب بالانفجار، بل تقع على عاتق الأشخاص الذين وضعوهم هناك والذين أنشأوا نظاما فاسدا منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.

أخبار ذات صلة

بالمكانس والحجارة.. طرد محافظ بيروت من أحد أحياء العاصمة

"لعبة إلقاء اللوم"

وتضيف المجلة: "على الرغم من انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية رسميًا في 1990، فإن معظم أمراء الحرب الباقين على قيد الحياة، الذين أفلتوا من المساءلة عن عقود من الفظائع، قاموا ببساطة بتبديل زي الميليشيات بآخر أنيق، وسيطروا على ما تبقى من لبنان الهش بعد الحرب".

وبذلك، تتشابه كارثة تشرنوبل قبل عقود، من حيث الجذور، مع تلك التي ضربت مرفأ بيروت الأسبوع الماضي، وتقول المجلة إن الكارثتين في الحالتين كانتا "نتيجة عدم الكفاءة الفادحة، والفساد المستشري والإهمال"، متوقعة أن تستمر تداعيات انفجار بيروت سنوات، تماما مثلا كان مع انفجار مفاعل تشرنوبل.

وأشارت المجلة إلى ما سمته "لعبة إلقاء اللوم"، التي يتقاذفها السياسيون اللبنانيون منذ عقود مثل الكرة، وذلك في كل مرة تجد البلاد نفسها أمام أزمة جديدة ومأزق عصيب، إذ يتقن هؤلاء "فن التهرب من المسؤولية"، وتوجيه كل منها أصابع الاتهام إلى الآخر، بينما تبقى تكبر معاناة الناس العاجزين أمام سطوة الطوائف السياسية في لبنان.

أخبار ذات صلة

مسؤولو التخزين والحراسة بميناء بيروت "إلى الإقامة الجبرية"

"تراكم المصائب"

ولم يكن ينقص لبنان المزيد من الأزمات، خصوصا في الآونة الأخيرة، لتأتي كارثة انفجار مرفأ بيروت التي "قصمت ظهر البعير"، وفق المثل العربي الشهير، بحسب المجلة.

فبالبلاد تعاني أصلا من تفشي فيروس كورونا، وقبلها كانت تعيش على وقع مظاهرات ضد الفساد، التي جاءت بعد أشهر من أزمة جبال القمامة التي ملأت شوارع البلاد، فضلا عن أزمة اللاجئين السوريين، ومحاولة جر البلاد إلى الحرب في سوريا. يضاف إلى ذلك انهيار الليرة وارتفاع التضخم وازدياد الفقر وفقدان القدرة على سداد الديون الخارجية.

وفي حديثه إلى صحيفة "تلغراف" في يونيو الماضي، قال مارتن كوليتز، الأستاذ المساعد في الجامعة الأميركية في بيروت: "بحلول نهاية العام، سنرى 75 بالمئة من السكان يحصلون على معونات غذائية. لكن السؤال هو ما إذا كان سيكون هناك غذاء لتوزيعه؟".